الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثامنا: البيمارستانات والمستشفيات
البيمارستان كلمة فارسية مركبة من كلمتين: بيمار: مريض، وستان: دار فهي إذن دار المرضى، وظلت هذه الكلمة تطلق على دور العلاج والمرضى حتى حلت محلها كلمة مستشفى عند إنشاء مستشفى أبو زعبل في مصر ويقول المقريزي: إن أول من بنى البيمارستانات في الإسلام الوليد بن عبد الملك سنة 88هـ وجعل فيها الأطباء وأجرى فيها الإنفاق. وهذا خلاف ما ذكره ديورانت أن أول بيمارستان معروف لنا أنشئ في بغداد أيام هارون الرشيد. "ديورانت: 13 ص1980".
وقد انتشرت دور الاستشفاء أو المستشفيات في العالم الإسلامي تحصيها كتب التاريخ بثلاث وأربعين دارا كانت منتشرة من فارس إلى مراكش ومن شمال سوريا إلى مصر. وكان في بغداد وحدها سنة 931م ثمانمائة وستون طبيبا مرخصا، وكانت أجورهم ترتفع حسب قربهم من بلاط الخلفاء. وقد حقق بعضهم ثروات هائلة فقد جمع ابن بختيشوع طبيب هارون الرشيد والمأمون والبرامكة ثروة تقدر بحوالي سبعة ملايين دينار. ويقول عنه المؤرخون إنه كان يتقاضى من
الخليفة مائة ألف درهم نظير حجامته مرتين في العام ومثل هذا المبلغ لإعطائه مسهلا كل نصف عام.
وقد أسس ابن طولون أول مستشفى في مصر سنة 872م ومن بعده كان هناك البيمارستان المنصوري الكبير الذي بني 683هـ وكان من أشهر البيمارستانات. وأنشأ نور الدين في دمشق سنة 1170م بيمارستانا ظل ثلاثة قرون يعالج المرضى من غير أجر ويمدهم بالدواء من غير ثمن. ولما وفد ابن جبير إلى بغداد سنة 1184م دهش من بيمارستانها العظيم الذي كان يرتفع كما ترتفع القصور الملكية على شاطئ نهر دجلة. وكان يطعم المرضى ويعالجهم ويمدهم بالدواء كما أشرنا.
وربما يكون مستشفى السلطان قلاون الذي تأسس بالقاهرة سنة 1285م أعظم مستشفيات العالم الإسلامي وأكثرها شهرة في العصر الوسيط، وقد أورد له المقريزي وصفا رائعا في خططه "ج - ص260".
وكانت هذه البيمارستانات معدة ومنظمة جيدا فكان بها قسم للرجال وآخر للحريم. وكل قسم مجهز بالآلات والعدد والمشرفين والخدم وفي كل قسم قاعات لمختلف الأمراض. قاعة للأمراض الباطنية وأخرى للجراحة وثالثة للحاملة ورابعة للتجبير. وكان للبيمارستان صيدلية سميت "شرانجاز" في العصر المتأخر ولها رئيس يسمى شيخ صيدلي البيمارستان.
وكان لك بيمارستان رئيس أطفال يلقى دروسه على طلبة الطب ويأذن لمن أتم دراسته منهم وقدم رسالة في فرع الطب الذي يختاره بممارسة المهنة ويعطيه ترخيصا كتابيا أو إجازة بذلك، ولم يكن يجوز لأحد أن يمارس هذه المهنة إلا إذا قدم لامتحان يعقد لهذا الغرض.