الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَضَاجِعَانِ فَاسْتَدَامَ أَوْ ضَاجَعَتْهُ وَدَامَ حَنِثَ) لِأَنَّ الْمُسْتَدِيمَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ: رَكِبَ شَهْرًا وَلَبِسَ شَهْرًا وَنَحْوَهُ وَقَدْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ الِاسْتِدَامَةُ هُنَا فِي الْإِحْرَامِ حَيْثُ حَرَّمَ لِبْسَ الْمَخِيطِ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِاسْتِدَامَتِهِ كَمَا لَوْ أَوْجَبَهَا فِي ابْتِدَائِهِ (وَكَذَا) لَوْ حَلَفَ (لَا يَطَؤُهَا) فَدَامَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُمْسِكُ) شَيْئًا فَدَامَ (أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فَدَامَ) عَلَى ذَلِكَ فَيَحْنَثُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ عَلَيْهِ فَأَقَامَ) الْحَالِفُ (مَعَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَقَامِ كَابْتِدَائِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَكَذَا هُنَا (مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْحَالِفِ (نِيَّةٌ) أَوْ لِلْيَمِينِ سَبَبٌ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.
[فَصْل وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا]
أَوْ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَهُوَ مُسَاكِنُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ فِي الْحَالِ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ مَعَ إمْكَانِهِ حَنِثَ) لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ السُّكْنَى سُكْنَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ سَكَنَ الدَّارَ شَهْرًا (إلَّا أَنْ يُقِيم لِنَقْلِ مَتَاعِهِ) وَأَهْلِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ وَإِنْ تَرَدَّدَ إلَى الدَّارِ لِنَقْلِ الْمَتَاعِ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ لَمْ يَحْنَثْ، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِسُكْنَى (أَوْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الْخُرُوجَ فَيُقِيمُ إلَى أَنْ يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ) لِأَنَّهُ أَقَامَ لِدَفْعِ الضَّرَر وَإِزَالَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ النَّهْي وَيَكُونُ خُرُوجُهُ (بِحَسَبِ الْعَادَةِ) لَا لَيْلًا (فَلَوْ كَانَ ذَا مَتَاعٍ كَثِيرٍ فَنَقَلَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ لَا يَتْرُكُ النَّقْلَ الْمُعْتَادَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ.
(وَإِنْ أَقَامَ عَلَى) ذَلِكَ (أَيَّامًا) لِلْحَاجَةِ (وَلَا يَلْزَمُهُ جَمْعُ دَوَابِّ الْبَلَدِ لِنَقْلِهِ وَلَا) يَلْزَمُهُ أَيْضًا (النَّقْلُ وَقْتَ الِاسْتِرَاحَةِ عِنْدَ التَّعَبِ وَلَا أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ (وَإِنْ خَرَجَ دُونَ مَتَاعِهِ) الْمَقْصُودِ (وَأَهْلِهِ) مَعَ إمْكَانِ نَقْلِهِمْ (حَنِثَ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ) وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ سَاكِنٌ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ (إلَّا أَنْ يُودِعَ مَتَاعَهُ أَوْ يُعِيرَهُ أَوْ يَزُولَ مُلْكُهُ عَنْهُ أَوْ تَأْبَى امْرَأَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ إكْرَاهُهَا أَوْ كَانَ لَهُ عَائِلَةٌ فَامْتَنَعُوا وَلَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُمْ فَيَخْرُجُ وَحْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ
زَوَالَ مِلْكِهِ وَإِبَاءَ امْرَأَتِهِ الْخُرُوجَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُمَا حِنْثٌ.
(وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْمُقَامِ لَمْ يَحْنَثْ) مَا دَامَ الْإِكْرَاهُ فَإِذَا زَالَ بَادَرَ بِالْخُرُوجِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْحَلِفُ (فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فِي وَقْتٍ لَا يَجِدُ مَنْزِلًا يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ أَوْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْزِلِ) الَّذِي يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ (أَبْوَابٌ مُغْلَقَةٌ لَا يُمْكِنهُ فَتْحُهَا أَوْ خَوْفٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ فَأَقَامَ فِي طَلَبِ النُّقْلَةِ أَوْ) أَقَامَ فِي (انْتِظَارِ زَوَالِ الْمَانِعِ أَوْ خَرَجَ طَالِبًا النُّقْلَةَ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَجِدُ مَسْكَنًا يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْكِرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ بَهَائِمَ يَنْقُلُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ النُّقْلَةُ بِدُونِهَا) أَيْ الْبَهَائِمِ (فَأَقَامَ نَاوِيًا لِلنُّقْلَةِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَقَامَ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ) لِأَنَّ إقَامَتَهُ عَنْ اخْتِيَارٍ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ النُّقْلَةِ كَالْمُقِيمِ لِلْإِكْرَاهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ النُّقْلَةُ بِحَمَّالِينَ بِلَا بَهَائِمَ وَأَقَامَ حَنِثَ وَأَنَّهُ إنْ أَقَامَ غَيْرَ نَاوٍ لِلنُّقْلَةِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا حَنِثَ.
وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ (قَالَ الشَّيْخُ: وَالزِّيَارَةُ لَيْسَتْ سُكْنَى اتِّفَاقًا) فَلَوْ تَرَدَّدَ لِلدَّارِ الَّتِي حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا زَائِرًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا (وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ سَفَرٌ) يَبَرُّ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ، وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّةٌ أَوْ سَبَبُ يَمِينٍ نَقَلَ الْأَثْرَمُ أَقَلَّ زَمَنٍ يَكُونُ سَفَرًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فَانْتَقَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَحْنَثْ) لِانْقِطَاعِ الْمُسَاكَنَةِ (وَإِنْ بَنَيَا بَيْنَهُمَا حَاجِزًا وَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا فِي الْمُسَاكَنَةِ حَنِثَ لِأَنَّهُمَا بِتَشَاغُلِهِمَا بِبِنَاءِ الْحَاجِزِ قَدْ تَسَاكَنَا قَبْلَ وُجُودِهِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَتَانِ كُلُّ حُجْرَةٍ تَخْتَصُّ بِبَابِهَا وَمَرَافِقِهَا فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (حُجْرَةً لَمْ يَحْنَثْ) حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ كَمَا فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَاكِنٌ فِي حُجْرَتِهِ فَلَا يَكُونُ مُسَاكِنًا لِغَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ سَكَنَا فِي دَارَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ وَالْحُجْرَةُ الْبَيْتُ وَكُلُّ بِنَاءٍ مَحُوطٍ عَلَيْهِ وَالْجَمْعُ حُجَرٌ وَحُجُرَاتٌ كَغُرَفٍ وَغُرُفَاتٍ.
(وَإِنْ كَانَا فِي حُجْرَةِ دَارٍ وَاحِدَةٍ حَالَةَ الْيَمِينِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا وَقَسَمَاهَا حُجْرَتَيْنِ وَفَتَحَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الْبَيْتَيْنِ (بَابًا وَبَيْنَهُمَا حَاجِزٌ ثُمَّ سَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُجْرَةٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَسَاكِنَيْنِ (وَإِنْ سَكَنَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتٍ ذِي بَابٍ وَغَلَقٍ رَجَعَ إلَى نِيَّتِهِ بِيَمِينِهِ) أَيْ الْحَالِفِ لَا يُسَاكِنُ (أَوْ إلَى سَبَبِهَا) أَيْ الْيَمِينِ (وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَى الْمُسَاكَنَةِ فِيهِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ وَسَبَبَ الْيَمِينِ يُقَدَّمَانِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ) أَيْ النِّيَّةُ وَسَبَبُ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا (حَنِثَ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسَاكِنًا لَهُ.