الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر المرأة في حياتكم
سؤال
من مجلة الجيل إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم إلى يوم الدين وبعد:
فإن للمرأة المسلمة أثرا كبيرا في حياة كل مسلم، فهي المدرسة الأولى في بناء المجتمع الصالح، وخاصة إذا كانت هذه المرأة تسير على هدى من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأن التمسك بهما يبعد كل مسلم عن الضلال في كل شيء، وضلال الأمم وانحرافها لا يحصل إلا بابتعادها عن نهج الله سبحانه وتعالى، وما جاء به أنبياؤه ورسله - عليهم الصلاة والسلام - قال صلى الله عليه وسلم:«تركت فيكم أمرين لا تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي (1)» .
ولقد جاء في القرآن الكريم كما فصلت السنة المطهرة: أهمية المرأة أما وزوجة وأختا وبنتا مالها من حقوق وعليها من واجبات.
والأهمية تكمن فيما يلقى عليها من أعباء وما تتحمل من مشاق تفوق في بعضها أعباء الرجل.
لذلك كان من أهم الواجبات شكر الوالدة وبرها وحسن صحبتها وهي مقدمة في ذلك على الوالد قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (2).
(1) رواه مالك في الموطأ بهذا المعنى في كتاب القدر
(2)
سورة لقمان الآية 14
وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك (1)» ومقتضى ذلك أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر.
ومكانة الزوجة وتأثيرها على هدوء النفوس أبانته الآية الكريمة قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (2).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (3) المودة هي المحبة، والرحمة هي الرأفة فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو الرحمة بها بأن يكون لها منه ولد.
ولقد كان للوقفة الفريدة التي وقفتها خديجة رضي الله عنها أكبر الأثر في تهدئة روع رسولنا صلى الله عليه وسلم عندما شاهد جبريل عليه السلام بين السماء والأرض لأول مرة، فقالت: أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
وأيضا لا ننسى أثر عائشة رضي الله عنها حيث أخذ عنها الحديث كبار الصحابة وكثير من النساء الأحكام المتعلقة بهن.
وبالأمس القريب وعلى زمن الإمام محمد بن سعود رحمه الله نصحته زوجته بأن يتقبل دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عندما عرض عليه دعوته فإن لنصيحتها له أكبر الأثر في اتفاقهما على تجديد الدعوة ونشرها، حيث نلمس بحمد الله اليوم أثر ذلك برسوخ العقيدة في أبناء هذه الجزيرة.
(1) رواه البخاري في كتاب الأدب " باب من أحق الناس بحسن الصحابة " للبخاري على فتح الباري ج 10 ص 401، ومسلم في كتاب البر والصلة ج 16 ص 102 واللفظ له
(2)
سورة الروم الآية 21
(3)
سورة الروم الآية 21
ولا شك أن لوالدتي - رحمة الله عليها - فضلا كبيرا وأثرا عظيما في تشجيعي على الدراسة والإعانة عليها ضاعف الله مثوبتها وجزاها عني خير الجزاء.
ولا شك في أن البيت الذي تسوده المودة والمحبة والرأفة والتربية الإسلامية سيؤثر على الرجل، فيكون بإذن الله موفقا في أمره ناجحا في أي عمل يسعى إليه من طلب علم أو كسب تجارة، أو زراعة إلى غير ذلك من أعمال.
والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز