الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تثقيف العقول:
كان للدعوة الوهابية أثر كبير في تثقيف العقول وتفتحها وتنورها ولم تحل الأمية القرائية بين أتباع محمد بن عبد الوهاب دون تشربهم للثقافة الإسلامية التي يبشر بها، فضلا عن أنه كان يعمل جاهدا على تعليم أتباعه القراءة والكتابة حتى يخلصهم من الجهالة والأمية القرائية.
يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كلامه عن الدعوة الوهابية "وإنه من الحق علينا أن نقول كلمة حق وهي أن تعلق هؤلاء بآراء ابن تيمية وتشددهم فيها وحرص علمائها على بثها في نفوسهم كان سببا في أن وجد فيهم ثقافة مع أميتهم. ولم تكن هذه الثقافة لغيرهم من سكان الجزيرة العربية. ولما صار لهم السلطان في أكثر أصقاعها نشروا هذه الثقافة في سكان الحجاز. وقد كان الجهل بكل شيء مسيطرا عليهم حتى إذا تفتحت العقول واستيقظت الأفهام اتجهت الهمم لإنشاء المدارس ونشر الثقافة في البلاد".
ويقول أحمد بن حجر "ص75": إن الدعوة عملت على نشر علوم الشريعة المطهرة من التفسير والحديث والتوحيد والفقه والسير والتواريخ والنحو وما إلى ذلك من العلوم، وأن الدرعية أصبحت كعبة العلوم والمعارف، يفد إليها طلاب العلوم في جميع الطبقات حتى قال المؤرخون: أصبح الراعي يرعى المواشي في الفيافي ولوح التعليم في عنقه. وبلغ من قوة انتشار التعليم وسريانه أن ظهر العلماء الراسخون وألفوا الكتب القيمة في مختلف العلوم.
رفاعة الطهطاوي وآراؤه التربوية
مدخل
…
2-
رفاعة الطهطاوي وآراؤه التربوية:
1801-
1873م
ينتسب الطهطاوي من ناحية أبيه إلى الحسين بن فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. وترجع تسميته بالطهطاوي إلى بلدته طهطا في صعيد مصر وقد ولد بها عام 1801م. ويؤخذ مما كتبه عن نفسه أن أجداده كانوا من ذوي اليسار لكن الدهر أخنى عليهم.
وقد تهيأت له في طفولته ثقافة أزهرية حتى قبل أن يدخل الأزهر إذ قرأ بعض المتون الأزهرية على أخواله ومنهم بعض علماء الأزهر كالشيخ عبد الصمد الأنصاري والشيخ أبو الحسن الأنصاري والشيخ فراج الأنصاري.
وعندما توفي والده قدم إلى الأزهر وانتظم في الدراسة به. ودرس على أيدى علمائه من أمثال الشيخ حسن العطار العالم اللغوي والشاعر الكاتب الذي خص الطهطاوي بعنايته لما لمسه فيه من النبوغ. وكان الطهطاوي يتردد على منزله لينهل من علمه ويشترك معه في الاطلاع على الكتب العربية التي لم تتداولها أيدي علماء الأزهر.
ولما أكتمل تعليم الطهطاوي اشتغل بالتدريس في الأزهر ثم سافر سنة 1826 بتزكية من الشيخ حسن العطار مع البعثة التي أوفدت إلى فرنسا ليكون إماما لها، وهناك تعلم الفرنسية ودرس أصول الترجمة طيلة خمس سنوات. واشتغل بها بعد عودته إلى مصر.
ولعل أهم حدث في حياته بعد عودته من البعثة هو نفيه إلى الخرطوم سنة 1850 ويقال: إن لكتابه "تخليص الإبريز في أخبار باريز" صلة بنفيه إذ إن الكتاب يحوي آراء وأفكارا تحررية لا ترضي حاكما مستبدا مثل الخديوي عباس وكان الكتاب قد طبع للمرة الثانية في أوائل عهده. لكن الطهطاوي يقول في تفسير سبب نفيه: إنه سافر إلى السودان بسعي بعض الأمراء بضمير مستتر بوسيلة نظارة مدرسة الخرطوم.
ويبدو من الأشعار التي نظمها أن الطهطاوي كان متألما لنفيه ويصور الأمر على أنه وشاية فيقول:
وما خلت العزيز يريد ذلي
…
ولا يصفى لأخصام لداد
لديه سعوا بألسنة حداد
…
فكيف صغى لألسنة حداد
رحلت بصفقة المغبون عنها
…
وفضلي في سواها في المزاد
وما السودان قط مقام مثلي
…
ولا سلماي فيه ولا سعادي
وقد قضى الطهطاوي في السودان أربعة أعوام كانت قاسية على نفسه