الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد نفذ هذا على نفسه حينما تحاكم وأبي بن كعب إلى زيد بن ثابت في نخل ادعاه أبي، فتوجهت اليمين على عمر فقال زيد:" أعف أمير المؤمنين، فقال عمر: ولم يعف أمير المؤمنين؛ إن عرفت شيئا استحققته بيميني، وإلا تركته، والذي لا إله إلا هو إن النخل لنخلي، وما لأبي فيه حق، فلما خرجا، وهب النخل لأبي، فقيل له: يا أمير المؤمنين هلا كان هذا قبل اليمين؟ فقال: "خفت أن لا أحلف فلا يحلف الناس على حقوقهم بعدي فتكون سنة".
أما إذا أبى أن يحلف المدعى عليه فقد اختلف العلماء في ذلك.
11 -
الأخذ بالأدلة الظاهرة:
قال عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - في رسالته لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: " إن الله تبارك وتعالى تولى منكم السرائر ودرأ عنكم الشبهات ".
وقال - رضي الله تعالى عنه - فيما رواه عبد الله بن عقبة قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسب سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال إن سريرته حسنة ".
فالإسلام يبني أحكامه على الأدلة الظاهرة. ولا يأخذ بنظرية الشك التي
يقول بها رينه ديكارت.
ولا بنظرية الغاية تبرر الوسيلة التي يقول بها ميكافيلي، فالأصل في المسلم بل الإنسان عدم الشك، ولا يحصل الاتهام والشك إلا بدليل، كما أن الغاية في الإسلام يجب أن تكون شريفة والوسيلة إليها شريفة أيضا، فلا يؤخذ الأشخاص لمجرد تهمة كاذبة أو ظن آثم، روى البخاري قال: [وقال الأشعث بن قيس قال النبي صلى الله عليه وسلم: «شاهداك أو يمينه (1)» وقال ابن أبي مليكة: لم يقد بها معاوية - أي القسامة - وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة - وكان أمره على البصرة في قتيل وجد عند بيت من بيوت السمانين: إن وجد أصحابه بينة وإلا فلا تظلم الناس فإن هذا لا يقضى فيه إلى يوم القيامة " (2).
يقول ابن حزم - رحمه الله تعالى - في بيان أن الوسيلة يجب أن تكون شريفة كما أن الغاية يجب أن تكون شريفة فالوصول إلى الجاني مطلب شرعي ولكن يجب الوصول إليه بطريق شرعي. فقال رحمه الله: [لا يحل الامتحان في شيء من الأشياء بضرب، ولا بسجن، ولا بتهديد؛ لأنه لم يوجب ذلك القرآن، ولا سنة ثابتة، ولا إجماع، ولا يحل أخذ شيء من الدين إلا من هذه الثلاثة النصوص (الأصول) بل قد منع الله تعالى من ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام (3)»،. فحرم الله تعالى البشر والعرض، فلا يحل ضرب مسلم، ولا سبه إلا بحق أوجبه القرآن، أو السنة الثابتة](4).
(1) صحيح البخاري الرهن (2516).
(2)
صحيح البخاري، كتاب الديات، باب القسامة. فتح الباري جـ 12 ص 229.
(3)
رواه البخاري عن أبي بكرة في صحيحه - كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ترجعوا بعدي كفارا" فتح الباري جـ 13 ص 26.
(4)
المحلى جـ13/ 40 - 41.