الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُدْفَعُ (الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الضَّائِعِ لِعَدَمِ مَنْ يَدَّعِيهِ (فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونُ دُفِعَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ وَنَصِيبُ الْمُقِرِّ بِرِدَّةِ الْمُوَرِّثِ) لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ رِدَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي.
[فَصْل وَيَحْرُمُ تَعَلَّمُ السِّحْرِ وَتَعْلِيمُهُ وَفِعْلُهُ]
(فَصْلُ وَيَحْرُمُ تَعَلَّمُ السِّحْرِ وَتَعْلِيمُهُ وَفِعْلُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى (وَهُوَ) أَيْ السِّحْرُ (عُقَدٌ وَرُقًى وَكَلَامٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ أَوْ يَكْتُبُهُ أَوْ يَعْمَلُ شَيْئًا يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِ الْمَسْحُورِ أَوْ قَلْبِهِ أَوْ عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لَهُ، وَلَهُ حَقِيقَةٌ، فَمِنْهُ مَا يَقْتُلُ وَ) مِنْهُ (مَا يُمْرِضُ وَ) مِنْهُ (مَا يَأْخُذُ الرَّجُلَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَيَمْنَعُهُ وَطْأَهَا أَوْ يَعْقِدُ الْمُتَزَوِّجَ فَلَا يُطِيقُ وَطْأَهَا وَمَا كَانَ مِثْلُ فِعْلِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ حِينَ سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مُشْطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَمِيمٌ تَكْسِرُهَا (وَمُشَاطَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الشَّعْرِ عِنْد مَشْطِهِ رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُحِرَ حَتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ» (أَوْ يَسْحَرُهُ حَتَّى يَهِيمَ مَعَ الْوَحْشِ وَمِنْهُ) أَيْ السِّحْرِ (مَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا يُبَغِّضُ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ وَيُحَبِّبُ بَيْنَ اثْنَيْنِ) زَوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْيِيلٌ لِقَوْلِهِ {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]- إلَى قَوْله - {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4] أَيْ السَّوَاحِرِ اللَّاتِي يَعْقِدْنَ فِي سِحْرِهِنَّ، وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً لَمَا أَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ (وَيَكْفُرُ) السَّاحِرُ (بِتَعَلُّمِهِ وَفِعْلِهِ، سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمُهُ أَوْ إبَاحَتَهُ كَاَلَّذِي يَرْكَبُ الْحِمَارَ مِنْ مِكْنَسَةٍ وَغَيْرِهَا فَتَسِيرُ) بِهِ (فِي الْهَوَاءِ أَوْ يَدَّعِي أَنَّ الْكَوَاكِبَ تُخَاطِبُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة: 102]
(وَيُقْتَلُ) السَّاحِرُ (إنْ كَانَ مُسْلِمًا) بِالسَّيْفِ لِمَا رَوَى جُنْدُبُ مَرْفُوعًا قَالَ «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ وَقَالَ الصَّحِيحُ عَنْ جُنْدُبٍ مَوْقُوفٌ.
وَعَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدٍ " قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِلْجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَأَتَانَا كِتَابُ مُعَاوِيَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَنْ اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَسَعِيدٌ.
وَفِي رِوَايَةِ «فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَقَتَلَتْ حَفْصَةُ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا» رَوَاهُ مَالِكٌ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ (وَكَذَا مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ) أَيْ السِّحْرِ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فَيُقْتَلُ كُفْرًا لِأَنَّهُ أَحَلَّ حَرَامًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ.
(وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرٌ ذِمِّيٌّ) لِأَنَّ لَبِيدَ بْنَ الْأَعْصَمِ سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَلِأَنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ مِنْ سِحْرِهِ وَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَالْأَخْبَارُ وَرَدَتْ فِي سَاحِرِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ يَكْفُرُ بِسِحْرِهِ وَهَذَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ (إلَّا أَنْ يَقْتُلَ) السَّاحِرُ الذِّمِّيُّ (بِهِ) أَيْ بِسِحْرِهِ (وَيَكُونُ) سِحْرُهُ (مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ) إذَا قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ بِغَيْرِهِ.
(فَأَمَّا الَّذِي يَسْحَرُ بِأَدْوِيَةٍ وَتَدْخِينٍ وَسَقْيِ شَيْءٍ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ السَّاحِرِينَ الْكَافِرِينَ بِأَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ فَيَخْتَصُّ الْكُفْرُ بِهِمْ وَيَبْقَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ السَّحَرَةِ عَلَى أَصْلِ الْعِصْمَةِ (وَيُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا دُونَ الْقَتْلِ) لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً (إلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِفِعْلِهِ) ذَلِكَ وَيَكُونُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا (فَيُقْتَصُّ مِنْهُ) إذَا قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا (فَ) اللَّازِمُ (الدِّيَةُ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ) :.
(وَأَمَّا الَّذِي يُعَزِّمُ عَلَى الْجِنِّ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجْمَعُهَا فَتُطِيعهُ فَلَا يَكْفُرُ) بِذَلِكَ (وَلَا يُقْتَلُ) بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَى قَتْلِهِ بِالسِّحْرِ (وَيُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا دُونَ الْقَتْلِ) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً (وَكَذَا الْكَاهِنُ وَالْعَرَّافُ، وَالْكَاهِنُ الَّذِي لَهُ رَئِيٌّ مِنْ الْجِنِّ يَأْتِيهِ بِأَخْبَارِ وَالْعَرَّافُ الَّذِي يَحْدُسُ وَيَتَخَرَّصُ كَالْمُنَجِّمِ) وَهُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى الْحَوَادِثِ.
(وَلَوْ أَوْهَمَ قَوْمًا طَرِيقَتُهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ وَقَالَ الشَّيْخُ: التَّنْجِيمُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ مِنْ السِّحْرِ قَالَ) الشَّيْخُ (وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا) وَأَقَرَّ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ بِبَرَكَتِهِ مَا زَعَمُوا أَنَّ الْأَفْلَاكَ تُوجِبُهُ، وَأَنَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ الدَّارَيْنِ مَا لَا تَقْوَى الْأَفْلَاكُ أَنْ تَجْلِبَهُ (وَالْمُتَعَبِّدُ وَالْقَائِلُ بِزَجْرِ طَيْرٍ وَالضَّارِبِ بِحَصًى