الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ينافح " يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»
والصحيح من هذين القولين هو الأول؛ لأمرين:
أولهما: أن حديث مسروق وإن كان في صحيح البخاري إلا أنه ليس فيه تصريح بأن المراد حسان بن ثابت؛ إذ يحتمل أن يكون المراد به أن حسانا قد خاض في الإفك، لا أنه الذي تولى كبره. ويؤيد هذا قول عائشة رضي الله عنها في سبب النزول:" وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول "(1) وكذا ما رواه عروة عن عائشة رضي الله عنها «قالت: عبد الله بن أبي ابن سلول (3)» وهذا تصريح منها في النص عليه.
والآخر: أن الله تعالى توعد في هذه الآية من تولى كبره بالعذاب العظيم، وهو شامل للعذاب الأخروي بلا شك، وهذا يمنع أن يكون المراد حسانا لأنه حد حد القذف، والحد مكفر للذنب كما في حديث عبادة بن الصامت، وفيه:«ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارته (4)»
(1) راجع سبب النزول ص (5)(292).
(2)
أخرجه البخاري 4/ 1774 ح 4472.
(3)
سورة النور الآية 11 (2){وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ}
(4)
أخرجه البخاري 3/ 1413 ح 3679، ومسلم 3/ 1333 ح 1709.
الوقفة العاشرة:
مع خطر شيوع الفاحشة:
قال الله تعالى في هذه الآيات: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في
الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (1)، وهذا وعيد شديد لكل من أحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وقد فسر ذلك إما بمحبة شيوع الكلام السيئ عن المؤمنين أو بمحبة شيوع فاحشة الزنا وشمولها كل من اتصف بصفة الإيمان، ولا منافاة بين التفسيرين.
ويؤخذ من الآية أن من أعظم ما تندفع به الفاحشة استغراب الناس لها واستنكارهم إياها وعدم الفهم لها؛ لأنها إذا شاعت وانتشرت هان أمرها واجترأ الناس عليها، ومصداق هذا ما نراه في الشرق والغرب من انتشار الفواحش وكثرتها، مع أن بعض شرائعهم تحرم ذلك، وبهذا يمكن القول أن عدم شيوع الفاحشة من المقاصد الشرعية المعتبرة؛ لأنه صمام أمان يحول دون استهانة الناس بها. (2)
إن كثيرا من المنكرات التي عمت البلدان الإسلامية - كنزع الحجاب، والمجاهرة بالفسق وشرب الخمور، واختلاط الرجال بالنساء، وما نشاهده ونسمعه عبر وسائل الإعلام من تعر ومجون وبعد عن الخلق القويم - إنما يعود بالدرجة الأولى إلى شيوع تلك المنكرات وانتشارها بين الناس من غير نكير حتى صارت هي المعروف وما خالفها من الحق هو المنكر.
(1) سورة النور الآية 18
(2)
انظر: تفسير الطبري 18/ 100، تفسير القرطبي 12/ 137، تفسير ابن كثير 3/ 2750