الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن خالد بن الوليد قال: يا رسول الله، إني أروع في المنام، فقال:«قل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر غضبه وعذابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون (1)» (2)
(1) أخرجه الترمذي: 5/ 541، وقال:(حديث حسن)، والطبراني في الكبير: 1/ 74.
(2)
فتح الباري ابن حجر: 12/ 371.
المبحث الثالث عشر: حفظ الأطفال مما يضرهم:
لم يغفل الرسول صلى الله عليه وسلم ما يحفظ الأطفال صغارا، فتحفظ بإذن الله أجسادهم ونفسياتهم كبارا، فيشبوا سليمي الجسد والحواس سليمة نفوسهم من الانحراف. وما يشاهد من كثرة الأمراض الجسدية والنفسية هذه الأيام إنما هو بسبب غفلة الناس عن وسائل حفظهم وحفظ أطفالهم التي وردت في السنة الشريفة، ومن هذه الوسائل:
1 -
اختيار الوالدين الصالحين قبل تكوين الطفل:
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأسس التي تبنى عليها الأسرة الصالحة المؤهلة لتربية الأجيال المسلمة، ومن هذه الأسس اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض (1)» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك (2)»
2 -
البسملة والذكر والدعاء قبل تكوين خلق الطفل: قال صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا – فقضي بينهما ولد، لم يضره شيطان أبدا (3)» أي لم يضره بمس ولا بزيغ.
3 -
الأذان في أذن المولد اليمنى والإقامة في اليسرى: لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه
(1) أخرجه ابن ماجه: ج1/ص632، والترمذي: ج3/ 394 - 395، وقال:(هذا حديث حسن غريب)، والحاكم: ج2/ص179، وقال:(هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
(2)
أخرجه البخاري: ج5/ ص1958، ومسلم ج2/ص1086.
(3)
أخرجه البخاري: 1/ 65، ومسلم: 2/ 1058.
اليسرى (1)» في رواية: «من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، لم تضره أم الصبيان (3)»
4 -
تحنيك المولود والتبريك عليه: فقد «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم (4)» وفي رواية: «فيدعو لهم بالبركة (5)» وقد بينت بعض الأحاديث نوع التمر الذي يحنك فيه، فقد
(1) أخرجه أبو داود: 4/ 328، والترمذي: 4/ 97 وقال: (حديث حسن صحيح) وأحمد: 6/ 391، والحاكم: 3/ 197، وقال:(صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، والبيهقي في السنن: 9/ 305، والشعب: 6/ 389، والطبراني في الكبير: 1/ 315 - 3/ 30 - 31، والأوسط: 9/ 102 والبزار في مسنده 9/ 325، وأورده ابن تيمية في الكلم الطيب:111.
(2)
أخرجه أبو يعلى في مسنده: 12/ 150، والديلمي في الفردوس 3/ 632، وأورده الصنعاني في سبل السلام 4/ 100، والشوكاني في نيل الأوطار: 5/ 230، وقال: حكى في البحر استحباب ذلك عن الحسن البصري، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 149: قد روي مرفوعا، أخرجه ابن السني من حديث الحسين بن على بلفظ:(من ولد له مولود) الحديث، وانظر حاشية المحقق في الكلم الطيب ص 111، فقد قال الألباني: موضوع، رواه ابن السني بسند فيه متهمان بالوضع، والثالث ضعيف، ذكروا في الحديث، ورواه البيهقي من حديث الحسن بن علي، وهو هاهنا عن الحسين، وكذلك ذكره النووي في الأذكار. وراجع سلسلة الأحاديث الضعيفة.
(3)
(2)
(4)
أخرجه مسلم: 1/ 237.
(5)
أخرجه أبو داود: 3/ 106 وقال الألباني في الكلم الطيب: 111: (إسناده صحيح على شرط الشيخين).
ذكر أبو طلحة أنه حمل وليده وأتى به الرسول، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم «بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت، ثم قذفها في في الصبي، فجعل الصبي يتلمظها (2)» وفي رواية: (عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما «أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت: فخرجت
…
فأتيت المدينة، فنزلت قباء فولدت بقباء، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة
(1) أخرجه البخاري: 5/ 2082، ومسلم: 4/ 271.
(2)
(1) قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى حب الأنصار التمر، فمسح وجهه وسماه عبد الله
فمضغها، ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام ففرحوا به فرحا شديدا؛ لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم، فلا يولد لكم (1)»
والتمر من أفضل ما يدخل الجوف لفائدته بالذات للكبد، وقد شبه ابن حجر المولود بالصائم الذي يفطر على الرطب والتمر (2)
5 -
اختيار الاسم الحسن للمولود: ويلاحظ في ذلك:
أ - نوع الاسم: فالاسم الحسن مما يجلب السرور لحامله والتفاؤل لغيره. فعلى الوالد أن يسميه بالأسماء الحسنة، لا السيئة التي تجعله يتحاشى ويخجل من ذكر اسمه أمام الغير؛ فإن الأسماء لا تباع ولا تشترى، فهي بلا ثمن. فعن ابن عباس قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير، ويعجبه الاسم الحسن (3)» وقد سمى ابن الزبير (4) وابن طلحة (5) بعبد الله لأنه أحب الأسماء إلى الله
(1) أخرجه البخاري: 5/ 2081.
(2)
انظر فتح الباري ابن حجر: 3/ 588.
(3)
أخرجه أحمد: 1/ 257، وابن حبان: 13/ 140، وقال الألباني في صحيح أبي داود: 2/ 742 (صحيح).
(4)
أخرجه مسلم: 3/ 1690.
(5)
أخرجه مسلم: 3/ 1690.
ب - وقت التسمية: يستحب أن يسمى المولود يوم سابعه، قال صلى الله عليه وسلم:«الغلام مرتهن (2) تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمى يوم السابع» يسمى عند أول مولده لتسميته صلى الله عليه وسلم ابن الزبير (3) وابن طلحة (4) بعبد الله وغيرهما عند مولدهم.
6 -
حلق رأس المولود وإراقة الدم عنه: لقد ورد في الحديث السابق حلق رأس المولود والعق عنه، ولقد عق صلى الله عليه وسلم عن الحسن، وقال لفاطمة «احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة (5)» وفي رواية:«أمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى (6)» وإطلاقه حلق الرأس يشمل الأنثى،
(1) أخرجه البخاري 5/ 2082، وابن ماجه: 2/ 1056، والترمذي: 4/ 101، والحاكم: 4/ 264 واللفظ له.
(2)
(1) بعقيقته (عقيقته .. الشعر الذي يولد فيه) مقاييس اللغة 4/ 4.
(3)
أخرجه مسلم: 3/ 1690.
(4)
أخرجه البخاري: 5/ 2082، ومسلم: 3/ 1689.
(5)
أخرجه الترمذي 4/ 99 وقال: (حديث حسن، وغريب غير متصل)، والحاكم: 4/ 265.
(6)
أخرجه الحاكم: 4/ 264، والبيهقي في الكبرى: 9/ 303، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 4/ 58: (رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
واستدل بقوله: (يذبح عنه ويسمى ويحلق) بالواو وعلى عدم اشتراط الترتيب، وأميطوا: أزيلوا، ومعنى (الأذى) أي شعر رأسه وما عليه من قذر طاهر أو نجس ليخلف الشعر شعر أقوى منه ولأنه أنفع للرأس مع ما فيه من فتح مسام الرأس ليخرج البخار بسهولة، وفيه تقوية حواسه (1) أما العقيقة فتذبح عنه يوم سابعه، وفيه دليل على أن وقت العقيقة سابع الولادة، وأنها لا تشرع قبله ولا بعده، وقيل: تجزي في السابع الثاني والثالث، فقد أخرج البيهقي «العقيقة لسبع ولأربعة عشرة ولإحدى وعشرين (2)» (3)
7 -
ختان المولود: لقد شرع الختان لما فيه من دفع المضرة والأذى عن الصبي، والآن غير المسلمين اتجهوا نحو الختان لما رأوا فائدته للصحة، «وقد ختن صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما (4)» يقول المباركفوري: " وإذا قلنا بالصحيح استحب أن يختن في
(1) انظر: فيض القدير المناوي: 4/ 416.
(2)
أخرجه البيهقي في الكبرى: 9/ 303 بلفظه، وقال الألباني في سنن الترمذي: 1522: صحيح.
(3)
انظر: عون المعبود الطيب أبادي: 8/ 28.
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط: 7/ 12، والصغير 2/ 122، والبيهقي في السنن: 8/ 324، وانظر الذرية الطاهرة: 1/ 76، وتنوير الحوالك: 1/ 128، وتحفة المحتاج 2/ 497، وخلاصة البدر المنير: 2/ 329، ونيل الأوطار: 1/ 138، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 4/ 59: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
اليوم السابع من ولادته وهل يحسب يوم الولادة من السبع أو يكون سبعة سواه فيه وجهان أظهرهما يحسب (1)
8 -
حفظ الصبيان من اللعب في المساء: لقد مر تفصيله في المبحث التاسع من هذا الفصل.
إيراد الأدلة الخاصة بالتحرزات الليلية ومن ضمنها حفظ الصبيان: وقد ذكر الإمام ابن القيم أن سبب منع الأطفال من اللعب تلك الساعة أن الليل إذا أقبل يكون محل سلطان الأرواح الشريرة الخبيثة وفيه تنتشر الشياطين؛ لأن الليل هو محل الظلام، وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن أكثر من تسلطها بالنهار؛ لأن سلطان الشياطين إنما يكون في الظلمات والمواضع المظلمة وعلى أهل الظلمة؛ لذلك أمر سبحانه بالاستعاذة من شر الليل والقمر إذا وقب (2)
9 -
تربية الولد تربية حسنة: لا بد من الاهتمام بهذا الأمر لحفظه وحفظ دينه بإذن الله، قال صلى الله عليه وسلم:«كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه (3)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من حق الولد على والده أن يحسن أدبه وتعليمه (4)»
(1) تحفة الأحوذي: 2/ 28، وانظر نيل الأوطار: 1/ 138.
(2)
انظر التفسير القيم الإمام ابن القيم جمع أويس الندوي: 560، الحسد لولوة المفلح:40.
(3)
أخرجه البخاري: 1/ 456.
(4)
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: 6/ 403، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 47: رواه البزار وفيه عبد الله بن سعيد المقبري المقبري وهو متروك.
10 -
العدل بين الأولاد: لقد كان السلف يعدلون بين البنين حتى في القبلة فكيف بما عداها لأن الجور وعدم العدل يورث الضغينة بينهم، فينمو الصبي وقد امتلأت نفسه بالحقد والبغض لأقرب الناس إليه فكيف بالبعيد عنه، وهذا من الجور المنهي عنه، قال النعمان بن بشير «إن أمه بنت رواحة (2)»
(1) أخرجه مسلم: 3/ 1243.
(2)
(1) سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة ثم بدا له فقالت: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأخذ بيدي وأنا يومئذ غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بشير، ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور
11 -
تركهم أغنياء غير محتاجين: فعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «عادني النبي صلى الله عليه وسلم عام حجه الوداع من مرض أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: فأتصدق بشطره؟ قال: لا، الثلث يا سعد، والثلث كثير، فإنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس (1)»
وحتى لا يشبوا على الفقر والحاجة وإراقة ماء الوجه بالسؤال. يقول ابن حجر قوله: " عالة " أي فقراء .... قوله: " يتكففون الناس " أي يسألون الناس بأكفهم، يقال: تكفف الناس واستكف، إذا بسط كفه للسؤال، أو سأل ما يكف عنه الجوع، أو سأل كفا كفا من الطعام، وقوله في أيديهم أي بأيديهم، أو سألوا بأكفهم وضع المسؤول في أيديهم (2)
12 -
الرفق في جميع الأمور وخصوصا مع الأطفال ورحمتهم: إن الرفق مطلوب بكل أمر وشيء، ومع الوالدين، ومع الناس، فكيف بهؤلاء الضعفاء؟ فقد قال صلى الله عليه وسلم ذاكرا أن الرفق يكون في كل شيء وأنه يزينه، وإذا فقده كان عيبا ونقصا وشينا: «إن الرفق لم يكن في شيء
(1) أخرجه البخاري: 3/ 1431.
(2)
فتح الباري ابن حجر: 5/ 366.
إلا زانه ولم ينزع من شيء إلا شانه (1)» وكيف لا يكون زينا والله يحبه، قال صلى الله عليه وسلم:«إن الله يحب الرفق في الأمر كله (2)» والرفق سبب لجلب الخير ودفع البلاء، يقول صلى الله عليه وسلم:«من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار (3)» والرفق فضل من الله يتفضل به على من يشاء من عباده ويكون خيرا لهم، يقول صلى الله عليه وسلم:«يا عائشة ارفقي فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيرا دلهم على باب الرفق (4)» ومن يفقده يفقد الخير ويحل محله الشر، يقول صلى الله عليه وسلم:«من يحرم من الرفق يحرم الخير (5)» لأن الله عز وجل من أسمائه الرفيق فهو يحب الرفق ويعطي عليه: «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف (6)»
وقد وردت أحاديث تبين الرفق بالطفل ورحمته من حمله وتقبيله.
(1) أخرجه مسلم: 4/ 2004.
(2)
أخرجه البخاري: 6/ 2539.
(3)
أخرجه أحمد 9/ 159، وقال ابن حجر في الفتح: 10/ 417 (وعند أحمد بسند رجاله ثقات).
(4)
أخرجه أحمد: 6/ 104، وقال الألباني في الصحيحة: 523: صحيح.
(5)
أخرجه مسلم: 4/ 2003.
(6)
أخرجه أبو داود: 4/ 254، وأحمد 4/ 87، وقال الألباني في سنن أبي داود: 4807: صحيح.
قال أبو قتادة: «خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبي العاص (2)» قال أبو هريرة رضي الله عنه: «قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي (4)» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقبلون الصبيان فما نقبلهم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟! (5)» ويقول ابن حجر شارحا هذه الأحاديث: " وأمامة بنت أبي العاص هي ابنة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة وهو رحمة الولد وولد الولد ومن شفقته صلى الله عليه
(1) أخرجه البخاري: 5/ 2235.
(2)
(1) على عاتقه فصلى فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها
(3)
أخرجه البخاري: 5/ 2235.
(4)
(3) جالسا فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا قط فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " من لا يرحم لا يرحم
(5)
أخرجه البخاري: 5/ 2235.
وسلم ورحمته لأمامة أنه كان إذا ركع أو سجد يخشى عليها أن تسقط فيضعها وكأنها كانت لتعلقها به لا تصبر في الأرض فتجزع من مفارقته فيحتاج أن يحملها إذا قام واستنبط منه بعضهم عظم قدر رحمة الولد لأنه تعارض حينئذ المحافظة على المبالغة في الخشوع والمحافظة على مراعاة خاطر الولد فقدم الثاني ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك لبيان الجواز. قوله: «من لا يرحم لا يرحم (1)» أي الذي يفعل هذا الفعل لا يرحم " (2)
13 -
ألا يضرب الطفل دون سن العاشرة من العمر: لأنه لم يرد في الشريعة أمر بضرب الأطفال على شيء إلا على الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام فهي من أعظم الأعمال بعد الشهادة، ومع ذلك لا يضرب الطفل على تركها قبل سن العاشرة وبعد أن يكرر الأمر عليه بصلاتها خمس مرات باليوم لمدة ثلاث سنوات، قال صلى الله عليه وسلم:«مروا صبيانكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (3)» فكيف يضرب الطفل على أمر من أمور الدين يأتي بعدها بالمرتبة أو على أي شيء آخر من أمور الدنيا فالله الله في الرفق بهم وضبط الأعصاب وعدم الغضب عند التعامل معهم فقد تضرب الأم طفلها لأنه كسر شيئا من الآنية أو غيرها فهل تكسر نفس ابنها؟ أيهما
(1) صحيح البخاري الأدب (5997)، صحيح مسلم الفضائل (2318)، سنن الترمذي البر والصلة (1911)، سنن أبي داود الأدب (5218)، مسند أحمد (2/ 514).
(2)
فتح الباري ابن حجر: 10/ 429.
(3)
أخرجه أبو داود: 1/ 133، وقال الألباني في إرواء الغليل 298: صحيح. وأحمد 2/ 180، والحاكم: 1/ 311، والدارقطني: 1/ 230.
أغلى عندها؟
وعند إرادة ضرب الطفل فوق سن العاشرة على المؤدب ملاحظة أن:
أ - يكون الضرب للتأديب لا للانتقام كما يشاهد من بعض الناس.
ب - يرفق بالطفل أثناء الضرب ولا يضرب بما يسبب عاهة.
ج - لا يضرب الوجه، نعم عليه أن يتجنب الضرب في بعض المواضع التي قد يتسبب الضرب فيها بعاهة أو موت فلا يضربه فيها ومنها الوجه، فعن جابر رضي الله عنه قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب على الوجه وعن الوسم في الوجه (1)» لأن الوجه مقر الحسن والجمال فهو لطيف يجمع المحاسن لشرف أعضائه فهو يجمع الحواس، فإن أكثر ما يقع الإدراك به من أعضائه فيخشى من ضربه أن تبطل أو تتشوه كلها أو بعضها، والشين فيها فاحش لظهورها وبروزها بل لا يسلم إذا ضربه غالبا من شين (2) والآن الدراسات الغربية تتحدث الآن عن ضرب الوجه وتذكر أنه يسبب العقد النفسية.
(1) أخرجه مسلم: 3/ 1673، وفي رواية:" إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه " أخرجه أبو داود: 4/ 167، وقال الألباني في سنن أبي داود: 4493 " صحيح " وفي رواية: " إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه "، أخرجه أبو داود: 2/ 902، وقال الألباني في صحيح الأدب المفرد 130/ 174:: " صحيح "
(2)
انظر: الجامع لأحكام القرآن القرطبي: 5/ 167، فتح الباري ابن حجر: 5/ 184.
14 -
الدعاء للطفل بالخير: فعلى الوالد أن يدعو للأطفال بخيري الدنيا والآخرة من الحفظ والعافية والتسديد، فقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم:«أن دعاء الوالد لولده مستجاب (1)»
15 -
تعويذ الأطفال: ينبغي للمسلم تعويذ بنيه، إذا نزل منزلا يعوذهم وفي الصباح والمساء كما مر في التعويذ (2) فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول:«أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ثم يقول: هكذا كان يعوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق (3)»
والأفضل أن يكون هذا التعويذ صباحا ومساء وأن يكون ثلاث مرات (4)
16 -
عدم الدعاء على الأطفال، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«ثلاثة لا ترد دعوتهم، وذكر منها دعوة الوالد على ولده (5)» ، فالواجب على الوالد أن يتقي ربه في ولده فلا يدعو عليه بما يسبب للولد ووالده المضايق والشدائد، فإن أول من يحزن لحال الولد الوالد قبل ولده ودعوة الوالد
(1) أخرجه بن ماجه 2/ 1270، والبيهقي في الكبرى: 10/ 201، وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير 3032: حسن.
(2)
أخرجه ابن جبان: 3/ 299، والنسائي في الكبرى: 2/ 152 وأنها تقال ثلاث مرات صباحا ومساء.
(3)
أخرجه الترمذي: 4/ 396، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والحاكم 3/ 183، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وابن حبان 3/ 292.
(4)
أخرجه ابن جبان: 3/ 299، والنسائي في الكبرى: 2/ 152 وأنها تقال ثلاث مرات صباحا ومساء.
(5)
سنن الترمذي الدعوات (3448)، سنن ابن ماجه الدعاء (3862)، مسند أحمد (2/ 523).
مستجابة حتى ولو كان الولد صالحا، فقد دعت أم الراهب العابد جريج على ابنها وهي المرأة العادية، ومن عامة الناس على العابد الراهب فاستجيبت دعوتها (1) وقال فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني - وفقه الله -: " أخبرني رجل من الناس بقصة حصلت له، قال: كان عندي ولد بار بي وفي أحد الأيام أتى إلي ابني ونحن نريد أن ننام، فقال: يا أبت، أنا قد تعبت من المذاكرة، وأريد أن أخرج قليلا وأعود للبيت بعد نصف ساعة، فقال الأب: يا ولدي لا تخرج الله يهديك، الناس نيام وأنت قد لبست ثوب النوم، فقال الابن: سوف أخرج بثوب النوم وأعود، فقال الأب: لا، فلم يراجعه الابن لأنه بار وطيب، ثم ذهب ورأته أمه فقالت: ماذا بك؟ قال: طلبت من أبي أن أخرج قليلا، فأبى، فذهبت الأم إلى الأب وقالت: ولدنا طيب وفيه خير، دعه يذهب ويرجع، ومع الضغوط وافق الأب وقال: دعيه يخرج الله لا يرده، يقول: قلت ذلك وأنا لست بصادق، وكأنها خرجت من فمي وباب السماء مفتوح، يقول: ذهب الولد ومضت ساعة، وساعة ونصف، وساعتان ولم يأت الولد، أذن الفجر ولم يأت، فصار قلبي فيه مثل طعنة الرمح، وعرفت أنها الدعوة، يقول الأب: ثم صليت ورجعت إلى البيت ولم يأت ابني، فذهبت للشرطة فاتصلوا بالأجهزة، وقالوا: هناك حوادث ووفيات اذهب للمستشفى، فذهبت وفتحوا الثلاجة وإذا ابني آخر
(1) أخرجه البخاري: 3/ 1268، ومسلم: 4/ 1976.
واحد قد مات بعد حادث، وهو بثوب نومه، فأخرجناه وصلينا عليه ودفناه، وعرفت عندها أنني أنا السبب دعوت فاستجيبت دعوتي " (1)
17 -
قول " ما شاء الله " على الأولاد والمال: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنعم الله على عبد نعمة من مال أو أهل أو ولد فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى فيها آفة دون الموت " وقرأ: (3)» بقدرتك وقوتك، ولو شاء لنزع البركة منه فلم يجتمع ومحقه فلا يستطيع على شيء منه (4) لأنه لا قدرة ولا قوة للإنسان على حفظ بدنه وماله أو دفع شيء عنها إلا بالله (5) ويقول الشوكاني: إن ذلك تحضيض له على الاعتراف بأنها وما فيها بمشيئة الله إن شاء أبقاها،
(1) من عجائب الدعاء خالد الربعي: 83، 84.
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط: 6/ 126، والصغير: 1/ 352، وقال: لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمر بن يونس. والبيهقي في الشعب: 4/ 90 و 124، والبغدادي في موضع أوهام الجمع والتفريق: 2/ 439، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/ 140، وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه يونس بن تميم وهو ضعيف. ثم قال: وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أنعم الله عليه بنعمة فأراد بقاءها فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله "، رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح، وهو ضعيف. وابن كثير في التفسير 3/ 85، وقال: قال الحافظ أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس، لا يصح حديثه. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع: 5/ 86.
(3)
سورة الكهف الآية 39 (2){وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن القرطبي: 10/ 406.
(5)
انظر تفسير البغوي: 3/ 163، وزاد المسير: 5/ 144.
وإن شاء أفناها، وعلى الاعتراف بالعجز وأن ما تيسر له من عمارتها إنما هو بمعونة الله لا قوته وقدرته، قال الزجاج: لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلا بالله، ولا يكون إلا ما شاء الله ثم لما علمه الأمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه " (1) لأن الله هو المنعم والمعطي فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه سبحانه (2) فالأمور التي تحفظ الولد بإذن الله وتدفع عنه البلاء كما مر ذكرها هي: اختيار الأب الصالح فقد قال صلى الله عليه وسلم «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه (3)» والأم ذات الدين، قال صلى الله عليه وسلم:«تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك (4)» والبسملة والذكر والدعاء قبل تكوين خلق الطفل، والأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في اليسرى، وتحنيكه والتبريك عليه عند ولادته، واختيار الاسم الحسن له، وحلق رأسه ذكرا كان أم أنثى، وختان الصبي، وحفظ الأطفال من اللعب في المساء، وتربيتهم تربية حسنة، والعدل بينهم، وتركهم أغنياء غير محتاجين، والرفق بهم ورحمتهم، وألا يضربهم دون سن العاشرة من العمر، وأن يكثر الوالد من الدعاء لولده بالخير ويحرص على تعويذهم وعدم الدعاء عليهم.
(1) فتح القدير، للشوكاني 3/ 287، وانظر أبي السعود: 5/ 223، والبيضاوي: 3/ 105.
(2)
انظر: مجموع الفتاوى ابن تيمية: 14/ 341.
(3)
أخرجه: ابن ماجه ج 1 ص 632، والترمذي ج 3 ص 395، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(4)
أخرجه البخاري: ج 5 ص 1958، ومسلم ج 2 ص 1086.