الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحقيق مما يجب العمل به عند حصول الثقة بها؛ إذ إن أبا موسى قبل وفاته أوصى لابنه أبي بردة، فكان هذا الكتاب الذي بخط عمر بن الخطاب عنده - كما نقلنا عن أخبار القضاة آنفا ثم وازنت رواية وكيع برواية ابن القيم (1)، ورواية ابن خلدون (2). المتوفى سنة 808 هـ.
ومن هذه الموازنة لم أجد فارقا بين تلك الروايات اللهم إلا في التقديم أو التأخير، أو إبدال عبارة بأخرى من الألفاظ التي لا يتغير بها المعنى. وهذا يحصل لمن يروي من حفظه. أما رواية وكيع - فكما سلف - أنها لم تكن من الحفظ وإنما كانت وجادة، وكذلك رواية ابن القيم إذ قال بعد سياقه لروايته:[قال أبو عبيد: فقلت لكثير: هل أسنده جعفر؟ قال: لا](3)، وقال في بداية السند:[فأخرج إلي كتبا فرأيت في كتاب منها، (4). مما يدل على أنها وجادة مكتوبة، ولكنها غير مسندة إلى معمر البصري؛ إذ إسناد ابن القيم هكذا: [وقال أبو عبيد: ثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان، وقال أبو نعيم عن جعفر بن برقان، عن معمر البصري، عن أبي العوام، وقال سفيان بن عيينة: ثنا إدريس أبو عبد الله بن إدريس قال: أتيت سعيد بن أبي بردة فسألته عن رسل عمر بن الخطاب التي كان يكتب بها إلى أبي موسى الأشعري، وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة، فأخرج إلي كتبا فرأيت في كتاب منها](5).
(1) إعلام الموقعين جـ 1 ص 92. المتوفى سنة 751
(2)
المقدمة لابن خلدون ص221
(3)
إعلام الموقعين جـ1 ص 92.
(4)
إعلام الموقعين جـ 1 ص 91.
(5)
إعلام الموقعين جـ 1ص 91.
نص الرسالة:
أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.
واس (1) بين الاثنين في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس وضيع من عدلك، الفهم الفهم فيما يتلجلج (2) في صدرك ويشكل عليك، ما لم ينزل في الكتاب ولم تجر به سنة.
واعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور بعضها ببعض، فانظر أقربها إلى الله وأشبهها بالحق فاتبعه واعمد إليه.
لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك، فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا حدا، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء قرابة.
واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، أو بينة عادلة، فإنه أثبت للحجة، وأبلغ في العذر، فإن أحضر بينة إلى ذلك الأجل أخذ بحقه، وإلا وجهت عليه القضاء.
البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
إن الله تبارك وتعالى تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات.
وإياك والغلق والضجر والتأذي بالناس، والتنكر للخصم في مجالس
(1) واس: من المواساة، وهي التسوية والعدل، أي سو بينهم، في هذا كله، واجعل بعضهم أسوة بعض.
(2)
يتلجلج: التلجلج هو التردد وعدم ظهور الأمر وجلاؤه
القضاء التي يوجب الله فيها الأجر، ويحسن فيها الذخر، من حسنت نيته، وخلصت فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس.
والصلح جائز فيما بين الناس إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا.
ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله في عاجل دنيا، وآجل آخرة والسلام.
طرق رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
رويت هذه الرسالة بعدة طرق منها:
1 -
طريق وكيع المتوفى سنة 306، قال:[حدثني علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا إدريس أبو عبد الله بن إدريس قال: أتيت سعيد بن أبي بردة فسألته عن رسائل عمر بن الخطاب التي كان يكتب بها إلى أبي موسى الأشعري - وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة - فأخرج إلي كتبا فرأيت في كتاب منها]، ثم ذكر الرسالة.
2 -
طريق الدارقطني المتوفى سنة 385 هـ - في سننه قال: [حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن محمد النعماني، حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي
خداش، نا عيسى بن يونس، نا عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري]، ثم ساق الرسالة.
3 -
طريق ابن حزم - المتوفى سنة 456 هـ - قال: فحدثنا بها أحمد بن عمر العذري، ثنا أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي، ثنا أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي السجستاني، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه قال:] (1) ثم ساق الرسالة.
وطريق آخر لابن حزم قال: [وحدثناها أحمد بن عمر، ثنا عبد الرحمن بن الحسن الشافعي، ثنا القاضي أحمد بن محمد الكرجي، ثنا: محمد بن عبد الله العلاف، ثنا أحمد بن علي بن محمد الوراق، ثنا: عبد الله بن سعد، ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان عن إدريس بن يزيد الأودي، عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه](2).
4 -
طرق البيهقي - المتوفى سنة 458 هـ في سننه قال: [وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا ابن كناسة، ثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري، قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما]. وذكرها بأكملها.
(1) الإحكام في أصول جـ 7 ص 1002 - 1003 مطبعة الإمام بمصر.
(2)
الإحكام في أصول الأحكام جـ 7 ص 1003.