الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم قَالَ «فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْحَدِّ (أَوْ هَرَبَ) الْمُقِرُّ فِي أَثْنَاءِ الْحَدّ (تُرِكَ وُجُوبًا) لِمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُقِرُّ (رُدُّونِي إلَى الْحَاكِمِ وَجَبَ رَدُّهُ) إلَيْهِ لِمَا سَبَقَ (فَإِنْ تَمَّمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ ضَمِنَ الْمُتَمِّمُ) لِلْحَدِّ (الرَّاجِعِ) عَنْ إقْرَارِهِ (بِالدِّيَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ إقْرَارُهُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ و (لَا) يُضْمَنُ (الْهَارِبُ وَلَا مَنْ طَلَبَ الرَّدَّ إلَى الْحَاكِمِ) فَتَمَّمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ لِخَبَرِ مَاعِزٍ وَسَبَقَ (وَلَا قَوَدَ) عَلَى الْمُتَمِّمِ لِلْحَدِّ وَلَوْ عَلَى الْمُصَرِّحِ بِالرُّجُوعِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحَدِّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (وَإِنْ رُجِمَ) لِثُبُوتِ الْحَدَّ (بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ لَمْ يُتْرَكْ) لِأَنَّ زِنَاهُ ثَبَتَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ رُجُوعُهُ وَلَا هَرَبُهُ.
[فَصْلٌ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهَا قَتْل]
(فَصْلٌ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودُ اللَّهِ) تَعَالَى (وَفِيهَا قَتْل مِثْلَ أَنْ سَرَقَ وَزَنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَشَرِبَ) الْخَمْرَ (وَقُتِلَ فِي الْمُحَارَبَةِ اسْتَوْفِي الْقَتْلَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: " إذَا اجْتَمَعَ حَدَّانِ أَحَدُهُمَا الْقَتْلُ أَحَاطَ الْقَتْلُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْحُدُودُ تُرَادُ لِمُجَرَّدِ الزَّجْرِ وَمَعَ الْقَتْلِ لَا حَاجَةَ إلَى زَجْرِهِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَيُفَارِقُ الْقِصَاصَ فَإِنَّ فِيهِ غَرَضَ التَّشَفِّي وَالِانْتِقَامِ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مُجَرَّدُ الزَّجْرِ (لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ لِلْمُحَارِبَةِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ) وَإِنَّمَا أُثِرَتْ الْمُحَارَبَةُ مُحَتَّمَةً وَحَقُّ الْآدَمِيِّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ (وَيَسْقُطُ الرَّجْمُ) كَمَا لَوْ مَاتَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا) أَيْ حُدُودِ اللَّهِ (قَتْلٌ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مِثْل أَنْ زَنَى) مِرَارًا (أَوْ سَرَقَ) مِرَارًا (أَوْ شَرِبَ) الْخَمْرَ (مِرَارًا قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ أَجْزَأَ حَدٌّ وَاحِدٌ فَتَتَدَاخَلُ السَّرِقَةُ كَغَيْرِهَا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِر أَجْمَع عَلَى هَذَا كُلِّهِ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَضَ الزَّجْرُ عَنْ إتْيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْحَدِّ الْوَاحِدِ.
(وَلَوْ طَالَبُوا) أَيْ الْمَسْرُوقِينَ مِنْهُمْ (مُتَفَرِّقِينَ) فَيَكْفِي الْقَطْعُ لِلْكُلِّ (فَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ) لِمَعْصِيَةٍ (ثُمَّ حَدَثَتْ جِنَايَةٌ أُخْرَى) تُوجِبُ الْحَدَّ (فَفِيهَا حَدُّهَا) كَمَا لَوْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَكَفَّرَ ثُمَّ حَلَفَ أُخْرَى وَحَنِثَ فِيهَا (وَإِنْ كَانَتْ) الْحُدُودُ (مِنْ أَجْنَاسٍ) كَمَا لَوْ زَنَى وَشَرِبَ
الْخَمْرَ وَسَرَقَ وَلَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا (اُسْتُوْفِيَتْ كُلُّهَا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، فَلَوْ سَرَقَ وَأَخَذَ الْمَالَ فِي الْمُحَارَبَةِ قُطِعَ لِذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّ مَحَلّ الْقَطْعَيْنِ وَاحِدٌ (وَيَجِبُ الِابْتِدَاءُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفّ فَإِذَا شَرِبَ) الْخَمْرَ (وَزَنَا) وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ (وَسَرَقَ حُدَّ لِلشُّرْبِ) لِأَنَّهُ أَخَفٌّ (ثُمَّ لِلزِّنَا ثُمَّ قُطِعَ) لِلسَّرِقَةِ وَلَا يُوَالِي بَيْنَ هَذِهِ الْحُدُودِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُفْضِي إلَى التَّلَفِ.
(وَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْأَخَفِّ وَقَعَ الْمُوَقَّعُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الزَّجْرُ (وَتُسْتَوْفَى حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كُلِّهَا) سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ (وَيَبْدَأُ بِغَيْرِ قَتْلٍ) لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِهِ تَفُوتُ اسْتِيفَاءَ بَاقِي الْحُقُوقِ فَيَبْدَأُ (بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْهَا وُجُوبًا) لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (فَيَحُدُّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ يَقْطَعُ لِغَيْرِ السَّرِقَةِ) لِأَنَّ الْقَطْعَ لِلسَّرِقَةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ يُقْتَلُ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ) . أَيْ حُدُودُ الْآدَمِيِّ (مَعَ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَتَّفِقَا) أَيْ الْحَدَّانِ (فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ بَدَأَ بِهَا) أَيْ بِحُدُودِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ.
(وَ) يَبْدَأُ (بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وُجُوبًا) كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَتْ كُلُّهَا، وَلَا يَتَدَاخَلُ الْقَذْفُ وَالشُّرْبُ) لِاخْتِلَافِ جِنْسَيْهِمَا (فَإِذَا زَنَا) غَيْرَ مُحْصَنٍ (وَشَرِبَ) الْخَمْرَ (وَقَذَفَ) مُحْصَنًا (وَقَطَعَ يَدًا) عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ مُكَافِئٍ (قُطِعَتْ يَدُهُ) قِصَاصًا (أَوَّلًا) لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ حَقِّ آدَمِيٍّ فَقُدِّمَ بِخِلَافِ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ (ثُمَّ حُدَّ لَلْقَذْفِ) لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (ثُمَّ) حُدَّ (لَلشُّرْبِ) لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الزِّنَا (ثُمَّ) حُدَّ (لَلزِّنَا فَقَدَّمُوا أَيْ الْأَصْحَابُ هُنَا الْقَطْعَ عَلَى حَدِّ الْقَذْف وَهُوَ أَيْ حَدُّ الْقَذْفِ أَخَفُّ مِنْ الْقَطْعِ) لِأَنَّ الْقَطْعَ مَحْضُ حَقِّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ.
(وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الْحُدُودِ (قَتْلٌ فَإِنَّ حُدُودَ اللَّهِ) تَعَالَى (تَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ) تَعَالَى (كَالرَّجْمِ فِي الزِّنَا وَالْقَتْلِ فِي الْمُحَارَبَةِ وَ) الْقَتْلِ (لِلرِّدَّةِ أَوْ حَقُّ آدَمِيٍّ) مَحْض (كَالْقِصَاصِ) فَإِنَّهُ مَحْضُ حَقِّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فِي الْمُحَارَبَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْآدَمِيِّ لِأَنَّ تَحَتُّمَهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُرَادُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَتُسْتَوْفَى كُلُّهَا (ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَتْلُ حَقًّا لِلَّهِ) تَعَالَى (اُسْتُوْفِيَتْ الْحُقُوقُ كُلُّهَا مُتَوَالِيَةً مِنْ غَيْرِ انْتِظَارِ بُرْءٍ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّل لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَوَاتِ نَفْسِهِ) أَيْ الْمَحْدُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ (وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ حَقًّا لِآدَمِيٍّ) كَالْقِصَاصِ (انْتَظَرَ بِاسْتِيفَاءِ) الْحَدِّ (الثَّانِي بُرْؤُهُ مِنْ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ فَوَاتَ نَفْسِهِ لَيْسَ مُحَقَّقًا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْفُو وَلِيُّ الْقِصَاصِ عَنْهُ.
(وَإِنْ اتَّفَقَ حَقُّ اللَّهِ