الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
ظهور حركة التربية الحديثة:
شهدت البلاد العربية اهتماما بحركة التربية الحديثة وما يتصل بها من نظريات جديدة في التربية. وقد بدأت هذه الحركة أساسا في مصر بعد الحرب العالمية الأولى وابتدأت تعبر عن نفسها في الثلاثينيات من هذا القرن. وقد بدأت هذه الحركة على يد الرعيل الأول ممن حملوا حركة التربية الحديثة من أمثال نجيب الهلالي وطه حسين وإسماعيل القباني وعبد العزيز القوصي وغيرهم. وعن طريق هؤلاء الرجال والأساتذة الزائرين من الأجانب من أمثال "كولا باريد"
…
و"مان" و"بودي" و"جراي" و"رج" تعرف دارسو التربية على مشكلات التربية وحركة التربية الحديثة في أمريكا وإنجلترا وفرنسا وغيرها من الدول. ونظرة فاحصة إلى المبادئ الرئيسية التي تستند عليها هذه الفلسفة تدعم وجهة نظر المؤلف في أن هذه الفلسفة كانت متأثرة بصورة أساسية بالحركة التقدمية في التعليم الأمريكي بصفة عامة وفلسفة جون ديوي البراجماتية بصفة خاصة1. وكانت أهم مبادئ هذه الفلسفة تنادي بأن التربية يجب أن تساعد التلميذ على فهم مجتمعه واكتشاف بيئته وما يحيط بها وأن المناهج يجب أن تكون على صلة وثيقة بنمو التلميذ الجسمي والنفسي وأن مواد الدراسة يجب أن تتكامل فيما بينها في وحدة عضوية، وأنه يجب العناية بالنشاظ الفني الخلاق والدراسات العملية حتى يتسنى للتلميد أن يتعلم التفكير عن طريق الخبرة العملية. ويعزى نشر هذه الفلسفة الحديثة بصفة عامة إلى مؤسستين اثنتين.
أ- رابطة التربية الحديثة وخريجي معاهد التربية التي أسست سنة 1937م: وهدفها هو تقديم التربية الحديثة للمدارس المصرية. ومنذ تأسيسها قامت الرابطة بتنظيم عدة مؤتمرات وحلقات لهذا الغرض، وكان من أهمها المؤتمر الذي عقد سنة 1945 لمناقشة "تطبيق أساليب التربية الحديثة في المدارس المصرية" وهو عنوان له مغزاه. وتقوم الرابطة أيضا بطبع صحيفة خاصة تصدر كل ثلاثة
1 إسماعيل القباني وهو نفسه شاهد معاصر لهذه الحركة ورائد من روادها يذكر أن آراء جوان ديوي وتطبيقاتها الاجتماعية كانت تدرس بعناية في معهد التربية وكانت تثير كثيرا من الاهتمام بين رجال التربية.
أشهر تعرف باسم "صحيفة التربية". وفيها تنشر المقالات والبحوث التربوية الحديثة.
ب- معهد التربية: وقد أنشئ سنة 1929 ليحل محل مدرسة المعلمين العليا بناء على توصية الخبير السويسري كلاباريد الذي كان عندئذ أستاذ علم النفس وعميد معهد روسو بجنيف. وكان الغرض من إنشائه تحقيق الأغراض الآتية:
أ- أن يعد المعلمين لمدارس التعليم العام والابتدائية والثانوية.
ب- أن يكون مركزا للبحث العلمي في مسائل التربية والتعليم والدراسة بالإرشاد اللازم لتطبيق أساليبها في المدارس المصرية.
وكان المعهد منذ تأسيسه يلعب الدور القيادي في حركة التربية الحديثة في العالم العربي.
وفي الفترة بين عام 1944 و1953 قام المعهد بدعوة عدد من الرجال التربية المشهورين في أمريكا وأوربا ومن بينهم كان بودي BODE "أمريكا""1944-1945" وكيرتشر KIRCHER "1945-1948" الذي كان آنذاك أستاذا بجامعة أنديانا والسير كلارك CLARK "1948" الذي كان أستاذا بمعهد التربية بجامعة لندن، و"رج" RUGG "1951-1952" الأستاذ السابق بجامعة كولومبيا.
ومن ناحية أخرى قام المعهد منذ سنة 1932 بتطبيق أساليب التربية الحديثة في الفصول النموذجية ثم المدارس النموذجية التي أنشئت منذ سنة 1939 بهذا الغرض بالذات. وقد استطاعت هذه المدارس أن تعلب دورا هاما كان له تأثيره على بقية المدارس في مصر والبلاد العربية. فإسماعيل القباني وزير التربية والتعليم السابق يذكر أن مناهج هذه المدارس كانت أساس التغيرات التي
أدخلت على مناهج الدراسة الثانوية سنة 1945-1953، ومناهج المدارس الابتدائية سنة 1937، وسنة 1947-1953، واستطاعت هذه المدارس النموذجية أيضا أن تؤثر على المدارس الحكومية في أشياء كثيرة أخرى منها ألوان النشاط خارج المنهج والجو المدرسي بصفة عامة. والواقع أن وزارة التربية والتعليم قد اعترفت بفضل هذه المدارس على تطوير التربية في مصر وابتدأت تظهر اهتماما كبيرا بهذه المدارس كان من مظاهره إعادة تنظيم هذه المدارس "سنة 1956"1 وأعلنت الوزارة عندئذ أن هدف هذه المدارس هو أن تكون حقلا للتجريب التربوي الحديث وأساليب التربية الحديثة التي يمكن تطبيقها ونقلها إلى المدارس الأخرى وأعطى الإشراف الفني على هذه المدارس النموذجية سنة 1955 إلى كلية التربية "معهد التربية سابقا""القاهرة" كلية البنات "القاهرة" كلية المعلمين بأسيوط، وإدارة البحوث الفنية والمشروعات بوزارة التربية وللتنظيم بين هذه الهيئات الإشرافية أنشئ المجلس الأعلى للمدارس النموذجية وفيما يلي نماذج للبحوث التي قامت بها هذه الهيئات بين عامي سنة 1955-1961. كما وردت في التقرير السنوي "1959-1961" لإدراة البحوث الفنية والمشروعات.
بحث حالة المدارس الابتدائية، تنظيم الإدارة المركزية لوزارة التربية والتعليم، مشاكل التعليم الثانوي، البطاقات المدرسية، الاختبارات الموضوعية والتحصيلية، نظام الامتحانات في المدارس الإعدادية والثانوية والفنية، المستوى الثقافي لخريجي الجامعة، العقاب المدرسي، تقويم الدور الاجتماعي للمدرسة في المجتمع، تقويم المدرسين والإداريين، نظام التفتيش، متابعة خريجي المدارس الثانوية الفنية، التأخر الدراسي في المدارس الابتدائية، تجربة منطقة الجيزة في اللامركزية، مشكلة الانقطاع الدراسي، طرق تعليم القراءة، مناهج المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، تقويم الكتب الدراسية، الأخطاء الإملائية، مشكلات المرأة العامة، التغذية المدرسية، مشاكل المراهقة، الدروس الخصوصية.
1 مع عدم التقليل من أهمية الدور الذي لعبته المدارس النموذجية فإن المؤلف يعتقد بضرورة الأخذ بمفهوم جديد للمدارس النموذجية لا يقتصر تطبيقه على التعلم العام بل يتعداه ليشمل التعليم الفني أيضا مع تركيز الاهتمام على محتوى المواد الدراسية وأساليب تعليمها على أحدث الاتجاهات. لماذا لا نفكر في إنشاء مدارس صناعية نموذجية أو مدارس على غرار المدرسة الشاملة بحيث تكون على نطاق تجريبي.