المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كيف يكون المسلم محققا لشهادة أن لا إله إلا الله - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ إذا لم يأكل ما تركه الخارص زكاه، ويأكل أهل الزروع منها)

- ‌ أخذ الزكاة عينا من الثمار)

- ‌ لا دليل صحيحا صريحا على أخذ القيمة)

- ‌ المسائل التي يجوز إخراج القيمة فيها عند ابن تيمية والبخاري)

- ‌(تخرج من الطيب والمتوسط والرديء)

- ‌ زكاة العسل)

- ‌ لا تتكرر زكاة المعشرات ما لم تكن للتجارة)

- ‌ زكاة النقدين)

- ‌ زكاة مبلغ مودع في البنك)

- ‌ أوراق البنكنوت)

- ‌ أحسن المسالك في الأوراق أن تعتبر نقودا

- ‌ الزري في المشالح)

- ‌ بحث في البلاتين

- ‌ الخناجر الذهبية، وأسنان الذهب)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌من ترك إخراج الزكاة لزمه إخراجها عما مضى من السنين

- ‌الجهل بفرضية الزكاة لا يسقطها

- ‌حكم زكاة أموال اليتامى

- ‌إخراج الزكاة من مال الطفلة

- ‌ إخراج الزوج زكاة زوجته من ماله

- ‌ نقل الزكاة من بلد إلى بلد

- ‌ شراء مواد غذائية وعينية من الزكاة وصرفها في مصارفها

- ‌ قبول الزكاة وصرفها لمعوقي الفقراء ممن ليس لهم من ينفق عليهم

- ‌ أخذ العروض في الزكاة

- ‌إخراج زكاة العروض منها يجزئ وبالنقود أحسن وأحوط

- ‌ إخراج الزكاة عروضا عن العروض وعن النقود

- ‌دفع الزكاة للجمعيات الخيرية

- ‌يجب على الوكيل في توزيع الزكاة تنفيذ ما قاله موكله

- ‌ إعطاء الوكيل أجرة على توزيع الزكاة

- ‌ الدعاء عند تفريق الصدقة

- ‌ اعتبار ما يدفع لمصلحة الزكاة

- ‌ذكر الأصناف الثمانية في الآية لبيان المصرف لا للترتيب

- ‌الفرق بين المسكين والفقير

- ‌ أخذ الزكاة لمن له دخل

- ‌الفقير يعطى كفايته لسنة كاملة

- ‌ دفع الزكاة للفقير الذي له من ينفق عليه كفايته

- ‌ الزكاة للزوجة الفقيرة تحت الغني الذي لا ينفق عليها

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ كيف يكون المسلم محققا لشهادة أن لا إله إلا الله

- ‌ الإمام يختم رمضان في صلاة التراويح بالختمة

- ‌ هل يقرأ دعاء الاستفتاح في كل ركعة من ركعات التراويح

- ‌لدرس الذي يلقيه الأئمة والدعاء بعد تسليمة أو تسليمتين من صلاة التراويح

- ‌ هل الجهر في تكبيرة الإحرام واجب أم يجزئ الإسرار بالقلب فيها

- ‌ رفع صوت المأمومين بتكبيرات الإحرام خلف الإمام

- ‌ رفع الرأس قليلا في الصلاة عند تكبيرة الإحرام وعند الدعاء والاستغفار

- ‌ رفع اليدين بعد القيام من الركعة الثالثة

- ‌ صفة تكبيرة القيام من التشهد الأول ورفع اليدين

- ‌البحوث

- ‌المبحث الأول: أهمية التوحيد في ذاته

- ‌المطلب الأولكونه حق الله تعالى:

- ‌المطلب الثاني: كونه علة خلق الخلق

- ‌المطلب الثالث:كون التوحيد قضية الوجود

- ‌المبحث الثاني: ضرورة الخلق إلى التوحيد

- ‌المطلب الأول: فطرية التأله:

- ‌المطلب الثاني: ضرورة الخلق إلى التأله لله وحده

- ‌المبحث الثالث: شدة حاجة المسلمين اليوم لدراسة التوحيد

- ‌المطلب الثاني: المشكلات العامة الحالة بالمسلمين

- ‌المطلب الثالث: حاجة العصر إلى التزام المسلمين بالتوحيد الحق علما وعملا

- ‌أسباب لرفع البلاء قبل وقوعه وأسباب لرفعة بعد وقوعه

- ‌منهجي في البحث:

- ‌التمهيد: معنى البلاء في اللغة والاصطلاح:

- ‌أولا: معنى البلاء في اللغة:

- ‌ثانيا: معنى البلاء في الاصطلاح:

- ‌الفصل الأول: أسباب دفع البلاء قبل وقوعه:

- ‌المبحث الأول: عبادة الشكر

- ‌تعريف الشكر اصطلاحا:

- ‌دفع الشكر للبلاء قبل وقوعه:

- ‌المبحث الثاني: التقوى

- ‌معنى التقوى في اللغة:

- ‌معنى التقوى في الاصطلاح:

- ‌دفع التقوى للبلاء قبل وقوعه:

- ‌المبحث الثالث: التزود بالطاعات وترك المحرمات:

- ‌المبحث الرابع: عدم التعرض لأولياء الله تعالى:

- ‌المبحث الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌المبحث السادس: الحمد باللسان عند رؤية المبتلى:

- ‌المبحث السابع: صلة الرحم والبعد عن الظلم:

- ‌المبحث الثامن: إسداء وصنع المعروف للناس:

- ‌المبحث التاسع: التحرزات الليلية:

- ‌المبحث العاشر: عبادة الاستعاذة بالله:

- ‌المبحث الحادي عشر: أن يستودع العبد ربه الأشياء:

- ‌المبحث الثاني عشر: الأخذ بالتوجيهات الشرعية عند رؤية الرؤى السارة والمحزنة:

- ‌المبحث الثالث عشر: حفظ الأطفال مما يضرهم:

- ‌الفصل الثاني: أسباب رفع البلاء بعد وقوعه:

- ‌المبحث الأول: الحبة السوداء

- ‌المبحث الثاني حديث: «الشفاء في ثلاث

- ‌أولا: العسل:

- ‌ثانيا الحجامة:

- ‌ثالثا: الكي:

- ‌المبحث الثالث: الصبر:

- ‌المبحث الرابع ماء زمزم:

- ‌الخاتمة

- ‌الوقفة الثانية:مع المناسبات:

- ‌الوقفة الثالثة:مع معنى الإفك:

- ‌الوقفة الرابعة:مع دوافع الإفك

- ‌الوقفة الخامسة:مع الأحكام الشرعية:

- ‌الوقفة السادسة:مع الآداب والتوجيهات:

- ‌الوقفة السابعة:مع الآثار المترتبة على الإفك:

- ‌الوقفة الثامنة:مع موقف عائشة رضي الله عنها:

- ‌الوقفة التاسعة:مع الذي تولى كبره:

- ‌الوقفة العاشرة:مع خطر شيوع الفاحشة:

- ‌الوقفة الحادية عشرة:مع معاني (لولا):

- ‌الوقفة الثانية عشرة:مع فائدة بلاغية:

- ‌الوقفة الثالثة عشرة:مع صلة الرحم:

- ‌الوقفة الرابعة عشرة:مع الاستشارة:

- ‌التوجيهات النبوية في الجهاد ونشر الإسلام

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأولحقيقة الجهاد وآدابه

- ‌المطلب الأول: حقيقتة وآدابه

- ‌المطلب الثاني: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأثرها:

- ‌المطلب الثالث: متى وفي حق من يشرع الجهاد

- ‌المطلب الرابع: حرص الإسلام وإيثاره للسلم والعافية:

- ‌المطلب الخامس: وجود الإمام وطاعته:

- ‌المطلب السادس: التحذير من التنازع ووجوب التطاوع:

- ‌المطلب السابع: بر الوالدين من الجهاد:

- ‌المبحث الثانيالتوجيهات النبوية قبل القتال

- ‌المطلب الأول: حث الإسلام على إعداد العدة:

- ‌المطلب الثاني: الاستعداد قبيل القتال:

- ‌المطلب الثالث: المشاورة:

- ‌المطلب الرابع: آداب الإسلام عند تحتم الجهاد:

- ‌المطلب الخامس: الالتزام بالنظام:

- ‌المطلب السادس: أهمية اللواء:

- ‌المطلب السابع: المفاجأة والمباغتة:

- ‌المطلب الثامن: الخدع في الحرب:

- ‌المطلب التاسع: الكذب في الحرب:

- ‌المبحث الثالثالتوجيهات والآداب أثناء وبعد القتال

- ‌المطلب الأول: التعرض لأموال العدو:

- ‌المطلب الثاني: الثبات أثناء القتال:

- ‌المطلب الثالث: الحفاظ على العتاد:

- ‌المطلب الرابع: الاعتناء بالأسرى، وإطلاقهم بدون فداء:

- ‌المطلب الخامس: إيثار النبي صلى الله عليه وسلم لأمته

- ‌المطلب السادس: إيثار المؤلفة وغيرهم بالأموال:

- ‌المطلب السابع: أحكام الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب:

- ‌المطلب الثامن: الوفاء لأهل الذمة:

- ‌المطلب التاسع: تحريم الإسلام للغدر في حق جميع الناس:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ كيف يكون المسلم محققا لشهادة أن لا إله إلا الله

‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

، مفتي عام المملكة العربية السعودية

س1: سؤال من المستمع أبي خالد من الرياض يقول فيه:‌

‌ كيف يكون المسلم محققا لشهادة أن لا إله إلا الله

وأن محمدا رسول الله قولا وعملا واعتقادا تكون به السلامة والنجاة بإذن الله – تعالى – وبارك الله فيكم وفي علمكم؟

ج1: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد، لقد أجاد السائل في سؤاله، ولقد أتى بسؤال ذي شأن عظيم وخير كثير، فهو بالحقيقة نشكره على طرح هذا السؤال، فهو سؤال من أهم الأسئلة، والجواب عليه من أهم الأجوبة، لأن هذا يتعلق بأصل الدين وأساس الملة، وكل ما تعلق بأصل الدين وأساس الملة كان سؤالا مهما، وكان الجواب عليه أيضا مهما، فوفقك الله أخي السائل لطرحك هذا السؤال وعرضك لهذا السؤال، وفقك الله وثبتني وإياك

ص: 69

على الطريق المستقيم.

أخونا السائل يتساءل بقوله: كيف يكون العبد محققا لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله علما وعملا واعتقادا؟

نقول يا أخي: شهادة أن لا إله إلا الله هي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي أفضل الكلام وأعلى شعب الإيمان.

يقول صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» .

لا إله إلا الله كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، هي أحسن الحسنات وأعظمها، كلمة لا إله إلا الله، الكلمة التي يدخل بها الكافر بدائرة الإسلام، ويخرج بها الوثني من دائرة الكفر إلى دائرة الإسلام، هذه الكلمة هي الكلمة التي اجتمعت الرسل كلهم على الدعوة إليها، وما من رسول أرسله الله إلا ويفتح دعوته بلا إله إلا الله، لأنه يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وهذه هي معنى لا إله إلا الله – جل وعلا:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (1) إذن فالرسل كلهم أوحي إليهم بلا إله إلا الله، وقال – جل وعلا – لنبيه صلى الله عليه وسلم:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (2) فأعلمه بلا إله إلا الله مع أنه الداعي إليها،

(1) سورة الأنبياء الآية 25

(2)

سورة محمد الآية 19

ص: 70

والمنادي لها، والمناضل عنها، لكن لأهمية هذا الكلمة ولعظيم شأنها ولكبير قدرها أعلم الله نبيه بها، وبين – جل وعلا – أيضا: أن المشركين عباد الأوثان يرفضون أن يقولوا: لا إله إلا الله؛ لأن هؤلاء الوثنيين الذين بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم – عرب أهل فصاحة وبيان، يعلمون معاني الكلام وما يفيده. قال الله عنهم:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (1){وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (2) إذن فكفار قريش علموا معنى لا إله إلا الله وأن حقيقتها براءتهم من كل معبود سوى الله وإخلاص عبادتهم لله، قال – جلا وعلا – عنهم لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم – قولوا: لا إله إلا الله، قالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (3) والعجاب عندهم أنهم فهموا من دعوة النبي توحيد الله بالعبادة، وألا يكون مع الله شريك في أي نوع من أنواع العبادة.

فيا أخي السائل: لا يكون العبد محققا لشهادة أن لا إله إلا الله علما وعملا واعتقادا إلا إذا صدق ذلك فعلم أن لا إله إلا الله وعمل بمقتضى هذا العلم، واعتقد هذا العلم، وأتى بما يدل على ثبوت ذلك العلم في قلبه بأن يكون موحدا لله: ذبحه لله، ونذره لله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يخاف الخوف الحقيقي إلا من الله، ولا يعظم الرجاء إلا في الله، ففي قلبه تعلق بالله حبا وخوفا

(1) سورة الصافات الآية 35

(2)

سورة الصافات الآية 36

(3)

سورة ص الآية 5

ص: 71

ورجاء، فتراه معلقا أمله بالله، يعلم أن النفع والضر والحياة والموت والأرزاق كلها بيد الله – جل وعلا – يعلم أن الله محيط به وبأحواله كلها، يعلم أن الله خالقه ورازقه ومن أوجده بعد العدم، ورباه بالنعم، يعلم فضل الله عليه في حواسه كلها، يعلم عظيم نعم الله عليه.

فتحقيق معنى لا إله إلا الله، بأنه معبود حق إلا الله، وأن كل من عبد من دون الله فبالباطل عبد، لا الأنبياء ولا الملائكة ولا الصالحون والأولياء، كل أولئك لا حق لهم في العبادة، العبادة بكل أنواعها حق الله، فالدعاء إذا أردت أن تدعو ادع سميعا قريبا مجيبا بصيرا عالما قادرا على تنفيذ ما أراد، لا تدع وثنا، لا شجرا وحجرا، فالإنسان لا يدعو جنا وغائبين، لا يدعو أمواتا فارقت الأرواح الأجساد، لا يدعو من لا يسمع الدعاء ولا ينفع لو سمع.

بل أدعو من يسمع كلامي ويرى مكاني، ويعلم سري وعلانيتي أدعو من هو قادر على أن يجيب دعائي ويحقق مطلوبي {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} (1)، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، وقال:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (3) وأخلص الدين له فلا أجعل المخلوق شريكا في عبادته؛ لأني أعلم أن المخلوق لا يفيدني شيئا، وإنما ينفعني

(1) سورة النمل الآية 62

(2)

سورة غافر الآية 60

(3)

سورة البقرة الآية 186

ص: 72

إخلاص ديني لفاطري وخالقي، هذه الكلمة متى استقرت في القلوب، واستنارت بها الأفئدة، هذه الكلمة من لقي الله بها وكانت آخر ما يقول فإنه يدخل بفضل الله الجنة فضلا من الله ورحمة «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة (1)»

القائل لا إله إلا الله ولو ارتكب شيئا من المعاصي والمخالفات لكن مآل الموحدين والمخلصين دخول الجنة فضلا من الله وعدا صادقا وعده عباده المؤمنين «حديث» «من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من عمل (2)» .

فيا إخواني أكثروا منها وكرروها، وتلذذوا بلطفها، وذللوا ألسنتكم بها، أسأل الله أن يثبتني وإياكم عليها.

وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله بعد الإيمان به حقا أنه عبد الله ورسوله وخاتم أنبيائه ورسله، عبدا لا يعبد ورسولا لا يكذب، بل يطاع ويتبع، يطاع فيما أمر، ويجتنب ما عنه نهى وزجر ويصدقه في كل أخباره التي أخبر بها عن رب العالمين {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (3){إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (4) شهادة أن محمدا رسول الله تتضمن مع الإيمان به واتباع سنته والعمل بشريعته واعتقاد أن طاعته طاعة لله ومعصيته معصية لله قال

(1) سنن أبي داود الجنائز (3116)، مسند أحمد (5/ 247).

(2)

صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3435)، صحيح مسلم الإيمان (28)، مسند أحمد (5/ 314).

(3)

سورة النجم الآية 3

(4)

سورة النجم الآية 4

ص: 73

تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (1) نحكمه في القليل والكثير، ونرضى بحكمه، وتطمئن به نفوسنا، وتنشرح به صدورنا قال الله عز وجل:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2) نقتدي به ونجعله إماما وقدوتنا وأسوتنا صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (3)، إذا أمرنا بأمر فلا خيار لنا في ذلك، نسمع ونطيع، وإذا نهانا عن شيء فلا خيار لنا، ننتهي ونسمع ونطيع قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (4)، نسمع لأوامره ونطيع قال – جل وعلا -:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (5) نقدم سنته على قول كل قائل كائنا من كان، ولا نعارض سنته بآراء الرجال وأهوائهم، بل نخضع الأقوال والأعمال للناس بفعل عرضها على سنته، فما وافق سنته فهو المقبول وما خالف سنته فهو المرفوض، ونكثر من الصلاة والسلام عليه دائما وأبدا، ونعتقد أن الله منحنا على يديه الفضل الكثير والخير العظيم، ونسأل الله له الوسيلة؛ أعلى منازل الجنة، ونسأل الله أن يبلغه

(1) سورة النساء الآية 80

(2)

سورة النساء الآية 65

(3)

سورة الأحزاب الآية 21

(4)

سورة الأحزاب الآية 36

(5)

سورة النور الآية 51

ص: 74