الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجال عمل المرأة
في الإسلام
إعداد
الدكتور محمد بن أحمد الصالح (1)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
1 -
مكانة المرأة في الإسلام:
كانت المرأة في الجاهلية الأولى تعتبر من سقط المتاع، يتوارثه الناس كما يتوارثون الأرض والبناء والأثاث، بل كانوا يذهبون إلى اعتبارها عارا يتخلصون منه بجريمة قتل بشعة إذ يدفنونها حية، قال تعالى:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} (2){يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (3) وقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} (4){بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (5).
انتشل الإسلام المرأة من هذه الوهدة السحيقة، ليضعها في مكان كريم. .
ليضعها أولا في مكان "المساواة الإنسانية الكريمة «النساء شقائق الرجال (6)» ثم ليضعها في التكليف أو أمام التكليف مع الرجل سواء
(1) ورد لكاتب البحث ترجمة في العدد العاشر ص 304.
(2)
سورة النحل الآية 58
(3)
سورة النحل الآية 59
(4)
سورة التكوير الآية 8
(5)
سورة التكوير الآية 9
(6)
ضعفه الشوكاني، وصححه أحمد شاكر والألباني. أبو داود كتاب الطهارة باب الرجل يجد البلة في منامه 1/ 162 تحقيق طبعة عزت الدعاس. الترمذي في أبواب الطهارة باب ما جاء فيمن يستيقظ ولا بجد بللا 1/ 190 تحقيق أحمد شاكر، والإمام أحمد في المسند 6/ 256 كلهم عن عائشة والدارمي باب في المرأة ترى في منا مها ما يرى الرجل 1/ 160 طبعة اليماني عن أنس.
بسواء، قال الله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (1) بل وليجعلها مع الرجل في الجزاء سواء: قال الله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (2) ثم ليضعها بعد ذلك في مكان عزيز وسط أسرتها. .
فهي أم موضع التكريم، بل تسبق الأب في هذا التكريم: عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال أمك: قال ثم من؟ قال أبوك (3)» .
والجنة تحت أقدام الأمهات، عن معاوية بن جاهمة «أن جاهمة رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: لا فالزمها فإن الجنة عند رجلها (4)» وهي زوجة كذلك موضع التكريم، عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي (5)» «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء: الزوجة الصالحة (6)»
(1) سورة النحل الآية 97
(2)
سورة آل عمران الآية 195
(3)
البخاري كتاب الأدب باب من أحق الناس بحسن الصحبة. مسلم كتاب البر والصلة باب بر الوالدين وأيهما أحق به ص 2974 طبعة فؤاد عبد الباقي.
(4)
النسائي كتاب الجهاد باب الرخصة في التخلف لمن له والدة 5/ 11، الطبعة الأولى تصوير دار الفكر. ابن ماجة كتاب الجهاد باب الرجل يغزو وله أبوان 2/ 930.
(5)
قال الترمذي حسن صحيح. الترمذي كتاب المناقب باب فضل أزواج النبي 0759/ 5 الدارمي كتاب النكاح باب في حسن معاشرة النساء 2/ 82 عن عائشة، وابن ماجة كتاب النكاح باب حسن معاشرة النساء 1/ 636 عن ابن عباس.
(6)
البخاري مع الفتح 3/ 283 الطبعة السلفية.
وهي إن كانت بتعبير " السنة " كنزا أو خير الكنوز. . فهي في القرآن جزء من النفس، قال الله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (1) وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} (2) وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (3) وهي في الوقت ذاته " مسكن " وعلاقتها مع زوجها هي علاقة " المودة " و " الرحمة ". أي تكريم بعد هذا التكريم، وأي مستوى للعلاقات الزوجية أكرم من هذا المستوى؟
وهي بعد ذلك مكرمة. . أختا أو بنتا أو رحما. .
فوصلها وصل للرحمن، وإحسان تربيتها وإكرامها. . وقاء من النار وطريق إلى الجنة. . عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار (4)» ، وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله (5)» ، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا (6)» وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن ساءه منها خلق سره آخر (7)»
(1) سورة الروم الآية 21
(2)
سورة النساء الآية 1
(3)
سورة الأعراف الآية 189
(4)
البخاري كتاب الزكاة باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، والأدب باب رحمة الولد وتقبيله 5/ 426 ومسلم كتاب البر والصلة باب فضل الإحسان إلى البنات 4/ 2027.
(5)
مسلم كتاب البر والصلة باب صلة الرحم 4/ 1981 البخاري بنحوه في كتاب الأدب باب من وصل وصله الله 11/ 417.
(6)
البخاري كتاب الأنبياء باب خلق آدم 6/ 363 البخاري مع الفتح الطبعة السلفية. مسلم كتاب النكاح باب الوصية بالنساء 2/ 1091.
(7)
صحيح مسلم بشرح النووي 3/ 657.