الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في الجُعالة
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أخذ الجعل على الجهاد
.
المطلب الثاني: وقت استحقاق الجعل على الجهاد.
المطلب الأول
أخذ الجُعل (1) على الجهاد
سبق الحديث عن أخذ الأجرة على الجهاد وأن ذلك لا يجوز باتفاق الفقهاء إذا تعين الجهاد على المجاهد، وخلاف مرجوح إذا لم يتعين عليه.
والجعل هنا يختلف عن الأجرة (2) فهو يطلق على أمور:
أولا: يطلق الجعل على ما يأخذه المجاهد من بيت المال عونا له على الجهاد في سبيل الله ولا أعلم خلاف في جواز ذلك -حسب ما اطلعت عليه-.
جاء في فتح القدير وغيره: كره الحنفية أن يكلف الإمام الناس بأن يقوي بعضهم بعضا بالسلاح والنقود والزاد ما دام للمسلمين فيء، لأن بيت المال معد للمسلمين (3) .
(1) الجُعل والجَعالة والجِعالة: ما جعله له على عمله، والجُعل والجَعالة: أن يكتب البعث على الغزاة فيخرج من الأربعة والخمسة رجل واحد ويجعل له جعل. انظر: لسان العرب (1/111) مادة (جعل) .
وفي الاصطلاح: ما يجعل للعامل على عمله، انظر: التعريفات للجرجاني ص (104) .
(2)
فرق الفقهاء بين عقد الجعالة والإجارة بأمور، منها:
1-
أن الجعالة عقد جائز للطرفين فسخه بخلاف الإجارة فهو عقد لازم.
2-
قد يكون العمل مجهولا في الجعالة وكذلك المدة، أما الإجارة فلا يجوز ذلك.
3-
المجاعل لا يستحق الجعل إلا بعد فراغه من العمل، بخلاف الإجارة.
انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (2/237) والفقه الإسلامي وأدلته (4/786) .
(3)
فتح القدير (5/194) وشرح السير الكبير (1/98) .
وجاء في الذخيرة: أن عمر والصحابة من بعده رضي الله عنهم جعلوا الفيء وخراج الأراضين وقفا للمجاهدين، فمن افترض فيه ونيته الجهاد جاز (1) .
وفي الحاوي الكبير: فأما جعالة السلطان إذا بذلها للغزاة من بيت المال فجائز لأمرين:
أحدهما: أنه بذلها للجهاد عن الكافة.
الثاني: أنه بذلها من مال هو مستحق لهم (2) .
وفي الفروع: ما يؤخذ من بيت المال ليس عوضا ولا أجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذ فهو رزق للمعونة على الطاعة (3) .
وبهذا يتقرر جواز أخذ المجاهد من بيت المال قدر كفايته ومن يعول، ويعتبر ذلك عونا له على الجهاد في سبيل الله، لا أجرة على الجهاد.
وما يأخذه الجند اليوم من رواتب شهرية يمكن جعلها من هذا الباب، لا أنها أجرة، وبهذا ينال الجند أجر الجهاد في سبيل الله.
أما إن تغيرت النية وأصبح الراتب الهدف بحيث لو منع منهم لم يخرجوا للجهاد، فإنه يخش أن لا يكون لهم أجر، وإن قتلوا أن لا يكونوا شهداء عند الله. والله أعلم.
ثانيًا: يطلق الجعل ويراد به ما يأخذه المجاهد لعمل قام به، أو سوف يقوم به، كأن يقول الإمام أو نائبه: من فتح القلعة، أو أغار على العدو، أو فتح ثغرة يدخل منها فله كذا وكذا
وقد ذهب الجمهور إلى جواز ذلك للحاجة، وكرهه المالكية وقد سبق الكلام في هذا وذكر الأقوال والأدلة في باب النفل. فليراجع (4) .
ثالثًا: يطلق الجعل على ما يأخذه المجاهد من التبرعات المحضة التي تبرع بها الناس للمجاهدين ولا أعلم في جواز أخذ ذلك خلافا بين الفقهاء (5) .
(1) الذخيرة (3/406) ومواهب الجليل (4/552) والكافي في فقه أهل المدينة المالكي
…
(1/465) .
(2)
الحاوي الكبير (14/128) وفتح الباري (6/153) .
(3)
الفروع لابن مفلح (4/436) .
(4)
راجع: ص (473) وما بعدها.
(5)
إعلاء السنن للتهانوي (12/14) والحاوي الكبير (14/128) وشرح السنة للبغوي
…
(11/17) وكشاف القناع (2/399) .