الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ]
(فَصْلٌ) فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ (وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا مَحْضًا وَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْجَائِفَةِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ «لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا» وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ فَيَكُونَ كَالْإِجْمَاعِ: وَعَنْ عُمَرَ نَحْوُهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمِّ إلَّا أَنْ تَشَاءَ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَلِأَنَّ حَمْلَ الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ إنَّمَا هُوَ مُوَاسَاةٌ لِلْعُذْرِ وَالْعَامِدُ لَيْسَ بِمَعْذُورٍ (وَلَا) تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ (عَبْدًا قَتَلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَلَا دِيَةَ (طَرَفِهِ وَلَا جِنَايَتِهِ) لِمَا سَبَقَ (وَلَا) تَحْمِلُ (قِيمَةَ دَابَّةٍ) كَالْعَبْدِ (وَلَا) تَحْمِلُ (صُلْحَ إنْكَارٍ وَلَا) تَحْمِلُ (اعْتِرَافًا بِأَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ تُوجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ إنْ لَمْ تُصَدِّقهُ الْعَاقِلَةُ) لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا) تَحْمِلُ (مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَهِيَ دِيَةُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) لِقَضَاءِ عُمَرَ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ عَقْلَ الْمَأْمُومَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ، فَكَانَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ لَكِنْ خُولِفَ فِي الثُّلُثِ لِإِجْحَافِهِ بِالْجَانِي لِكَثْرَتِهِ فَمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ وَالثُّلُثُ حَدُّ الْكَثِير لِلْخَبَرِ (إلَّا غُرَّةُ جَنِينٍ مَاتَ مَعَ أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٌ أَوْ) مَاتَ (بَعْدَ مَوْتِهَا) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَاحِدَةٌ فَتَبِعَهَا مَعَ زِيَادَتِهَا مَعَ الثُّلُثِ وَ (لَا) تَحْمِلُ الْغُرَّةَ إنْ مَاتَ الْجَنِينُ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ أُمِّهِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنَايَةِ فَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ (لِنَقْصِهِ عَنْ الثُّلُثِ) وَلَا تَبَعِيَّةَ لِمَوْتِهِ قَبْلَهَا (فَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ الْعَمْدُ الْمَحْضُ وَقِيمَةُ الدَّابَّةِ وَصُلْحِ الْإِنْكَارِ وَالِاعْتِرَافِ وَمَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ (فِي مَالِ الْجَانِي حَالًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَانِي حَالًا لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفِ قِيمَةِ الْمَتَاعِ خُولِفَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِدَلِيلِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَتَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (دِيَةَ الْمَرْأَةِ) الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّهَا نِصْفُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ دِيَةِ الْكَافِرَةِ فَلَا تَحْمِلُهَا لِأَنَّهَا دُونَ الثُّلُثِ (وَتَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (مِنْ جِرَاحِهَا) أَيْ الْمُسْلِمَةِ (مَا يَبْلُغُ أَرْشُهُ ثُلُثَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَر كَدِيَةِ أَنْفِهَا) لِأَنَّ فِيهِ دِيَتَهَا وَهِيَ نِصْفُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَ (لَا) فَتَحْمِل دِيَةَ (يَدِهَا) لِأَنَّهَا نِصْفُ دِيَتِهَا وَهِيَ الرُّبْعُ (وَكَذَا حُكْمُ الْكِتَابِيِّ) فَتَحْمِلُ دِيَتَهُ وَمَا يَبْلُغُ أَرْشُهُ مِنْ جِرَاحَةِ
ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ كَأَنْفِهِ وَلِسَانِهِ لَا يَدِهِ وَرِجْلِهِ (وَلَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ لِأَنَّهَا دُونَ الثُّلُثِ وَتَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (شِبْهَ الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَاهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ» الْحَدِيثَ، وَتَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ قِصَاصًا كَالْخَطَإِ.
(وَمَا يَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ) لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مِنْ الشَّرْعِ وَلَمْ يَرِد بِهِ (وَتَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَيَحْمِلُ كُلُّ إنْسَانٍ مَا يَسْهُلُ) عَلَيْهِ (وَلَا يَشُقُّ) لِأَنَّ التَّحَمُّلَ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ لِلْقَاتِلِ وَالتَّخْفِيفِ عَنْهُ وَلَا يُخَفَّفُ عَنْ الْجَانِي مَا يَثْقُلُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْإِجْحَافَ وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا كَانَ الْجَانِي أَحَقَّ بِهِ (وَيَبْدَأُ) الْحَاكِمُ (بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَعَصَبَاتٍ فِي مِيرَاثٍ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ بَعِيدٍ لِغَيْبَةِ قَرِيبٍ) لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ (فَإِنْ اتَّسَعَتْ أَمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (لَمْ يَتَجَاوَزهُمْ) أَيْ لَمْ يَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ فَتَقَدَّمَ الْأَقْرَبُ كَالْمِيرَاثِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ أَمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لَهَا (انْتَقَلَ إلَى مَنْ يَلِيهِمْ) لِأَنَّ الْأَقْرَبِينَ لَوْ لَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِمَنْ يَلِيهِمْ فَكَذَا إذَا تَحَمَّلَ الْأَقْرَبُونَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَبَقِيَتْ بَقِيَّةُ (فَيَبْدَأُ بِالْآبَاءِ ثُمَّ بِالْأَبْنَاءِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْإِنْصَافِ: أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَبْنَاءِ ثُمَّ بِالْآبَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَلَامَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (ثُمَّ بِالْإِخْوَةِ) يُقَدِّمُ مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ (ثُمَّ بَنِيهِمْ) كَذَلِكَ (ثُمَّ أَعْمَامِ بَنِيهِمْ) كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَارِبِ الْأَبِ ثُمَّ بَنِيهِمْ كَذَلِكَ (ثُمَّ أَعْمَامِ الْجَدِّ ثُمَّ بَنِيهِمْ كَذَلِكَ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُنَاسِبُونَ) أَيْ الْعَصَبَةُ مِنْ النَّسَبِ (فَعَلَى الْمَوْلَى الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَلَى عَصَبَاتِهِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبِ كَالْمِيرَاثِ (فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ) لِلْجَانِي (امْرَأَةً حَمَلَ عَنْهَا جِنَايَةَ عَتِيقهَا مَنْ يَحْمِلُ جِنَايَتَهَا مِنْ عَصَبَاتِهَا) كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ.
وَقَوْلُهُ حَمَلَ عَنْهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَلَاءَ لَهُمْ مِنْ جَرَّائِهَا وَنَسَبِهَا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً لَا عَلَيْهَا ثُمَّ تَحَوَّلَتْ إلَيْهِمَا (ثُمَّ عَلَى مَوْلَى الْمَوْلَى) أَيْ مُعْتِقِ الْمُعْتِق (ثُمَّ عَلَى عَصَبَاتِهِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبِ) مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ مِنْ الْوَلَاءِ (كَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ فَيُقَدِّمُ مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ) مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ (وَإِنْ تَسَاوَى جَمَاعَةٌ فِي الْقُرْبِ وَكَثُرُوا) كَالْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَزَّعَ مَا يَلْزَمهُمْ بَيْنَهُمْ) كَالْمِيرَاثِ (وَمَنْ صَارَ أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا عِنْدَ الْوُجُوبِ كَفَقِيرٍ يَسْتَغْنِي وَصَبِيٍّ يَبْلُغُ وَمَجْنُونٍ يُفِيقُ دَخَلَ فِي التَّحَمُّلِ) لِأَنَّهُ فِي وَقْت الْوُجُوبِ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ أَشْبَهَ مَنْ كَانَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ كَذَلِكَ (وَعَاقِلَةُ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ) الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَوَلَدِ الزِّنَا (عَصَبَةُ أُمِّهِ) لِأَنَّهُمْ عَصَبَتُهُ الْوَارِثُونَ لَهُ.