الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 -
إقرار الصلح بين المتخاصمين:
قال عمر في رسالته لأبي موسى رضي الله عنهما: " والصلح جائز فيما بين الناس إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا ".
وقال رضي الله عنه: " ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث الضغائن بين الناس " وخاصة إذا كانت بين المتخاصمين قرابة.
قال عمر: " ردوا الخصوم إذا كانت بينهم قرابة، فإن فصل القضاء يورث بينهم الشنآن "(1) فعلى القاضي أن يصلح بين الخصوم إذا لم يتبين له الحق.
كتب عمر إلى معاوية " احرص على الصلح بين الناس ما لم يستبن لك القضاء "(2).
فالإسلام يحرص على بقاء وشائج الأخوة قوية متينة بين المسلمين، ويرغب في إزالة كل ما يعرضها للضعف والانقطاع فيأمر بالإصلاح ويرشد في آيات كثيرة منها:
{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (3).
(1) إعلام الموقعين جـ1 ص117. والشنآن: العداوة.
(2)
أخبار القضاة لوكيع جـ1 ص 75.
(3)
سورة الحجرات الآية 9
(4)
سورة النساء الآية 128
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يرى أن يصلح القاضي بين المتخاصمين بمال يدفعه هو؛ لأن ذلك دليل ضعفه عن أن يحكم ويقضي ويلزم؛ ولأنه ربما دفع بعض الناس لافتعال الخصومة من أجل الظفر بدفع القاضي. روى القاضي وكيع بسنده قال: [عن أنس بن سيرين أن عمر استعمل قاضيا فاختصم إليه رجلان في دينار فحل (2) القاضي دينارا فأعطاه المدعي، فقال عمر: اعتزل قضاءنا " (3).
والصلح له شروط وأهمها أن يكون متفقا مع شرع الله، فلا يحرم حلالا ولا يحل حراما، فإن كان لا يتفق مع أحكام الله نقضه القاضي إن كانوا عقدوه بمشورته. وعرض عليهم رأيه في الصلح، فإن قبلوه أمضاه عليهم وحكم به.
يقول ابن القيم في شرح كلام عمر: [والصلح الذي يحل الحرام، ويحرم الحلال كالصلح الذي يتضمن تحريم بضع حلال، أو إحلال بضع حرام، أو إرقاق حر، أو نقل نسب، أو ولاء عن محل إلى محل، أو أكل ربا، أو إسقاط واجب، أو تعطيل حد، أو ظلم ثالث، وما أشبه ذلك، فكل هذا صلح جائر مردود، فالصلح الجائز بين المسلمين هو الذي يعتمد فيه رضى الله سبحانه، ورضى الخصمين، فهذا أعدل الصلح وأحقه، وهو يعتمد العلم والعدل، فيكون المصلح عالما بالوقائع، عارفا بالواجب، قاصدا للعدل، فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصائم والقائم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين الحالقة، أما إني لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين (4)»،.
(1) سورة النساء الآية 114
(2)
حل أي حل صرة معه.
(3)
أخبار القضاة جـ 1 ص 81.
(4)
سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2509)، سنن أبو داود الأدب (4919)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 445).