الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحقيق رسالة عمر بن الخطاب
إلى أبي موسى الأشعري
* ناصر بن عقيل بن جاسر الطريفي
* ولد بحائل 1367 هـ
* الشهادات العلمية: كلية الشريعة بالرياض 89/ 1390 هـ، والماجستير من المعهد العالي للقضاء 93/ 1394 هـ، ورسالة الدكتوراه في "القضاء في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كلية الشريعة بالرياض 1404 هـ بدرجة مرتبة الشرف الأولى بالفقه".
* العمل: عمل مدرسا بمعهد حائل العلمي، والرياض العلمي، ثم وكيلا لكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية بالرياض سنة 1395 - 1397هـ، شارك في مؤتمر الفقه الإسلامي المنعقد في مدينة الرياض في غرة ذي القعدة 1396 هـ، والذي نظمته جامعة الإمام حيث عين أمينا مساعدا للمؤتمر.
* العمل الحالي: أستاذ مساعد في كلية الشريعة بالرياض.
تحقيق رسالة عمر بن الخطاب
إلى أبي موسى الأشعري
وبيان
ما تضمنته من توجيهات للقضاة
للدكتور: ناصر بن عقيل بن جاسر الطريفي
أخذت هذه الرسالة من بين الرسائل التي بعث بها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قضاته وعماله لما لها من الأهمية في سياسة القضاء ونظمه، ولما أثير حولها من كلام.
والكتب التي أرسل بها عمر كثيرة ومتنوعة، منها ما هو إجابة لأسئلة القضاة واستفساراتهم فيما يشكل عليهم من أمر القضاء مما جد في حياة الناس ويحتاج إلى معرفة حكم الله فيه، ومن هذه الرسائل ما هو نصائح وتوجيهات، وبيان لكيفية التداعي وأحكام الدعوى، وطريقة الفصل في القضايا. وفيما يلي أسوق نماذج من هذه الرسائل:
1 -
روى القاضي وكيع قال: [حدثنا إبراهيم بن محسن بن معدان المروزي، قال: أخبرنا عبيدة بن حميد، قال: حدثنا حفص بن صالح أبو عمر الأسدي، عن الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى معاوية وهو أمير بالشام: (أما بعد: فإني كتبت إليك في القضاء بكتاب لم آلك فيه ونفسي خيرا، فالزم خصالا يسلم دينك، وتأخذ بأفضل حظك عليك، إذا حضر الخصمان فالبينة العدول، والأيمان القاطعة، أدن
الضعيف حتى يجترئ قلبه، وينبسط لسانه، وتعاهد الغريب، فإنه إن طال حبسه ترك حقه، وانطلق إلى أهله، وإنما أبطل حقه من لم يرفع به رأسا، واحرص على الصلح بين الناس ما لم يستبن لك القضاء] 2 - روى ابن القيم قال:[وفي كتاب عمر بن الخطاب إلى شريح: (إذا وجدت شيئا في كتاب الله فاقض به، ولا تلتفت إلى غيره، وإن أتاك شيء ليس في كتاب الله فاقض بما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أتاك ما ليس في كتاب الله، ولم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما أجمع عليه الناس، وإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم فيه أحد قبلك، فإن شئت أن تجتهد رأيك فتقدم، وإن شئت أن تتأخر، فتأخر، وما أرى التأخر إلا خيرا لك) ذكره سفيان الثوري عن الشيباني عن الشعبي عن شريح أن عمر كتب إليه].
3 -
روى القاضي وكيع: (أن عمر بن الخطاب كتب إلى المغيرة بن شعبة أن يقضي بين الناس، وقال: إن أمير العامة أجدر أن يهاب. وقال: إذا رأيت من الخصم. فأوجع رأسه)(1).، وروى نحوه عبد الرزاق
(1) أخبار القضاة جـ 1 ص 274
بسنده أن عمر كتب به إلى أبي موسى الأشعري فقال: (وكتب إليه ألا يقضي إلا أمير، فإنه أهيب للظالم ولشاهد الزور، وإذا جلس عندك الخصمان فرأيت أحدهما يتعمد الظلم فأوجع رأسه)(1).
4 -
روى القاضي وكيع قال: (حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة، عن فضيل بن معاذ، عن أبي جرير، عن الشعبي، قال: كتب عمر بن الخطاب إلى شريح: (لا تجيزن لامرأة في مالها أمرا حتى يحول عليها حول عند زوجها أو تلد ولدا)، وساقه برواية أخرى قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن يزيد، عن مجالد، عن الشعبي: أن عمر كتب إلى شريح: أن اقض بعين الدابة إذا فقئت بربع ثمنها، ولا تجيزن لامرأة هبة شيء حتى تلد بطنا، أو يحول عليها حول، وهي في بيت زوجها ولا تورث حميلا) 5 - وروى القاضي وكيع قال: [حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا يزيد بن أبي حكيم، قال: حدثنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن شريح قال: كتب إلي عمر: بخمس من صوافي الأمراء: إن الأسنان سواء، والأصابع سواء، وفي عين الدابة ربع ثمنها، وإن الرجل يسأل عند موته عن ولده فأصدق ما يكون عند موته، وجراحة الرجال والنساء سواء إلى ثلث دية الرجل) (2).
(1) المصنف، كتاب الجامع، باب القضاء جـ 11 ص 328 ـ 329.
(2)
أخبار القضاة جـ 2 ص 193.
6 -
روى القاضي وكيع قال: أخبرنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثني عمي، قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن شبرمة: أن قتيلا أصيب في وادعة من همدان ولا يعلم له قاتل، فكتب فيه شريح بن الحارث إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر:(أن خذ من وادعة خمسين رجلا، الخير والخير، ثم استحلفهم بالله ما قتلوا، ولا يعلمون له قاتلا، ففعل ذلك، ففعلوا فكتب إليه شريح: إنهم قد حلفوا، فكتب إليه عمر: بهذا برئوا من الدم، فما الذي يخرجهم من العقل؟ ضع عليهم عقله)(1).
7 -
وذكر ابن الجوزي قال: (عن عبد الله بن عمر قال: كنا مع عمر في منى، فأبصر رجلا يسرع في سيره، فقال: إن هذا الرجل يريدنا، فأناخ ثم ذهب لحاجته، فجاء الرجل فبكى عمر، وقال: ما شأنك؟ قال: يا أمير المؤمنين إني شربت الخمر، فضربني أبو موسى وسود وجهي، وطاف بي، ونهى الناس أن يجالسوني، فهممت أن آخذ سيفي فأضرب أبا موسى، أو آتيك فتحولني إلى بلد لا أعرف فيه، أو ألحق بأرض الشرك، فبكى عمر وقال: ما يسرني أن تلحق بأرض الشرك، وأن لي كذا وكذا، وقال: إني كنت لمن أشرب الناس الخمر في الجاهلية. ثم كتب إلى أبي موسى: إن فلانا أتاني، فذكر كذا وكذا، فإذا أتاك كتابي هذا فمر الناس أن يجالسوه، وأن يخالطوه، فإن تاب فاقبل شهادته، وكساه وأمر له بمائتي درهم)(2).
إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة التي حفلت بها كتب التأريخ والسير والآثار والفقه، مما كان يكتب به عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - إلى ولاته وقضاته، التي تحمل في ثناياها غزارة التوجيهات والنصائح للقضاة والعمال، وكان دافعه إلى ذلك خشيته أن تزل بالقاضي قدمه في معاملة الناس والقضاء
(1) أخبار القضاة جـ 2 ص 193 - 194.
(2)
تاريخ عمر بن الخطاب ص 153.