الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِجَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ إثْبَاتُ شَيْءٍ يَبْنِي الْحَاكِمُ حُكْمَهُ عَلَيْهِ فَافْتَقَرَ إلَى ذَلِكَ كَالشَّهَادَةِ وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّعْرِيفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالتَّرْجَمَةِ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى فَيَكْفِي فِيهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِي الْمَالِ وَالزِّنَا أَرْبَعَةٌ (وَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ التَّرْجَمَةِ وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَإِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ بِتَعْرِيفِ حَالِ الشُّهُودِ وَالتَّعْرِيفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (شَهَادَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ) فَلَا يَكْفِي الْإِخْبَارُ بِهِ.
(وَ) يُعْتَبَرُ أَيْضًا نِيَّةٌ (يُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ (وَتَجِبُ الْمُشَافَهَةُ) فَلَا يَكْفِي بِالرُّقْعَةِ مَعَ الرَّسُولِ كَالشَّهَادَةِ.
(وَتُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ فِيمَنْ رَتَّبَهُ الْحَاكِمُ يَسْأَلُهُ سِرًّا عَنْ الشُّهُودِ لِتَزْكِيَةٍ أَوْ جَرْحٍ) وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَّخِذُ أَصْحَابَ مَسَائِلَ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ مَنْ جَهِلَ عَدَالَتُهُ كَتَبَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَكُنْيَتَهُ وَحِلْيَتَهُ وَصَنْعَتَهُ وَسُوقَهُ وَمَسْكَنَهُ وَمَنْ يَشْهَدُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَمَا شَهِدَ بِهِ فِي رِقَاعٍ وَدَفَعَهَا إلَى أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَيَجْتَهِدُ أَنْ لَا يَعْرِفَهُمْ الْمَشْهُودُ لَهُ وَلَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَا الشُّهُودُ وَيَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُقْعَةً وَلَا يَعْلَمُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ لِيَسْأَلُوا عَنْهُ فَإِنْ رَجَعُوا بِتَعْدِيلِهِ قَبِلَهُ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَرَجَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَيَشْهَدَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَمَنْ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ أَخْبَرَهُ بِحَالِهِ) وُجُوبًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ إخْبَارُهُ بِحَالِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ (وَمِنْ نَصَبَ لِلْحُكْمِ بِجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَ) نَصَبَ لِ (سَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ) لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَاكْتَفَى بِخَبَرِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ قُلْتُ هَذَا إذَا حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي سَمِعَهَا ظَاهِرًا وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ وَهُمَا بِعَمَلِهِمَا بِالثُّبُوتِ لِأَنَّهُ كَنَقْلِ الشَّهَادَةِ.
(وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً وَجَبَ تَجْدِيدُ الْبَحْثِ عَنْهَا مَرَّةً أُخْرَى مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَتَغَيَّرُ إذَنْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (فَلَا) يَجِبُ تَجْدِيدُ الْبَحْثِ عَنْهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَلَا يَزُولُ حَتَّى يَثْبُتَ الْجَرْحُ.
[فَصْلٌ ادَّعَى عَلَى غَائِب مَسَافَةَ قَصْرٍ]
فَصْلٌ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَى غَائِب مَسَافَةَ قَصْرٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ) ادَّعَى عَلَى (مُمْتَنِعٍ) مِنْ الْحُضُورِ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (أَيْ مُسْتَتِرٍ إمَّا فِي الْبَلَدِ أَوْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ
فِيهَا (وَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ) بِمَا ادَّعَاهُ لِحَدِيثِ " لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ "(وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بِهَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ) لِحَدِيثِ هِنْدٍ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَقَضَى لَهَا وَلَمْ يَكُنْ أَبُو سُفْيَانَ حَاضِرًا وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا لَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَجَازَ الْحُكْمُ بِهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا وَأَمَّا تَقْيِيدُ الشَّافِعِيَّةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ وَأَمَّا الْمُسْتَتِرُ فَلِأَنَّهُ مُتَعَذِّرُ الْحُضُورِ أَشْبَهَ الْغَائِبَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا بِخِلَافِ الْمُسْتَتِرِ وَالْمَيِّتُ كَالْغَائِبِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَحْضُرُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، وَالصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ كَالْغَائِبِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُعَبِّرُ عَلَى نَفْسِهِ " تَنْبِيهٌ " قَوْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي عَمَلِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِعَمَلِهِ أَحْضَرَهُ لِيَكُونَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ.
وَ (لَا) يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ (فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) لِأَنَّ مَبْنَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ (لَكِنْ يَقْضِي فِي السَّرِقَةِ بِالْمَالِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (وَلَيْسَ تَقَدَّمَ الْإِنْكَارِ فِي الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ وَنَحْوِهِ شَرْعًا) إذْ الْغَيْبَةُ وَنَحْوُهَا كَالسُّكُوتِ وَالْبَيِّنَةِ تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ لَكِنْ لَوْ قَالَ هُوَ مُعْتَرِفٌ وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا لَمْ تُسْمَعْ وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ مِنْ التَّرْغِيبِ.
(وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ) مَعَ بَيِّنَتِهِ التَّامَّةِ (أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَكَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى حَاضِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ (وَالِاحْتِيَاطُ تَحْلِيفُهُ خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَضَاءٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَادَّعَى بَعْضَ ذَلِكَ (وَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِي نَصْبَ مَنْ يُنْكِرُ أَوْ يُحْبَسُ بِغَيْرِهِ عَنْ الْغَائِب لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْإِنْكَارِ لَيْسَ شَرْطًا كَمَا سَبَقَ) ثُمَّ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ وَبَلَغَ الصَّغِيرُ وَرَشَدَ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَظَهَرَ الْمُسْتَتِرُ فَهُمْ عَلَى حِجَجِهِمْ (لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا زَالَ صَارُوا كَالْحَاضِرِينَ الْمُكَلَّفِينَ وَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَقَفَ الْحُكْمُ) عَلَى حُضُورِهِ وَلَمْ تَجِبْ إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ لَكِنْ يُخْبِرُهُ بِالْحَالِ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ الْجَرْحِ.
(وَلَوْ جَرَحَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ) جَرَحَهَا (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَغُرَّهُ لِمَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا لِمَا بَعْدَهَا (لَمْ يَقْبَلْ) تَجْرِيحُهُ لَهَا (لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحُكْمِ (وَإِنْ جَرَحَهَا بِأَمْرٍ) مُفَسِّقٍ (كَانَ قَبْلَ) أَدَاءَ (الشَّهَادَةِ قَبِلَ) بِالْبَيِّنَةِ (وَبَطَلَ الْحُكْمُ) لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ.
(وَلَا يَمِينَ مَعَ بَيِّنَةٍ كَامِلَةٍ) فِي
دَعْوَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَقَوْلِهِ) فِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِنَفَاذِ مَالِهِ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (يَحْلِفُ مَعَهَا) لَا يَحْلِفُ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَلَا تَكْذِيب لَهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَلَاكِ مَا شَهِدَتْ بِهَلَاكِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُرْتَهِنِ وَالْوَدِيعِ وَنَحْوِهِمَا إذَا ادَّعُوا التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ بِوُجُودِ الظَّاهِرِ يَحْلِفُونَ عَلَى التَّلَفِ.
(قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُدَّعِي) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (إلَّا فِي الْقَسَامَةِ) فَيَبْدَأُ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ لِخَبَرِهَا الْخَاصِّ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهَا.
(وَ) إلَّا فِي (دَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةِ) كَدَعْوَى التَّلَفِ وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ وَنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَ (وَبِحَيْثُ يَحْكُمُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ) بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعِي بِهِ مَالًا أَوْ يَقْصِدُ بِهِ الْمَالَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَقَالَ حَفِيدُهُ) أَيْ ابْنُ ابْنِهِ وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ تَقِيُّ الدِّين بْنُ تَيْمِيَّةَ (دَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةُ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ) مِنْ قَوْلِنَا تَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَيَحْلِفُونَ وَذَلِكَ) أَيْ تَوْضِيحُ عَدَمِ اسْتِثْنَائِهِمْ (لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ إلَّا بِتَفْرِيطٍ أَوْ عُدْوَانٍ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَنْكَرُوا أَنَّهُمْ مُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ) فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِمْ لَكِنَّ جَدَّهُ نَظَرَ إلَى الصُّورَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ) غَائِبًا (عَنْ الْبَلَد دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ) مِنْ الْحُضُورِ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ (وَلَا الْبَيِّنَةُ حَتَّى يَحْضُرَ) لِأَنَّ حُضُورَهُ مُمْكِنٌ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ (كَحَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ) الْغَائِبِ الْبَعِيدِ وَالْمُمْتَنِعِ (فَإِنْ أَبَى) الْخَصْمُ (الْحُضُورَ لَمْ يَهْجُمْ) لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ شَهَادَتِهِ (وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ لِفُلَانٍ بِكَذَا) أَيْ فَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا كَمَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْحَقِّ نَفْسِهِ قُلْتُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ بَاقِي شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ حُضُورٍ كَالْغَالِبِ الْبَعِيدِ (ثُمَّ إنْ وَجَدَ) الْحَاكِمُ (لَهُ) أَيْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ (مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي إنْ وَجَدْتَ لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي) أَنَّهُ مَالُهُ (وَفَّيْتُكَ مِنْهُ) لِوِلَايَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ (وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَلَى الْغَائِبِ) أَوْ الْمُمْتَنِعِ (عَيْنًا سُلِّمَتْ إلَى الْمُدَّعِي) كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا.
(وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ لِامْتِنَاعِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَهُ وَالْكِتَابَةِ لَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَحْكُم لَهُ بِكِتَابِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَيَصِحُّ) الْحُكْمُ لِلْغَائِبِ (تَبَعًا كَدَعْوَاهُ) أَيْ الْحَاضِرِ (أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَنْهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ) مُطْلَقًا (أَوْ) أَخٍ لَهُ (غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ (عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ
وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ وَ) يَأْخُذُ (الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْآخَرِ فَيَحْفَظُهُ لَهُ) حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَرْشُدَ لِأَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ وَذَلِكَ يُوجِبُ تَسْلِيمَ نَصِيبِهِ إلَيْهِ.
(وَتُعَادُ الْبَيِّنَةُ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ) أَيْ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِحَقٍّ مُشْتَرَكٍ سَبَّبَهُ غَيْرُ إرْثٍ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ لِحَاضِرٍ ادَّعَى نَصِيبَهُ مِنْهُ وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي ثُمَّ حَضَرَ شَرِيكُهُ الْغَائِبُ فَادَّعَى نَصِيبَهُ مِنْهُ تُعَادُ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَلَا تَبَعِيَّةَ هُنَا (وَكَحُكْمِهِ) أَيْ مِثْلِ الْإِرْثِ فِي ثُبُوت حَقِّ الْغَائِبِ تَبَعًا لِلْحَاضِرِ حُكْمُ الْحَاكِمِ (بِوَقْفٍ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (تَبَعًا لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ وَ) مِثْلُهُ (إثْبَاتُ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِالْوِكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ فَتَثْبُتُ لَهُ) أَيْ لِلْغَائِبِ (تَبَعًا وَ) مِثْلُهُ (سُؤَالُ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ الْحَجْرَ) عَلَى الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ كَسُؤَالِ الْكُلِّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (فَالْقِصَّةُ الْوَاحِدَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى عَدَدٍ أَوْ أَعْيَانٍ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْمُشْرِكَةِ) وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ فَأَكْثَر وَإِخْوَةُ الْأَبَوَيْنِ (وَالْحُكْمُ فِيهَا لِوَاحِدٍ) مِنْ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ وَإِنَّهُ يُشَارِكُ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (أَوْ) الْحُكْمُ (عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ سَاقِطٌ لِاسْتِغْرَاقِ الْمَفْرُوضِ التَّرِكَةَ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ (يَعُمُّهُ) أَيْ الْمَحْكُومَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ (أَوْ) يَعُمُّ (غَيْرَهُ) مِنْ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ لِتُسَاوِيهِمْ فِي الْحُكْمِ (وَحُكْمُهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (لِطَبَقَةٍ) مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (حُكْمٌ) لِلطَّبَقَةِ (الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ وَاحِدًا حَتَّى مَنْ أَبْدَى) مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَلِلثَّانِي الدَّفْعُ بِهِ لِأَنَّ كُلَّ بَطْنٍ تَلَقَّاهُ عَنْ وَاقِفِهِ فَهُوَ صَلِيٌّ.
(وَمِنْ ادَّعَى أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِحَقٍّ فَصَدَّقَهُ) الْحَاكِمُ (قَبْلَ قَوْلِهِ الْحَاكِمِ) وَحْدَهُ (إنْ كَانَ) الْحَاكِمُ (عَدْلًا كَقَوْلِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ (ابْتِدَاءً) مِنْ غَيْرِ دَعْوَى (حَكَمْتُ بِكَذَا) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ.
(وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (حَكَمَ لَهُ بِحَقٍّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا وَأَمْضَى الْقَضَاءَ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عِنْدَهُ بِحُكْمِ غَيْرِهِ قُبِلَ فَكَذَا إذَا شَهِدَا عِنْدَهُ بِحُكْمِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاهِدِ إذَا نَسِيَ شَهَادَتَهُ أَنَّ ذِكْرَ مَا نَسِيَهُ لَيْسَ إلَيْهِ وَالْحَاكِمُ يُمْضِي مَا حَكَمَ بِهِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ أَيْ يَحْرُمُ.
وَفِي التَّبْصِرَةِ إنْ صَحَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ أَمَرَ بِالْهُجُومِ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ وَنَصَّهُ يَحْكُمُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ (وَسَمِعْتُ الْبَيِّنَةُ) عَلَى الْمُمْتَنِعِ بِبَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ (وَحَكَمَ بِهَا) ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ) أَيْ بِحُكْمِهِ (أَحَدٌ لَكِنْ وَجَدَهُ) الْحَاكِمُ (فِي قُطْرِهِ فِي صَحِيفَتِهِ تَحْتَ خَتْمِهِ بِخَطِّهِ وَثِيقَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يُنَفِّذْهُ) .
لِأَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَمْ