الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن السنة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم «مره فليراجعها..» (1) .
المطلب الثاني
إذا لم تعلم الزوجة بمراجعته لها فاعتدت ثم تزوجت
إذا خرج المجاهد للقتال في سبيل الله وزوجته في العدة من طلاق رجعي، ثم راجعها قبل أن تنتهى عدتها، ولم تعلم أنه راجعها فلما انتهت عدتها تزوجت اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صحة النكاح الثاني إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن النكاح باطل ويفرق بينهما وهي زوجة الأول سواء دخل بها الثاني، أم لا.
وهذا قول الحنفية (2) والشافعية (3) والصحيح من مذهب الحنابلة (4) إلا أن الحنابلة اشترطوا إقامة البينة على الرجعة (5) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الرجل يطلق امرأته ثم يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك فنكحت قال: (هي امرأة الأول دخل بها الآخر أم لم يدخل)(6) .
(1) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الطلاق، باب وبعولتهن أحق بردهن في ذلك، ح رقم (5332) وصحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب الطلاق باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، ح رقم (1471) واللفظ لمسلم.
(2)
المبسوط (6/23) وبدائع الصنائع (3/286) .
(3)
الأم (5/244) وروضة الطالبين (8/255) .
(4)
المغني (10/573) والإنصاف (9/160) والمبدع (7/397) وكشاف القناع (4/300) .
(5)
المراجع السابقة.
(6)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الرجعة باب الرجل يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك، ح رقم (15187) والشافعي في الأم (5/245) وابن حزم في المحلى بالآثار (10/24) .
2-
أن الله جعل للزوج المطلق الرجعة في العدة، ولا يبطل ما جعل الله له منها بباطل من نكاح غيره، ولا بدخول لم يكن يحل على الابتداء (1) .
3-
ولأن الرجعة قد صحت بدون علمها، وتزوجت وهي زوجة الأول، فلم يصح نكاحها، كما لو لم يطلقها (2) .
القول الثاني: أن النكاح الثاني صحيح دخل بها، أم لا، ولا حق للأول عليها.
وهذا قول للمالكية (3) وقول ابن حزم (4) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه قال: (مضت السنة في الذي يطلق امرأته ثم يراجعها فيكتمها حتى تحل فتنكح زوجا غيره أنه ليس له من أمرها شيء ولكنها لمن تزوجها)(5) . ونوقش هذا: بأنه لم يرو إلا عن ابن شهاب الزهري فيكون من قوله، وليس في ذلك حجة (6) .
2-
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب عنها، ثم يراجعها فلا يبلغها مراجعته، -وقد بلغها طلاقه- فتزوجت:(أنه إذا دخل بها زوجها الآخر أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول الذي كان طلقها إليها)(7) .
(1) الأم (5/245) .
(2)
بدائع الصنائع (3/286) وكشاف القناع (4/300) والمغني (10/574) .
(3)
الموطأ مع شرح الزرقاني (3/257) وبداية المجتهد (2/89) .
(4)
المحلى بالآثار (10/20) .
(5)
رواه ابن حزم في المحلى بالآثار في أحكام الرجعة (10/22) .
(6)
سبل السلام (3/381) .
(7)
المحلى بالآثار في أحكام الرجعة.
ونوقش هذا الأثر: بأنه منقطع، قال ابن حزم: ما روينا من طرق عن عمر كلها منقطعة (1) .
القول الثالث: إن الزوج أحق بها ما لم يدخل بها الثاني، فإن دخل بها فلا سبيل للأول عليها، وهذا قول للمالكية (2) ورواية عند الحنابلة (3) .
واستدلوا بما يلي:
1-
ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيمن طلق امرأته ثم سافر وأشهد على رجعتها قبل انقضاء العدة ولا علم لها بذلك حتى تزوجت (أنه إن أدركها قبل أن يدخل بها فهي امرأته، وإن لم يدركها حتى دخل بها الثاني فهي امرأة الثاني)(4) .
ونوقش هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه بأنه أثر منقطع (5) .
2-
أن كل واحد منهما عقد عليها، وهي ممن يجوز له العقد عليها في الظاهر، ومع الثاني ميزة الدخول فقدم بها (6) .
ويمكن مناقشة هذا: بأن الثاني عقد عليها وهي زوجة الأول لصحة الرجعة عليها بالاتفاق، فعقد الثاني باطل.
الترجيح
الذي يظهر أن الراجح القول الأول، أنها زوجة الأول وأن نكاح الثاني باطل ويفرق بينهما، سواء دخل بها، أم لا؟ ويلزم الزوج أن يعلمها بالرجعة وهي في العدة ما استطاع إلى ذلك سبيلا (7) والله أعلم.
(1) المحلى بالآثار (10/23) .
(2)
المدونة (2/449) وبداية المجتهد (2/89) وشرح الموطأ للزرقاني (3/258) .
(3)
المغني (10/574) والإنصاف (9/160) والمبدع (7/397) .
(4)
المحلى لابن حزم في أحكام الرجعة (10/23) .
(5)
المحلى بالآثار (10/23) .
(6)
المغني (10/574) .
(7)
في هذا العصر تعددت وسائل الاتصال حتى أصبح العالم كالقرية الواحدة. فيمكن المراجع أن يبلغ المرأة وليها مراجعته لها بـ (الهاتف) من أي مكان، أو بأي وسيلة أخرى.