الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخلاق المعلمين:
تختلط الآراء فيما كتب عن أخلاق المعلمين فمنهم من يتهمهم بالحمق وروجوا عنهم الأمثال التي تصفهم بذلك مثل قولهم: "أحمق من معلم كتاب" وقد رد الجاحظ على هذا الزعم، وقال: كيف نستطيع أن نزعم أن الكسائي وقطرب وأتباعهما يقال لهم حمقى. ونفى هذه الصفة عن المعلمين بصفة عامة بقوله: "ولا يجوز هذا القول على هؤلاء ولا على الطبقة التي دونهم". وأمير الشعراء أحمد شوقي مع أنه عظم المعلم بقوله:
قم للمعلم وفه التبجيلا
…
كاد المعلم أن يكون رسولا
يقول في قصيدته بعنوان "مصاير الأيام": إن عدوى الصبية تمتد إلى المؤدب فتلقبه صبيا مثلهم. يقول شوقي في ذلك:
ألا حبذا صحبة المكتب
…
وأحبب بأيامه أحبب
وياحبذا صبية يمرحون
…
عنان الحياة عليهم صبي
خليون من تبعات الحياة
…
على الأم يلقونها والأب
كأنهم بعد تلقي الدروس
…
مهار عرابيد في الملعب
جنون الحداثة من حولهم
…
تضيق به سعة المذهب
عدا فاستبد بعقل الصبي
…
وأعدى المؤدب حتى صبي
وقد ورد أيضا أن معلم الكتاب لا تقبل شهادته، وقد يكون تفسير ذلك على أنه تشكك في ذمة المعلم وضميره وإنما على أنه سد الباب أما ترك المعلم لتلاميذه وعمله للإدلاء بالشهادة.
ومن المعروف أن معلم الكتاب كان يحرم عليه ألا يترك عمله ولا ينشغل عن تلاميذه لأي سبب من الأسباب، ولذلك حرم عليه -إلا في حالة الضرورة- أشياء منها عيادة المريض والصلاة على الجنازة أو السير فيها أو الإدلاء بالشهادة في البيع أو النكاح لأن هذه الأشياء تجعله يترك عمله وتلاميذه. بل لا يجوز للمعلم أن ينشغل عن تلاميذه بأن يكتب لنفسه أو لغيره كتب الفقه وغيرها إلا بعد انتهاء عمله مع الصبيان. ويصف ابن جماعة المعلم بأنه "الذي كملت أهليته وتحققت شفقته وظهرت مروءته وعرفت عفته واشتهرت صيانته وكان أحسن تعليما وأجود تفهيما".
أما بالنسبة لأخلاق وآداب العلماء فإن الكتابات عن هذا الموضوع تضعهم في مكانة عالية رفيعة، ويجب أن يكونوا نبراسا لغيرهم من المشتغلين بالعلم
والتعليم. وإلى جانب بعض الآداب التي سبق ذكرها.. يرى أبو حنيفة أن على العالم المسلم أن يعرف "أن الله عز وجل إنما بعث رسوله رحمة ليجمع به الفرقة وليزيد به الألفة ولم يبعثه ليفرق الكلمة ويحرش المسلمين بعضهم على بعض" وكذلك من واجبات العالم المسلم أن يبشر ولا ينفر وألا يرمي غيره بالكفر أو غيره من التهم إن اختلفوا معه في الرأي. ولا يجوز أن يصير هذا الخلاف في الرأي خلافا في الدين، فإن صار كذلك كان العالم نفسه مخطئا خطأ تتفاوت حدود امتداده بتفاوت حجم الضرر الناجم عنه.
ويقول الماوردي: ومن آدابهم "أي العلماء" نصح من علموه وتسهيل السبيل عليهم والا يمنعوا طالبا ولا ينفروا راغبا ولا يوئسوا متعلما لما في ذلك من قطع الرغبة فيهم والزهد فيما لديهم.
ويضيف العلموي إلى ذلك أنه إذا سئل عن شيء لا يعرفه، أو عرض في الدرس ما لا يعرفه فليقل لا أعرفه فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم.
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} وقال ابن عمر أيضا: العلم ثلاثة: كتاب ناطق، وسنة ماضية ولا أدري. وقال بعضهم:"تعلم لا أدري فإن قلت لا أدري علموك حتى تدري وإن قلت أدري سألوك حتى لا تدري".
قال الحميدي وهو تلميذ الإمام الشافعي: "صحبت الشافعي من مكة إلى مصر فكنت أستفيد منه المسائل ويستفيد مني الحديث". وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوب زور". وقد أدب الله تعالى العلماء بقصة موسى والخضر عليهما السلام حين لم يرد موسى العلم إلى الله تعالى لما سئل: هل أحد في الأرض أعلم منك.