الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَدِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمَارَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ وَالشَّاهِدُ وَالْيَدُ تُرْفَعُ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ فِي آخِرِ الطَّرِيقِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ (وَلَوْ وَجَدَ عَلَى كُتُبِ عِلْمٍ فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (هَذِهِ طَوِيلَةٌ فَكَذَلِكَ) أَيُّ حُكْمٌ بِوَقْفِهَا عَمَلًا بِتِلْكَ الْقَرِينَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَقَرَّ الْكُتُبِ وَلَا عَرَفَ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةَ (تَوَقَّفَ فِيهَا وَعَمِلَ بِالْقَرَائِنِ) فَإِنْ قَوِيَتْ حُكْمًا بِمُوجِبِهَا وَإِنْ ضَعَفَتْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا، وَإِنْ تَوَسَّطَتْ طَلَبَ الِاسْتِظْهَارَ وَسَلَكَ طَرِيقَ الِاحْتِيَاطِ ذَكَرَهُ مُلَخَّصًا فِي الطُّرُقِ الْمَكِّيَّةِ.
[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]
ِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَصَالَةً أَوْ عَلَى شَهَادَةٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يُضْمَرْ.
(وَ) بَابُ (أَدَائِهَا) أَيْ كَيْفِيَّةُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَقَالَ هِيَ جَائِزَةٌ وَكَانَ قَوْمٌ يُسَمُّونَهَا التَّأْوِيلَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَجْمَعَتْ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ عَلَى إمْضَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْمَعْنَى شَاهِدٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ
الْحَاجَةَ
دَاعِيَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُقْبَلْ لَتَعَطَّلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوُقُوفِ وَمَا يَتَأَخَّرُ إثْبَاتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ مَاتَتْ شُهُودُهُ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ وَمَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ فَوَجَبَ قَبُولُهَا كَشَهَادَةِ الْأَصْلِ.
(لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي) وَهُوَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مِنْ مَالٍ وَقِصَاصٍ وَحَدٍّ وَقَذْفٍ (وَتَرِدُ) الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ (فِيمَا يَرِدُ) كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فَرْعًا لِأَصْلٍ، وَلِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السَّتْرِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهَا شُبْهَةٌ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا احْتِمَالُ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ وَالْكَذِبِ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ مَعَ احْتِمَالِ ذَلِكَ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ وَهَذَا احْتِمَالٌ زَائِدٌ لَا يُوجَدُ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا فِي الْحَدِّ لِأَنَّ سَتْرَ صَاحِبِهِ أَوْلَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
(وَلَا يُحْكَمُ بِهَا) أَيْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا بِشُرُوطٍ أَحَدِهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ حَبْسٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ، وَفِي مَعْنَاهُ الْجَهْلُ بِمَكَانِهِمْ وَلَوْ فِي الْمِصْرِ) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ أَقْوَى
لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَفْسَ الْحَقِّ وَهَذِهِ لَا تُثْبِتُهُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا أَمْكَن أَنْ يَسْمَعَ شَهَادَةَ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ اُسْتُغْنِيَ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ، وَكَانَ أَحْوَطَ لِلشَّهَادَةِ فَإِنَّ سَمَاعَهُ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ مَعْلُومٌ وَصِدْقَ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَيْهِمَا مَظْنُونٌ وَالْعَمَلُ بِالْيَقِينِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْلَى مِنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ (وَالْمَرْأَةُ الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ الْمُلَازِمَةُ لِلْخِدْرِ وَهُوَ السِّتْرُ وَيُقَالُ امْرَأَةٌ خَفِرَةٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ وَهِيَ ضِدُّ الْبَرْزَةِ (كَالْمَرِيضِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: اسْتِرْعَاءُ الْأَصْلِ الْفَرْعَ عَلَى مَا يَذْكُرهُ وَ (لَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ أَوْ يَسْتَرْعِيَ) الْأَصْلُ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الشَّاهِدِ الْفَرْعِ (وَهُوَ يَسْمَعُ) وَأَصْلُ الِاسْتِرْعَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ لِمَنْ يُحَدِّثُهُ: أَرِعْنِي سَمْعَكَ، يُرِيدُ اسْمَعْ مِنِّي (فَيَقُولُ) الْأَصْلُ لِغَيْرِهِ (اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا) قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَكُونُ شَهَادَةٌ إلَّا أَنْ يُشْهِدْكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهَا مَعْنَى النِّيَابَةِ، وَالنِّيَابَةُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا تَجُوزُ (أَوْ يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ عِنْد الْحَاكِمِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) تُزِيلُ الِاحْتِمَالَ أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَرْعَاهُ (أَوْ) يَسْمَعُهُ (يَشْهَدُ بِحَقٍّ يُعْزِيهِ إلَى سَبَبٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ إجَارَةٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ) عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ بِنِسْبَتِهِ الْحَقَّ إلَى سَبَبِهِ يَزُولُ الِاحْتِمَالُ أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَرْعَاهُ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يُؤَدِّيَهَا الْفَرْعُ بِصِفَةٍ) تَحَمُّلِهِ لَهَا (فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَقَدْ عَرَفْتُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَعَدَالَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَالَتَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَشْهَدَنِي أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانَ ابْنِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ) يَقُولُ (أَشْهَدَنِي أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا وَإِنْ سَمِعَهُ) شَاهِدُ الْفَرْع (يُشْهِدُ غَيْرَهُ، قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا وَإِنْ كَانَ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ شَهِدَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِكَذَا وَإِنْ كَانَ) شَاهِدُ الْحَقِّ يَنْسِبُ (الْحَقَّ إلَى سَبَبِهِ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ وَنَحْوِهِ فَسَمِعَهُ شَاهِدُ الْفَرْعِ.
(قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ قَالَ اشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا مِنْ جِهَةِ كَذَا) فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الْفَرْعَ عَلَى صِفَةِ تَحَمُّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِرْعَاءِ، فَقَدْ يَرَى الشَّاهِدُ فِي الِاسْتِرْعَاءِ مَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَلَا يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْحَاكِمُ أَنْ يَكْتُبَ) أَدَاءَ الْفَرْعِ لِشَهَادَتِهِ (كَتَبَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَدَاءِ) أَيْ عَلَى صِفَةِ الْأَدَاءِ لِيَكُونَ مَا كَتَبَهُ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ (وَمَا عَدَا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ) الْمَذْكُورَةَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ (لَا يَجُوزُ) لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ فِيهَا عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ (أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ
عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ) لِمَنْ سَمِعَهُ (أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَصْلَ (لَمْ يَسْتَرْعِهِ) أَيْ الْفَرْعَ (الشَّهَادَةُ وَلَمْ يَعْزُهَا) الْأَصْلُ (إلَى سَبَبٍ) مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالشَّهَادَةِ الْعِلْمَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ مَعَ الِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَرْعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرْعِيهِ إلَّا عَلَى وَاجِبٍ وَبِخِلَافِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَيْهَا (وَلَوْ قَالَ شَاهِدُ الْأَصْلِ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا فَاشْهَدْ بِهِ أَنْتَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ) لِلْفَرْعِ (أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ) لِعَدَمِ الِاسْتِرْعَاءِ وَإِعْزَائِهَا إلَى سَبَبٍ.
(وَلَا تَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ إلَّا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ) فَأَكْثَرَ (يَشْهَدَانِ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ شَهِدَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَصْلَيْنِ (أَوْ شَهِدَ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ) أَصْلٌ (شَاهِدٌ) فَرْعٌ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِنَفْسِ الْحَقِّ لِأَنَّ شُهُودَ الْفَرْعِ بَدَلٌ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ فَاكْتُفِيَ بِمِثْلِ عَدَدِهِمْ (وَالنِّسَاءُ تَدْخُلُ فِي شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي كُلِّ حَقٍّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتَيْنِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَهَادَتِهِنَّ إثْبَاتُ الْحَقِّ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ شُهُودُ الْأَصْلِ فَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِيهِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَصْلِ الْحَقِّ (فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) يَشْهَدُ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ) فِي الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ لِأَنَّ لَهُنَّ مَدْخَلًا فِيهِ (فَتَصِحُّ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ) كَالرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ (وَسَأَلَهُ) أَيْ الْإِمَامُ (حَرْبٌ عَنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى امْرَأَتَيْنِ فَقَالَ يَجُوزُ) لِأَنَّهُ مِمَّا لِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِيهِ.
(وَإِنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ شَاهِدُ الْأَصْلِ وَشَاهِدًا فَرْعٍ يَشْهَدَانِ) عَلَى أَصْلٍ آخَرَ جَازَ (أَوْ) شَهِدَ بِالْحَقِّ شَاهِدُ الْأَصْلِ وَفَرْعٌ (وَاحِدٌ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ آخَرَ جَازَ) أَيْ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ وَحُكِمَ بِهَا لِأَنَّ الشَّاهِدَ الْفَرْعَ بَدَلٌ عَنْ شَاهِدِ الْأَصْلِ فَيَقُومُ مَقَامَهُ.
وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ فَرْعٌ عَلَى أَصْلٍ وَتَعَذَّرَ الْأَصْلُ (الْآخَرُ) أَوْ فَرْعُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي (وَاسْتَحَقَّ) فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِقِيَامِ الْفَرْعِ مَقَامَ الْأَصْلِ.
(وَتَصِحُّ شَهَادَةُ فَرْعٍ عَلَى فَرْعٍ بِشَرْطِهِ) مِنْ التَّعَذُّرِ وَالِاسْتِرْعَاءِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ
الْحَاجَةَ
تَدْعُو إلَى ذَلِكَ.
الشَّرْطِ الرَّابِعِ عَدَمُ تَعَذُّرِ شُهُودِ الْأَصْلِ إلَى صُدُورِ الْحُكْمِ فَ (إذَا شَهِدَ الْفُرُوعُ فَلَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ حَتَّى حَضَرَ الْأُصُولُ) مِنْ السَّفَرِ (أَوْ) حَتَّى (صَحُّوا) مِنْ الْمَرَضِ (أَوْ) حَتَّى (زَالَ خَوْفُهُمْ) مِنْ سُلْطَانٍ وَنَحْوِهِ (وَقَفَ حُكْمُهُ عَلَى سَمَاعِهِ شَهَادَتَهُمْ مِنْهُمْ) لِأَنَّهُ قَدِرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ بِالْبَدَلِ كَالْمُتَيَمِّمِ يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ.
(وَإِنْ حَدَثَ فِيهِمْ) أَيْ الْأُصُولِ (مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ) نَحْوُ رِدَّةٍ أَوْ فِسْقٍ (لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ) بِشَهَادَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَنْبَنِي عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ أَشْبَهَ مَا لَوْ فَسَقَ شُهُودُ الْفَرْعِ.
(وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ عَدَالَةُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَ (لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِالْفُرُوعِ حَتَّى تَثْبُتَ عَدَالَتُهُمْ وَعَدَالَةُ أُصُولِهِمْ) لِأَنَّهُمَا شَهَادَتَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِهِمَا بِدُونِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَالْحُكْمُ يَنْبَنِي عَلَى كُلٍّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ فَاعْتُبِرَتْ لِلشُّرُوطِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
(وَلَا يَجِبُ عَلَى فَرْعٍ تَعْدِيلُ أَصْلِهِ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَهُ (وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ ذَلِكَ) أَيْ الْبَحْثَ عَنْ عَدَالَةِ الْأُصُولِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ ابْتِدَاءً (وَإِنْ عَدَّلَهُ) أَيْ الْأَصْلُ (الْفَرْعَ قُبِلَ) إكْفَاءً بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ عَدَالَةِ الْفَرْعِ.
(وَلَا تَصِحُّ تَزْكِيَةُ أَصْلٍ لِرَقِيقِهِ) وَلَا أَنْ يَكُونَ فَرْعًا عَنْهُ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى انْحِصَارِ الشَّهَادَةِ فِي أَحَدِهِمَا (وَتَقَدَّمَ) .
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا تَعْيِينُ أَصْلٍ كَفَرْعٍ قَالَ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ قَالَ شَافِعِيَّانِ أَشْهَدَنَا صَحَابِيَّانِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُعَيِّنَاهُمَا وَدَوَامُ عَدَالَةِ الْجَمِيعِ إلَى صُدُورِ الْحُكْمِ.
(وَإِذَا حُكِمَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ ثُمَّ رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (لَزِمَهُمْ الضَّمَانُ) لِأَنَّ الْإِتْلَافَ حَصَلَ بِشَهَادَتِهِمْ كَمَا لَوْ أَتْلَفُوهُ بِأَيْدِيهِمْ (مَا لَمْ يَقُولُوا بَانَ) أَيْ ظَهَرَ (لَنَا كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطِهِمْ) لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُمْ لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَهَادَةَ الْأُصُولِ.
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا) لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ.
(وَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ شُهُودُ الْأَصْلِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ (فَقَالُوا كَذَبْنَا أَوْ غَلِطْنَا ضَمِنُوا) لِاعْتِرَافِهِمْ بِتَعَمُّدِ الْإِتْلَافِ بِقَوْلِهِمْ كَذَبْنَا أَوْ بِخَطَئِهِمْ بِقَوْلِهِمْ غَلِطْنَا.
(وَلَوْ قَالُوا) أَيْ الْأُصُولُ (بَعْدَ الْحُكْمِ مَا أَشْهَدْنَاهُمْ بِشَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ الْفَرِيقَانِ شَيْئًا) مِمَّا فَاتَ بِالْحُكْمِ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ لَمْ يَثْبُتْ كَذِبُهُمَا وَشَاهِدَيْ الْأَصْلِ لَمْ يَثْبُتْ رُجُوعُهُمَا لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَإِنْكَارُ أَصْلِ الشَّهَادَةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهَا.
(وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ قَبْلَ الْحُكْمِ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ بِمِائَةٍ ثُمَّ يَقُولُ بَلْ هِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَوْ) يَقُولُ (بَلْ هِيَ تِسْعُونَ) قَبْلُ وَيُحْكَمُ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَخِيرًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُ الْأَخِيرَةَ شَهَادَةٌ مِنْ عَدْلٍ غَيْرِ مُتَّهَمٍ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِهَا كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَا يُخَالِفُهَا وَلَا تُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ الْأُولَى لِأَنَّهَا قَدْ بَطَلَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْهَا.
(أَوْ أَدَّى) الشَّهَادَةَ (بَعْدَ إنْكَارِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَهَادَةٌ ثُمَّ أَدَّاهَا وَقَالَ كُنْتُ أُنْسِيتُهَا قُبِلَ نَصٌّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمَرْأَتَيْنِ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] فَقَبِلَهَا بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّلَالِ وَالنِّسْيَانِ فِي حَقِّهَا فَوَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْعَدْلِ فِيمَا نَسِيَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (كَقَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ ثُمَّ يَشْهَدُ) فَتُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ إذَا قُبِلَتْ بَعْدَ إنْكَارِهَا