المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ إذا لم يأكل ما تركه الخارص زكاه، ويأكل أهل الزروع منها)

- ‌ أخذ الزكاة عينا من الثمار)

- ‌ لا دليل صحيحا صريحا على أخذ القيمة)

- ‌ المسائل التي يجوز إخراج القيمة فيها عند ابن تيمية والبخاري)

- ‌(تخرج من الطيب والمتوسط والرديء)

- ‌ زكاة العسل)

- ‌ لا تتكرر زكاة المعشرات ما لم تكن للتجارة)

- ‌ زكاة النقدين)

- ‌ زكاة مبلغ مودع في البنك)

- ‌ أوراق البنكنوت)

- ‌ أحسن المسالك في الأوراق أن تعتبر نقودا

- ‌ الزري في المشالح)

- ‌ بحث في البلاتين

- ‌ الخناجر الذهبية، وأسنان الذهب)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌من ترك إخراج الزكاة لزمه إخراجها عما مضى من السنين

- ‌الجهل بفرضية الزكاة لا يسقطها

- ‌حكم زكاة أموال اليتامى

- ‌إخراج الزكاة من مال الطفلة

- ‌ إخراج الزوج زكاة زوجته من ماله

- ‌ نقل الزكاة من بلد إلى بلد

- ‌ شراء مواد غذائية وعينية من الزكاة وصرفها في مصارفها

- ‌ قبول الزكاة وصرفها لمعوقي الفقراء ممن ليس لهم من ينفق عليهم

- ‌ أخذ العروض في الزكاة

- ‌إخراج زكاة العروض منها يجزئ وبالنقود أحسن وأحوط

- ‌ إخراج الزكاة عروضا عن العروض وعن النقود

- ‌دفع الزكاة للجمعيات الخيرية

- ‌يجب على الوكيل في توزيع الزكاة تنفيذ ما قاله موكله

- ‌ إعطاء الوكيل أجرة على توزيع الزكاة

- ‌ الدعاء عند تفريق الصدقة

- ‌ اعتبار ما يدفع لمصلحة الزكاة

- ‌ذكر الأصناف الثمانية في الآية لبيان المصرف لا للترتيب

- ‌الفرق بين المسكين والفقير

- ‌ أخذ الزكاة لمن له دخل

- ‌الفقير يعطى كفايته لسنة كاملة

- ‌ دفع الزكاة للفقير الذي له من ينفق عليه كفايته

- ‌ الزكاة للزوجة الفقيرة تحت الغني الذي لا ينفق عليها

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ كيف يكون المسلم محققا لشهادة أن لا إله إلا الله

- ‌ الإمام يختم رمضان في صلاة التراويح بالختمة

- ‌ هل يقرأ دعاء الاستفتاح في كل ركعة من ركعات التراويح

- ‌لدرس الذي يلقيه الأئمة والدعاء بعد تسليمة أو تسليمتين من صلاة التراويح

- ‌ هل الجهر في تكبيرة الإحرام واجب أم يجزئ الإسرار بالقلب فيها

- ‌ رفع صوت المأمومين بتكبيرات الإحرام خلف الإمام

- ‌ رفع الرأس قليلا في الصلاة عند تكبيرة الإحرام وعند الدعاء والاستغفار

- ‌ رفع اليدين بعد القيام من الركعة الثالثة

- ‌ صفة تكبيرة القيام من التشهد الأول ورفع اليدين

- ‌البحوث

- ‌المبحث الأول: أهمية التوحيد في ذاته

- ‌المطلب الأولكونه حق الله تعالى:

- ‌المطلب الثاني: كونه علة خلق الخلق

- ‌المطلب الثالث:كون التوحيد قضية الوجود

- ‌المبحث الثاني: ضرورة الخلق إلى التوحيد

- ‌المطلب الأول: فطرية التأله:

- ‌المطلب الثاني: ضرورة الخلق إلى التأله لله وحده

- ‌المبحث الثالث: شدة حاجة المسلمين اليوم لدراسة التوحيد

- ‌المطلب الثاني: المشكلات العامة الحالة بالمسلمين

- ‌المطلب الثالث: حاجة العصر إلى التزام المسلمين بالتوحيد الحق علما وعملا

- ‌أسباب لرفع البلاء قبل وقوعه وأسباب لرفعة بعد وقوعه

- ‌منهجي في البحث:

- ‌التمهيد: معنى البلاء في اللغة والاصطلاح:

- ‌أولا: معنى البلاء في اللغة:

- ‌ثانيا: معنى البلاء في الاصطلاح:

- ‌الفصل الأول: أسباب دفع البلاء قبل وقوعه:

- ‌المبحث الأول: عبادة الشكر

- ‌تعريف الشكر اصطلاحا:

- ‌دفع الشكر للبلاء قبل وقوعه:

- ‌المبحث الثاني: التقوى

- ‌معنى التقوى في اللغة:

- ‌معنى التقوى في الاصطلاح:

- ‌دفع التقوى للبلاء قبل وقوعه:

- ‌المبحث الثالث: التزود بالطاعات وترك المحرمات:

- ‌المبحث الرابع: عدم التعرض لأولياء الله تعالى:

- ‌المبحث الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌المبحث السادس: الحمد باللسان عند رؤية المبتلى:

- ‌المبحث السابع: صلة الرحم والبعد عن الظلم:

- ‌المبحث الثامن: إسداء وصنع المعروف للناس:

- ‌المبحث التاسع: التحرزات الليلية:

- ‌المبحث العاشر: عبادة الاستعاذة بالله:

- ‌المبحث الحادي عشر: أن يستودع العبد ربه الأشياء:

- ‌المبحث الثاني عشر: الأخذ بالتوجيهات الشرعية عند رؤية الرؤى السارة والمحزنة:

- ‌المبحث الثالث عشر: حفظ الأطفال مما يضرهم:

- ‌الفصل الثاني: أسباب رفع البلاء بعد وقوعه:

- ‌المبحث الأول: الحبة السوداء

- ‌المبحث الثاني حديث: «الشفاء في ثلاث

- ‌أولا: العسل:

- ‌ثانيا الحجامة:

- ‌ثالثا: الكي:

- ‌المبحث الثالث: الصبر:

- ‌المبحث الرابع ماء زمزم:

- ‌الخاتمة

- ‌الوقفة الثانية:مع المناسبات:

- ‌الوقفة الثالثة:مع معنى الإفك:

- ‌الوقفة الرابعة:مع دوافع الإفك

- ‌الوقفة الخامسة:مع الأحكام الشرعية:

- ‌الوقفة السادسة:مع الآداب والتوجيهات:

- ‌الوقفة السابعة:مع الآثار المترتبة على الإفك:

- ‌الوقفة الثامنة:مع موقف عائشة رضي الله عنها:

- ‌الوقفة التاسعة:مع الذي تولى كبره:

- ‌الوقفة العاشرة:مع خطر شيوع الفاحشة:

- ‌الوقفة الحادية عشرة:مع معاني (لولا):

- ‌الوقفة الثانية عشرة:مع فائدة بلاغية:

- ‌الوقفة الثالثة عشرة:مع صلة الرحم:

- ‌الوقفة الرابعة عشرة:مع الاستشارة:

- ‌التوجيهات النبوية في الجهاد ونشر الإسلام

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأولحقيقة الجهاد وآدابه

- ‌المطلب الأول: حقيقتة وآدابه

- ‌المطلب الثاني: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأثرها:

- ‌المطلب الثالث: متى وفي حق من يشرع الجهاد

- ‌المطلب الرابع: حرص الإسلام وإيثاره للسلم والعافية:

- ‌المطلب الخامس: وجود الإمام وطاعته:

- ‌المطلب السادس: التحذير من التنازع ووجوب التطاوع:

- ‌المطلب السابع: بر الوالدين من الجهاد:

- ‌المبحث الثانيالتوجيهات النبوية قبل القتال

- ‌المطلب الأول: حث الإسلام على إعداد العدة:

- ‌المطلب الثاني: الاستعداد قبيل القتال:

- ‌المطلب الثالث: المشاورة:

- ‌المطلب الرابع: آداب الإسلام عند تحتم الجهاد:

- ‌المطلب الخامس: الالتزام بالنظام:

- ‌المطلب السادس: أهمية اللواء:

- ‌المطلب السابع: المفاجأة والمباغتة:

- ‌المطلب الثامن: الخدع في الحرب:

- ‌المطلب التاسع: الكذب في الحرب:

- ‌المبحث الثالثالتوجيهات والآداب أثناء وبعد القتال

- ‌المطلب الأول: التعرض لأموال العدو:

- ‌المطلب الثاني: الثبات أثناء القتال:

- ‌المطلب الثالث: الحفاظ على العتاد:

- ‌المطلب الرابع: الاعتناء بالأسرى، وإطلاقهم بدون فداء:

- ‌المطلب الخامس: إيثار النبي صلى الله عليه وسلم لأمته

- ‌المطلب السادس: إيثار المؤلفة وغيرهم بالأموال:

- ‌المطلب السابع: أحكام الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب:

- ‌المطلب الثامن: الوفاء لأهل الذمة:

- ‌المطلب التاسع: تحريم الإسلام للغدر في حق جميع الناس:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

ولسعيد بن جبير! كلما أردت النوم أخذ برجلي (1)

(1) انظر حلية الأولياء أبي نعيم الأصبهاني: 4/ 294.

ص: 198

‌المبحث الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

المسلم مأمور بتوقي البلاء والفتن التي تقع في الدين أو ما يصيب الأبدان من أمراض أو موت أو نقص من الأموال باتخاذ الأسباب المشروعة الدافعة لذلك والمانعة له، ومن هذه الأسباب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي ميز الله تعالى به هذه الأمة دون غيرها من الأمم، فقال سبحانه:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (1) وذم بني إسرائيل بقوله: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (2) وحث الله سبحانه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه من سبيل الفلاح، فما من أمة كثرت موبقاتها لقلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر إلا كان ذلك إيذانا من الله بقرب هلاكها، يقول تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3)

(1) سورة آل عمران الآية 110

(2)

سورة المائدة الآية 79

(3)

سورة آل عمران الآية 104

ص: 198

أي لتكن منكم أمة منتصبة للقيام بأمر الله في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأولئك هم المفلحون، وهم خاصة الصحابة وخاصة الرواة، يعنى المجاهدين والعلماء، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} (1)(اتباع القرآن وسنتي)(2)

والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (3)» (4) فإن لم يستطع أي التغيير باليد وإزالته بالفعل لكون فاعله أقوى منه - فبلسانه، أي فليغيره بالقول وتلاوة ما أنزل الله من الوعيد عليه وذكر الوعظ والتخويف والنصيحة (فإن لم يستطع) فبقلبه بأن لا يرضى به وينكر في باطنه على متعاطيه، فيكون تغييرا معنويا؛ إذ ليس في وسعه إلا هذا (5) وهما واجبان على الكفاية على هذه الأمة، يقول شيخ

(1) سورة آل عمران الآية 104

(2)

أورده ابن كثير في تفسيره: 1/ 391.

(3)

أخرجه مسلم 1/ 69.

(4)

انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 391.

(5)

عون المعبود لأبي الطيب آبادي 11/ 330.

ص: 199

الإسلام عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (فالدعاء إلى الله هو الدعاء إلى سبيله، فهو أمر بسبيله، وسبيله تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر، وقد تبين أنهما واجبان على كل فرد من أفراد المسلمين وجوب فرض الكفاية، لا وجوب فرض الأعيان كالصلوات الخمس، بل كوجوب الجهاد والقيام بالواجبات من الدعوة الواجبة وغيرها يحتاج إلى شروط يقام بها، كما جاء في الحديث، ينبغي لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يكون فقيها فيما ينهى عنه، فالفقه قبل الأمر ليعرف المعروف وينكر المنكر، والرفق عند الأمر ليسلك أقرب الطرق إلى تحصيل المقصود، والحلم بعد الأمر ليصبر على أذى المأمور المنهي؛ فإنه كثيرا ما يحصل له الأذى بذلك؛ ولهذا قال تعالى: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (1)، وقد أمر نبينا بالصبر في مواضع كثيرة، كما قال تعالى في أول المدثر:{قُمْ فَأَنْذِرْ} (2){وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (3){وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (4){وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (5){وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} (6){وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (7) وقال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (8)

(1) سورة لقمان الآية 17

(2)

سورة المدثر الآية 2

(3)

سورة المدثر الآية 3

(4)

سورة المدثر الآية 4

(5)

سورة المدثر الآية 5

(6)

سورة المدثر الآية 6

(7)

سورة المدثر الآية 7

(8)

سورة الطور الآية 48

ص: 200

وقال {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} (1)(2) وقال عمير بن حبيب وكان قد بايع النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر فليوطن نفسه على الصبر على الأذى، وليثق بالثواب من الله تعالى فإنه من وثق بالثواب من الله عز وجل لم يضره مس الأذى (3)» (فإن لم يستطع أن يقوم بالواجب ولم يقم غيره به صار الجميع مستحقين العقوبة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه (4)» وقال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (5)» فلا يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ذلك جالب لمقت الله عز وجل وعذابه.

(1) سورة المزمل الآية 10

(2)

مجموع الفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 15/ 167.

(3)

أخرجه الطبراني في الكبير: 17/ 50، والأوسط: 2/ 370، والبيهقي في الكبرى 10/ 95، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/ 266: (رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات).

(4)

أخرجه أبو داود: 4/ 144، والترمذي: 4/ 467، وقال:(حديث صحيح)، والنسائي في الكبرى: 6/ 338، وابن حبان: 2/ 465، وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الحنبلي المقدسي في الأحاديث المختارة: 1/ 147: (رواه أحمد بن منيع وعبد بن حميد عن يزيد بن هارون في مسنديهما، إسناده صحيح).

(5)

أخرجه مسلم 1/ 69.

ص: 201

ومن العقوبات التي تترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

1 -

اللعن من الله.

2 -

السحت بالعذاب.

3 -

تأمير شرار القوم.

4 -

ضرب القلوب بعضها ببعض.

قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على أيدي المسيء ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم (2)» قال صلى الله عليه وسلم: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضن على الخير أو ليسحتنكم (4)» قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليوشك الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعون فلا يستجاب لكم (5)» فالأمر بالمعروف

(1) أخرجه أبو داود: 4/ 122، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/ 269 (رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح).

(2)

تأطرنه: (أي تعطفوه عليه) النهاية ابن الأثير 1/ 53. (1)

(3)

أخرجه أحمد: 5/ 390، والطبراني في الأوسط: 2/ 99، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 266:(رواه الطبراني في الأوسط، والبزار، وفيه حيان بن علي وهو متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية، وضعفه في غيرها).

(4)

(3) الله جميعا بعذاب أو ليؤمرن عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لكم

(5)

أخرجه الترمذي: 4/ 468، وقال (حديث حسن)، وابن ماجه: 2/ 1327، وأحمد: 5/ 391، والبيهقي في الكبرى: 10/ 93، وقال الألباني في سنن الترمذي 302169:(حسن)، وفي رواية:(ليسلطن عليكم شراركم) أخرجه أحمد: 5/ 390، والطبراني في الأوسط: 2/ 99، 5/ 388.

ص: 202

والنهي عن المنكر يدفع العذاب، والتقاعس عنه يوجب غضب الله عز وجل، ومعلوم أن من أسباب رفع البلاء الدعاء، لكن من تهاون بالأمر بالمعروف فحل به البلاء فإن دعاءه لرفع هذا البلاء محجوب، يقول السيوطي:«قبل أن تدعو فلا يستجاب لكم (1)» أي قبل أن ينزل عليكم البلاء بسبب المعاصي. وفيه إشعار أنه لا بد للعلماء أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وإلا فهم أيضا شركاء في الوزر) (2)

(لكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون على بصيرة، وله شروط، وعلى درجات)(3)

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراتبه، يقول الإمام النووي (وأما صفة النهي ومراتبه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح: «فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه (4)» فقوله صلى الله عليه وسلم: (فبقلبه) معناه فليكرهه بقلبه، وليس ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر، ولكنه هو

(1) سنن الترمذي الفتن (2169).

(2)

شرح سنن ابن ماجه السيوطي: 289.

(3)

انظر مجموع الفتاوى ابن تيمية: 32/ 22، 35/ 32، 14/ 472.

(4)

أخرجه مسلم 1/ 69.

ص: 203

الذي في وسعه، وقوله صلى الله عليه وسلم:«وذلك أضعف الإيمان (1)» معناه والله أعلم: أقله ثمرة، قال القاضي عياض رحمه الله: هذا الحديث أصل في صفة التغيير، فحق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به؛ قولا كان أو فعلا، فيكسر آلات الباطل ويريق المسكر بنفسه أو يأمر من يفعله وينزع الغصوب ويردها إلى أصحابها بنفسه أو بأمره إذا أمكنه، ويرفق في التغيير جهده بالجاهل وبذي العزة الظالم المخوف شره؛ إذ ذلك أدعى إلى قبول قوله، كما يستحب أن يكون متولي ذلكم من أهل الصلاح والفضل لهذا المعنى، ويغلظ على المتمادي في غيه والمسرف في بطالته إذا أمن أن يؤثر أغلاظه بأشد مما غيره لكون جانبه محميا عن سطوة الظالم، فإن غلب على

(1) صحيح مسلم الإيمان (49)، سنن الترمذي الفتن (2172)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5008)، سنن أبي داود الصلاة (1140)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275)، مسند أحمد (3/ 10).

ص: 204

ظنه أن تغييره بيده يسبب أشد منه من قتله أو قتل غيره بسببه، كف يده، واقتصر على القول باللسان والوعظ والتخويف، فإن خاف أن يسبب قوله مثل (ما تسببه يده) فبقلبه وكان في سعة، وهذا هو المراد بالحديث إن شاء الله تعالى، وإن وجد من يستعين به على ذلك استعان، ما لم يؤد ذلك إلى إظهار سلاح وحرب، وليرفع ذلك إلى من له الأمر إن كان المنكر من غيره أو يقتصر على تغييره بقلبه. هذا هو فقه المسألة، وصواب العمل فيها عند العلماء والمحققين، خلافا لمن رأى الإنكار بالتصريح بكل حال وإن قتل ونيل منه كل أذى.

هذا آخر كلام القاضي رحمه الله. قال إمام الحرمين رحمه الله: ويسوغ لآحاد الرعية أن يصد مرتكب الكبيرة إن لم يندفع عنها بقوله ما لم ينته الأمر إلى نصب قتال وشهر سلاح) (1) وإلى ذلك ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله: (ترك الإنكار باليد أو بالسلاح إذا كان فيه مفسدة راجحة على مفسدة المنكر)(2)

فالواجب على العبد (أن يفرق بين ما يفعل الإنسان ويأمر به ويبيحه وبين ما يسكت عن نهي غيره عنه وتحريمه عليه، فإذا كان من المحرمات ما لو نهى عنه حصل ما هو أشد تحريما منه لم ينه عنه ولم يبحه أيضا؛ ولهذا لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ما يحصل بذلك

(1) شرح النووي على صحيح مسلم: 1/ 25.

(2)

مجموع الفتاوى ابن تيمية: 35/ 32.

ص: 205