الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحسابهم على الله (1)» والحديث معروف مشهور عند المسلمين. ومثله حديث «بني الإسلام على خمس (2)»
وهذا من رحمة الله تعالى أن يسر الخول في الإسلام بهذا القول، ويحرم على الإنسان أن يعتدي على غيره بحجة أنها قالها نفاقا أو خوفا، كما أنه لا يحق للإنسان بما يراه أن يكفر المسلم من أجل أن يسوغ ويبيح قتاله؛ لأن قتاله بسبب أمر دنيوي أخف من قتاله بسبب ديني لاختلاف الحكم في الحكم في الحالتين، ولعظم وشناعة تكفير من يؤمن بالأركان التي حددها الشرع وجعلها الحصن المنيع للإنسان.
(1) البخاري، 1/ 75 (225)، ومسلم، 1/ 242 (20).
(2)
البخاري، 1/ 49 (8).
المطلب الرابع: حرص الإسلام وإيثاره للسلم والعافية:
من الأدلة والبراهين على أن الإسلام يدعو إلى السلم والصلح ما ورد في الأحاديث من النهي عن تمني لقاء العدو، كما أخرجه البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية
…
(1)»
قال ابن بطال: حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن، وقد قال الصديق: لأن أعافي فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر.
وقال غيره: إنما نهي عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو، وكل ذلك
(1) البخاري، (6/ 156 (ح3025)، سنن سعيد بن منصور، 2/ 203 (2518).
يباين الاحتياط والأخذ بالحزم.
وقيل: يحمل النهي على ما إذا وقع الشك في المصلحة أو حصول الضرر، وإلا فالقتال فضيلة وطاعة (1)
ويؤيد الأول تعقيب النهي بقوله «وسلوا الله العافية (2)» وأخرج سعيد بن منصور من طريق يحيى بن أبي كثير مرسلا «لا تمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون عسى أن تبتلوا بهم (3)»
وذكر القاضي نحو هذه المعاني، وزاد: لا تتمنوا لقاءه على حالة يشك في غلبته لكم، أو يخاف منه أن يستبيح الحريم، أو يذهب الأنفس والأموال، أو يدرك منه ضرر (4)
ويؤخذ من الحديث الإشارة بالدعاء إلى وجوه النصر عليهم. ولسعيد ابن منصور من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا نحوه، لكن بصيغة الأمر عطفا على قوله «وسلوا الله العافية: فإن بليتم بهم فقولوا: اللهم
…
(5)» فذكره وزاد: «وغضوا أبصاركم واحملوا عليهم على بركة الله (6)» وفي الحديث استحباب الدعاء عند اللقاء والاستنصار، ووصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم، وتعليمهم بما يحتاجون إليه، وسؤال الله تعالى بصفاته الحسنى وبنعمه السالفة، ومراعاة نشاط النفوس لفعل
(1) الفتح، 6/ 156.
(2)
صحيح البخاري الجهاد والسير (3024)، سنن أبي داود الجهاد (2631).
(3)
سنن سعيد بن منصور، 2/ 204 (2519)، الفتح، 6/ 156 - 157.
(4)
إكمال المعلم، 6/ 43.
(5)
صحيح البخاري الجهاد والسير (3024)، سنن أبي داود الجهاد (2631).
(6)
سنن سعيد، 2/ 205 (2521).