الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى المنع من دفع القيمة، وأنها لا تجزي. وجوز ذلك أبو حنيفة رحمه الله، وإليه ميل البخاري في صحيحه، وشيخ الإسلام ابن تيمية لكنه يشترط كون ذلك أنفع، واستدل البخاري وغيره على ذلك بأدلة قوية وإن لم تكن نصا في المسألة (1)
(ص – ف -59 وتاريخ 24 - 1 - 1377هـ)
(1) انظر جـ 1 باب زكاة العروض من صحيحه
(1007 -
المسائل التي يجوز إخراج القيمة فيها عند ابن تيمية والبخاري)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي ورئيس الوزراء حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد جرى الاطلاع على المعاملة المحالة إلينا رفق خطاب سموكم رقم وتاريخ، المتعلقة بتعديل طريقة خرص الثمار وتوزيع زكاتها على الفقراء، المشتملة على قرار المجلس الإداري بأبها رقم 38 وتاريخ 27 - 10 - 1381هـ المتضمن ذكر الطريقة الجديدة التي يرى المجلس الأخذ بها مستقبلا، وترغبون منا إفادتكم يما يظهر لنا من رأي تجاه قرار المجلس المذكور.
وبدراستنا للقرار المشار إليه أعلاه صار لنا عليه ملاحظات
شرعية، وأخرى إدارية؛ أما الملاحظات الشرعية فتتلخص فيما يأتي:
1 -
جاء في القرار ما نصه: يخير المكلفون بين دفعها نقودا وبين دفعها عينا.
وأفيد سموكم أن جعل الخيرة لأرباب الأموال لا أصل له في الشرع؛ بل الواجب في إخراج زكاة الثمار أن تكون عينا، وهو الأصل، والنصوص في ذلك معروفة مشتهرة. ولا يجوز إخراج القيمة إلا فيما ظهرت فيه المصلحة لحظ من وجبت له، أو كان في إلزام من وجبت عليه بالعين مشقة، كأن يبيع ثمر بستانه أو زرعه فيجزؤه إخراج عشر القيمة؛ لأنه ساوى الفقير بنفسه.
ونذكر هنا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لتبيين ذلك وتتضح به بعض الصور التي يجوز إخراج القيمة فيها، جاء في (الاختيارات ص 103) ما نصه: ويجوز إخراج القيمة في الزكاة لعدم العدول عن الحاجة والمصلحة مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه فهنا إخراج الدراهم يجزؤه ولا يكلف أن يشتري تمرا أو حنطة فإنه قد ساوى الفقير بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك. ومثل أن تجب عليه شاة في الإبل
وليس عنده شاة، فإخراج القيمة كاف ولا يكلف السفر لشراء شاة، أو أن يكون المستحقون طلبوا القيمة لكونها أنفع لهم فهذا جائز. ا. هـ.
2 -
جاء في القرار تعليل مراعاة الشمول في توزيع الزكاة بأن القصد من صدور أمر جلالة الملك بتوزيع الزكاة على الفقراء هو التوسعة على فقراء الرعية.
والصحيح أن أمر الملك حفظه الله بتوزيع الزكاة على الفقراء هو تنفيذ ما اقتضاه الوجه الشرعي. كما أن تعبير المجلس في القرار بأن الزكاة مبرة ولي الأمر غير مستقيم، ومن باب تسمية الأشياء بغير أسمائها. إذ هي حق الفقراء على الأغنياء، كما جاء ذلك في الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله تعالى:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (1){لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (2).
3 -
جاء في القرار أن الجهة التي تتولى التحقيق في اتهامات هيئات الخرص والتوزيع هي المجلس الإداري، وأن ما صدر من ذلك المجلس من قرارات في حق من قامت التهمة حوله ينبغي أن تكون نافذة.
(1) سورة المعارج الآية 24
(2)
سورة المعارج الآية 25
ونفيد سموكم أن الجهة التي تتولى النظر في هذه الاتهامات لا بد وأن تكون جهة علمية كالمحكمة، أو أن يشكل له هيئة شرعية برئاسة مندوب رئاسة القضاء وعضوية مندوبي هيئة الأمر بالمعروف ووزارة المالية والمجلس الإداري. ولا يكون قرار الهيئة نافذا حتى ينال تأييد الجهات المختصة.
4 -
جاء في القرار التوصية بعدم إهمال فقراء المناطق المجدبة. ونفيد جلالتكم أنه ينبغي توزيع زكاة كل قرية على فقرائها، ومتى بقي فاضل منها وزع على فقراء ما جاورها من القرى، وكلما كانت قرية أقرب إليها كانت أولى بتوزيع الفاضل من زكاتها على فقرائها، ما لم تكن هناك مسغبة فلولي الأمر الاجتهاد في التوزيع حسبما تقتضيه المصلحة العامة.
أما الملاحظات الإدارية فقد جاء في القرار عبارتان ظاهرهما التناقض، وهما: ويعهد إليهم باستيفاء الزكاة الشرعية – والضمير راجع إلى الخراص الذين يختارهم المجلس الإداري – وبعد استحصال الزكوات من قبل المالية بواسطة محاسبه وقابض وخوي الإمارة. ووجه التناقض أن استيفاء الزكاة قد جعل إلى جهتين هما الخراص كما تشير إليه العبارة الأولى، ومندوبو المالية القابض والمحاسب، وخوي الإمارة كما تدل عليه العبارة الثانية. وهذا لا يمكن، إذ لا يصح استيفاء الزكاة ممن وجبت عليه مرتين، فلزم القول بأن سبك الكلام غير واف لوجود هذا التناقض الموهم. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى
فالطريقة التي ذكرها المجلس ورأى الأخذ بها مستقبلا فيها شيء من التعقيد، وتكليف الدولة بأكثر مما يلزمها من نفقات جباية الزكاة وتوزيعها، والطريقة التي نراها أبسط وأقسط وأسلم من التلاعب أن يختار المجلس الإداري، أو من يمارس صلاحياته، رجلين موثوقا بهما أمانة وخبرة؛ ليقوما بخرص الثمار، وتسجيل ذلك في بيانات يرفعانها إلى جهات الاختصاص مبينا فيها مقدار الواجب من الزكاة على كل واحد ممن جرى خرص ثمارهم، ويعهد إلى قاضي كل جهة بتسجيل أسماء الفقراء المستحقين بمساعدة رئيس هيئة الأمر بالمعروف في تلك الجهة. وبعد الجذاذ والحصاد تشكل هيئة من المالية من قابض وحاسب لجباية زكاة كل قربة حسبما هو موضح في بيانات الخراص، وتوزيعها على فقرائها حسب سجلات القاضي بمشاركة القاضي والأمير ورئيس هيئة الأمر بالمعروف، ومن المستحسن جدا أن تؤخذ توقيعات الفقراء على ما استلمه كل واحد منهم. ومتى وجد فاضل من زكاة أي قرية على مستحقات فقرائها صرف إلى فقراء أقرب قرية منها، كما مر ذكره. أما استحقاق مشائخ القبائل والجباة والخراص فيصرف لهم من أصل حاصلات الزكوات كالسابق. هذا ما لزم ذكره. ونعيد إلى سموكم كامل الأوراق والله يحفظكم.
رئيس القضاة