الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسْلِمًا وَ (سَوَاءٌ أَضَافَهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ (إلَى اللَّهِ كَقَوْلِهِ وَمَعْلُومُ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ وَبَيْتِهِ أَوْ لَمْ يُضِفْهُ مِثْلَ وَالْكَعْبَةِ وَالنَّبِيِّ وَأَبِي وَغَيْرِ ذَلِكَ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ.
(وَيُكْرَهُ) الْحَلِفُ (بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُت» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[فَصْل شُرُوطْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ]
فَصْل (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُنْعَقِدَةِ إمَّا غَمُوسٌ أَوْ نَحْوَهَا وَإِمَّا لَغْوٌ وَلَا كَفَّارَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَهِيَ) أَيْ الْمُنْعَقِدَةُ (الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ وَالْحِنْثُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ لِلْحِنْثِ وَالْمَنْعِ (بِأَنْ يَقْصِدَ عَقْدَهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] .
فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْأَيْمَانِ الْمُنْعَقِدَةِ، فَظَاهِرُهُ إرَادَةُ الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الزَّمَانِ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي (فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ النَّائِمِ وَ) لَا يَمِينُ (الصَّغِيرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَ) لَا يَمِينُ (الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمْ) كَزَائِلِ الْعَقْلِ بِشُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ مُحَرَّمٍ مُكْرَهًا لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» .
(وَ) لَا يَنْعَقِدُ (مَا عُدَّ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89](فَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي فَلَيْسَتْ مُنْعَقِدَةً) لِأَنَّ شَرْطَ الِانْعِقَادِ إمْكَانُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَاضِي (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي (نَوْعَانِ غَمُوسٌ وَهِيَ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا) عَلَى الْمَاضِي (كَاذِبًا عَالِمًا) سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا (تَغْمِسُهُ) أَيْ الْحَالِف بِهَا (فِي الْإِثْمِ ثُمَّ فِي النَّارِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ " كُنَّا نَعُدّ مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي لَا كَفَّارَةَ فِيهَا الْيَمِينَ الْغَمُوسَ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ (وَيُكَفِّرُ كَاذِبٌ فِي لِعَانِهِ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ كَمَا فِي الْمُبْدِعِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ (وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ لِذَاتِهِ أَوْ) مُسْتَحِيلٍ لِ (غَيْرِهِ كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لِأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أَوْ إنْ لَمْ أَصْعَدْ أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ
إنْ فِيهِ مَاءٌ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْهُ أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَأَقْتُلَنَّهُ) أَيْ زَيْدًا مَثَلًا (فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ عَلِمَهُ) مَيِّتًا (أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ) لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ (وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ مَأْيُوسٌ مِنْهُ (وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ إنْ طِرْتُ أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا طِرْتُ أَوْ) وَاَللَّهِ إنْ أَوْ لَا (صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ) وَاَللَّهِ إنْ أَوْ لَا (شَاءَ الْمَيِّتُ أَوْ) وَاَللَّهِ إنْ أَوْ لَا (قَلَبْتَ الْحَجَرَ ذَهَبًا أَوْ) وَاَللَّهِ إنْ أَوْ لَا (جَمَعْتَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ أَوْ) النَّقِيضِينَ (أَوْ) وَاَللَّهِ إنْ أَوْ لَا (رَدَدْتَ أَمْس أَوْ) وَاَللَّهِ إنْ أَوْ لَا (شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ وَنَحْوَهُ) مِنْ الْمُسْتَحِيلَاتِ (فَهَذَا لَغْوٌ) وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.
(وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي) بَابِ (الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ) وَإِنَّ الْعِتْقَ وَالظِّهَارَ وَنَحْوِهَا كَذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا يَفْعَلَنَّ) فُلَانٌ كَذَا فَلَمْ يُطِعْهُ (أَوْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ) يَا فُلَانُ (كَذَا أَوْ لَا تَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَمْ يُطِعْهُ حَنِثَ الْحَالِفُ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَالِفِ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَالْأَكْثَرِ وَ (لَا) تَجِبُ الْكَفَّارَةُ (عَلَى مَنْ أَحْنَثَهُ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89](وَإِنْ قَالَ أَسْأَلُكَ بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ وَأَرَادَ الْيَمِينَ فَكَالَّتِي قَبْلَهَا) يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ (وَإِنْ أَرَادَ الشَّفَاعَةَ إلَيْهِ بِاَللَّهِ) تَعَالَى (فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ) لِعَدَمِ الْإِقْسَامِ (وَيُسَنُّ إبْرَارُ الْقَسَمِ) لِقَوْلِ الْعَبَّاسِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُبَايِعَنَّهُ فَبَايَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبْرَرْتُ قَسَمَ عَمِّي» وَلَا يَجِبُ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَقْسَمْتُ عَلَيْك لَتُخْبِرَنِّي بِمَا أَصَبْتُ مِمَّا أَخْطَأْت فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (ك) مَا يُسَنُّ (إجَابَةُ سُؤَالٍ بِاَللَّهِ) قِيَاسًا عَلَى الْقَسَمِ بِهِ (وَلَا يَلْزَمُ) ذَلِكَ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنَّمَا تَجِبُ عَلَى مُعَيَّنٍ إجَابَةُ سَائِلٍ يُقْسِمُ عَلَى النَّاسِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ «وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَسْأَلُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْطَى بِهِ» فَدَلَّ عَلَى إجَابَةِ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ (وَإِنْ أَجَابَهُ إلَى صُورَة مَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ دُون مَعْنَاهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَعْنَى) أَيْ الْمَقْصُودِ (فَحَسَنٌ) لِأَنَّ فِيهِ صُورَةَ إجَابَةٍ.
(وَ) النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ نَوْعَيْ الْحَلِفِ عَلَى الْمَاضِي (لَغْوُ الْيَمِينِ وَهُوَ سَبْقُهَا عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَقَوْلِهِ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ فِي عَرْضِ حَدِيثِهِ) لِحَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى