الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آراؤه التربوية:
يعتبر الطهطاوي أول من كتب بتوسع عن التربية في العصور الحديثة في العالم العربي. وكان في كتاباته عنها متأثرا بما كتبه سابقوه عن التربية الإسلامية وردد آراءهم كما كان لدراسته في فرنسا وإقامته بها أثر واضح في آرائه. والتربية في نظره تعني تنمية الأعضاء الجسمية والعقلية وهي طريقة تهذيب النوع البشري ذكرا كان أو أنثى ليتحصل له أسباب السعادة والسيادة. "محمد عمارة: 1973 ج2 ص385".
تعميم التربية واجب:
يرى الطهطاوي ضرورة تعميم التربية وشمولها لجميع أبناء الأمة ذكورا وإناثا على السواء وفي ذلك يقول:
"بالجملة فتربية أولاد الملة وصبيان الأمة وأطفال المملكة ذكورا وإناث من أوجب الواجبات""المرجع السابق ص249". ويضرب المثل بتربية أمة اليونان القديمة المشهورة بالحكمة في قديم الزمان والتي كانت تحسن تربية أبناء ملوكها غاية الإحسان كما كانت تحسن تربية أطفالها وصغارها على القوة والشجاعة.
ويشير إلى تربية الإسكندر الأكبر بقوله: "ترشح بتهذيب أستاذه أرسطو إلى أن ملك الدنيا وهزم في كل الممالك الملوك والعسكر".
كما يشير إلى التربية الأوربية في مساواتها بين تربية الأولاد والبنات وهو يشيد بالتربية عند العرب القدماء وعنايتهم بالتربية على الشجاعة والبطولة.
مراعاة ميول المتعلم:
آمن الطهطاوي بضرورة مراعاة ميول المتعليم وتوجيهه وفق هذه الميول إلى دراسة العلوم التي تناسبه، وهذا التوجيه التعليمي يتأتى بعد أن ينتهي المتعلم من دراسة العلوم الابتدائية والتجهيزية "الثانوية" وبعدها يظهر ميله إلى الخصوصيات التي تناسبه من الصنائع والفنون. وهو يحث أهل الخير أن يساعدوا من يخرج من مجال التعليم ببضاعة رابحة على نيل الوظائف الأهلية العمومية الكافية لقوام معاشهم وانتعاشهم.
تحدث الطهطاوي عن أنواع التعليم العام ومراتبه فقسمها إلى ثلاثة أنواع: تعليم أولي أو ابتدائي وتعليم ثانوي تجهيزي وتعليم عال كامل انتهائي "المرجع السابق ص387".
التعليم الأولي الابتدائي:
وهو في نظره تعليم عام لجميع الناس ينتفع به أبناء الأغنياء والفقراء على السواء ذكورهم وإناثهم. وهو "عبارة عن تعلم القراءة والكتابة ضمن تعليم القرآن الشريف والنحو ومبادئ الحساب والهندسة". وهو يعتبر "التعليم الأولي ضروريا لسائر الناس يحتاج إليه كل إنسان كاحتياجه إلى الخبز والماء" وهي عبارة تردد صداها عنه طه حسين فيما بعد عندما نادى بأن التعليم حق لكل إنسان كالماء والهواء.
التعليم الثانوي أو التجهيزي:
وهو يعتبر تعليما أكثر صعوبة من سابقة، ولذلك "فهو في الغالب لا يلتفت إلى البراعة فيه غالب الأهالي" وينبغي للحكومة أن ترغب الأهالي وتشوقهم إليه نظرا لأهميته. في هذا التعليم في نظره يكون تمدين جمهور الأمة وكسبها درجة الترقي في الحضارة والعمران.
وأنواع هذا التعليم كثيرة فيما ينبغي أن يشتغل به أبناء الأهالي منه المهم فالأهم كالعلوم الرياضية بأنواعها والجغرافيا والتاريخ والمنطق وعلم المواليد الثلاثة "أي الحيوان والنبات والمعادن" والطبيعة والكيمياء وإدارة الملكية وفنون الزراعة والإنشاء والمحاضرات وبعض الألسنة التي يعود نفعها على الدولة.
وقد يبدو غريبا على رجل مثل الطهطاوي الذي يعرف اللغات الأجنبية أن يضع تعليمها في آخر القائمة. وهو يرى أن يكون التعليم الثانوي كثيرًا منتشرًا في أبناء الأهالي القابلين له الراغبين فيه فيتاح لهم التعليم ليكونوا من الدرجة الوسطى وهو بهذا ترك التعليم الثانوي اختياريا لمن أراد وكان قادرًا على الاستفادة منه.