الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: عدم التعرض لأولياء الله تعالى:
إن مما يدفع البلاء عدم التعرض لأولياء الله المشهود لهم بالخير، لأنه إن تعرض لهم حلت عليه العقوبة، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي:«من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه (1)» إن ولي الله عز وجل يسدده سبحانه لمحبته له، فيسدد سمعه فما يسمع به إلا خيرا، وكذا بصره فلا يرى به إلا ما ينفعه في الدنيا والآخرة، ولا يتسلط عليه عدو إلا انتصر عليه؛ لتسديد الله له، ويسير بقدميه على الصراط المستقيم، قد حفظه الله من الزيغ عنه، محفوف بالحفظ بإذن الله تعالى، ومعاذ من كل شيء، فسؤاله مجاب، ودعاؤه غير محجوب، فمن اقترب منه حلت عليه النقمة بحفظ الله تعالى له. يقول ابن حجر: (فقد استحل محاربتي
…
وغاية الحرب الهلاك، والله لا يغلبه غالب، فكأن
(1) أخرجه البخاري: 5/ 2384.
المعنى: فقد تعرض لإهلاكي إياه) (1) ويقول أيضا: (المعنى: كنت سمعه وبصره في إيثاره أمري، فهو يحب طاعتي، ويؤثر خدمتي، كما يحب هذه الجوارح. ثانيها: أن المعنى: كليته مشغولة بي فلا يصغي بسمعه إلا إلى ما يرضيني، ولا يرى ببصره إلا ما أمرته به. ثالثها: المعنى: أحصل له مقاصده كأنه ينالها بسمعه وبصره ..... إلخ. رابعها: كنت له في النصرة كسمعه وبصره ويده ورجله في المعاونة على عدوه. خامسها:
…
حافظ له سمعه الذي يسمع به إلا ما يحل استماعه (2)
وقال الخطابي (والمعنى توفيق الله لعبده في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء وتيسير المحبة له فيها بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمها عن مواقعة ما يكره الله)(3)(وقال الخطابي أيضا: وقد يكون عبر بذلك عن سرعة إجابة الدعاء والنجاح في الطلب؛ وذلك أن مساعي الإنسان كلها إنما تكون بهذه الجوارح المذكورة)(4)
(1) فتح الباري ابن حجر: 11/ 347.
(2)
انظر: المصدر السابق: 11/ 347.
(3)
المصدر السابق: 11/ 347.
(4)
المصدر السابق: 11/ 347.
يظهر من الحديث السابق تهديد شديد من الله لأن من حاربه الله أهلكه (1) كما حصل للحجاج بن يوسف عندما قتل سعيد بن جبير الذي كان من عباد المكيين وفقهاء التابعين سنة خمس وتسعين وله تسع وأربعون سنة، ذبحه على النطع (2) صبرا (3)(4) فدعا سعيد على الحجاج، فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي، فعاش الحجاج بعده خمسة عشر ليلة، ووقع الأكلة (5) في بطنه، فدعا بالطبيب لينظر إليه، فنظر إليه، ثم دعا بلحم منتن فعلقه في خيط، ثم أرسله في حلقه، فتركها ساعة، ثم استخرجها وقد لزق به الدم، فعلم أنه ليس بناج. وبلغنا أنه كان ينادي بقية حياته: ما لي
(1) فتح الباري ابن حجر 11/ 347.
(2)
وهو الجلد المنفوخ، انظر: لسان العرب / ابن منظور: 8/ 357.
(3)
الصبر: الإكراه، ومن حبس للقتل فقد قتل صبرا، انظر: لسان العرب / ابن منظور: 4/ 4384
(4)
انظر مشاهير علماء الأمصار البستي: 82.
(5)
(داء يقع في العضو فيأتكل منه) لسان العرب ابن منظور: 11/ 22.