الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَصَبَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ بِبَدَلِهِ.
(وَإِنْ) قَالَ الْوَلِيُّ هَذَا حَرَامٌ (لَمْ يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدٍ لَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُسْتَحِقُّهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (فِي مُرَادِهِ) بِقَوْلِهِ: هَذَا حَرَامٌ لِأَنَّهُ أَدْرَى (وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ لَا يُمْكِنُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَجِيئُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى بَلَدِ الْمَقْتُولِ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَطَلَتْ الدَّعْوَى) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَتْلِ مِنْهُ إذَنْ (وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقْتُلْهُ لَمْ تُسْمَعْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ) كَمَا لَوْ شَهِدْت أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ غَيْرَ مَحْصُورٍ (فَإِنْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ بَلْ قَتَلَهُ فُلَانٌ سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَعُمِلَ بِهَا لِأَنَّهَا عَلَى نَفْيِ مَحْصُورٍ كَقَوْلِهَا: هَذَا وَارِثُ زَيْدٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ (وَإِنْ قَالَ إنْسَانٌ: مَا قَتَلَهُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَلِيُّ لَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (الْقَسَامَةُ) لِاحْتِمَالِ كَذِب الْمُقِرِّ (وَلَا يَلْزَمهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ الدِّيَةِ إنْ كَانَ أَخَذَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ ظُلْمُهُ.
(وَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَلِيُّ أَوْ طَالَبَهُ) الْوَلِيُّ (بِمُوجِبِ الْقَتْلِ لَزِمَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ مَا أَخَذَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَبَطَلَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْأَوَّلِ لِتَصْدِيقِ الْوَلِيّ أَنَّ الْقَاتِلَ الثَّانِي وَعَنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَحْيَا نَفْسًا (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (مُطَالَبَةُ الثَّانِي بِالدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
وَفِي الْمُنْتَهَى فِي الْجِنَايَاتِ: وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ.
[فَصْلٌ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْقَتْلِ ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ]
(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِيَيْنِ) لِلْقَتْلِ (ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ وَلَوْ وَاحِدًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يُقْسِمُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ» وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا قَتْلُ الْعَمْدِ فَاعْتُبِرَ كَوْنُهَا مِنْ رِجَالٍ عُقَلَاءَ كَالشَّهَادَةِ (فَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ) فِي الْقَسَامَةِ فَلَا يُسْتَحْلَفْنَ لِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ.
(وَ) لَا (الْخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ (وَ) لَا مَدْخَلَ أَيْضًا (لِلصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ فِي الْقَسَامَةِ) لِأَنَّ قَوْلَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ فَكَذَا لَا يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا (عَمْدً كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً) لِأَنَّ الْخَطَأَ أَحَدُ الْقَتْلَيْنِ أَشْبَهَ الْآخَرَ لَا يُقَالُ الْخَطَأُ يُثْبِتُ الْمَالَ وَلِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِيهِ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ ضِمْنًا لِثُبُوتِ الْقَتْلِ وَمِثْلُهُ
لَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ.
بِدَلِيلِ مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَهَا وَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ (فَيُقْسِمُ الرِّجَالُ الْعُقَلَاءُ فَقَطْ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْحَقُّ) فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ (لِلْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا مُكَلَّفِينَ أَوْ لَا (وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (لَا مَدْخَلَ لَهُمْ) فِي الْقَسَامَةِ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (فَكَمَا لَوْ نَكَل الْوَرَثَةُ) فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَأُ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَارِثِينَ (اثْنَيْنِ فَأَكْثَر الْبَعْضُ غَائِبٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَوْ نَاكِلٍ عَنْ الْيَمِينِ فَلِحَاضِرٍ مُكَلَّفٍ أَنْ يَحْلِفَ بِقِسْطِهِ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حَقٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَقِيَامُ الْمَانِعِ بِصَاحِبِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَلِفِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ نَصِيبَهُ وَكَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا حَلَفَ بِقِسْطِهِ لِأَنَّ لَوْ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ مِنْ الْإِيمَان فَكَذَا مَعَ الْمَانِعِ.
هَذَا (وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى) بِالْقَتْلِ (خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَقِلَ الْمَجْنُونُ حَلَفَ مَا يَخُصّهُ وَأَخَذَ مِنْ الدِّيَة بِقِسْطِهِ) لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَيْمَانِ صَاحِبِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَإِنْ كَانَتْ) الدَّعْوَى بِالْقَتْلِ (عَمْدًا لَمْ تَثْبُتْ الْقَسَامَةُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيَبْلُغُ الصَّغِيرُ وَيَعْقِل الْمَجْنُونُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ وَالْبَيِّنَةُ أَيْمَانُ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ) وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَيُشْتَرَط) لِلْقَسَامَةِ (أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُدَّعِينَ بَيِّنَةٌ) فَإِنْ كَانَ قُضِيَ لَهُمْ بِهَا وَلَا قَسَامَةَ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (تَكْلِيفُ قَاتِلٍ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ (وَ) يُشْتَرَط أَيْضًا (إمْكَانُ الْقَتْلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا كَبَقِيَّةِ الدَّعَاوَى (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (صِفَةُ الْقَتْلِ) أَيْ أَنْ يَصِفَ الْقَتْلَ فِي الدَّعْوَى فَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ حَاكِمٌ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (طَلَبُ الْوَرَثَةِ) جَمِيعُهُمْ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (اتِّفَاقُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةُ (عَلَى الْقَتْلِ وَ) عَلَى (عَيْنِ الْقَاتِلِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ) مُفَصَّلًا (وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ (أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى بِقَتْلِ عَمْدٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِهَا الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ (فَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِمَّنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ كَافِرًا أَوْ الْحُرِّ يَقْتُلُ عَبْدًا سُمِعَتْ الْقَسَامَةُ) كَالْخَطَإِ (لَكِنْ إنْ كَانَ عَلَى قَتْلِ عَمْدٍ مَحْضٍ لَمْ يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ) لِخَبَرِ سَهْلٍ (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْقَتْلُ (خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) لَمْ يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ كَالْعَمْدِ (إنْ قُلْنَا تَجْرِي فِيهِمَا) أَيْ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ (الْقَسَامَةُ) وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا.