الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
في الميراث
وفيه فرعان:
الفرع الأول: قسمة مال المفقود في المعركة
.
الفرع الثاني: إرث المفقود قبل الحكم بموته.
الفرع الأول
قسمة مال المفقود (1) في المعركة
اتفق الفقهاء (2) -رحمهم الله تعالى-: على أن المفقود في المعركة لا يقسم ماله بين الورثة حتى يضرب له مدة يتأكد منها من حاله ويبحث فيها عنه.
لأن حياته كانت معلومة وما علم ثبوته فالأصل بقاؤه على ما كان (3) .
ثم اختلفوا في مقدار مدة الانتظار إلى قولين:
القول الأول:
التفريق بين ما كان الغالب عليه السلامة (4) وما كان الغالب عليه الهلاك فالغالب عليه السلامة ينتظر تسعون سنة من ولادته، والغالب عليه الهلاك ينتظر أربع سنوات.
(1) المفقود: اسم مفعول من فقد الشيء إذا عدمه وضاع منه. انظر: لسان العرب (3/337) مادة (فقد) والمعجم الوسيط (2/696) .
واصطلاحا: من لا تعلم له حياة ولا موت لانقطاع خبره. انظر: كشاف القناع (3/639) .
(2)
بدائع الصنائع (5/287) والبحر الرائق (5/274) والمقدمات الممهدات (1/533) وبداية المجتهد (2/56) ومغني المحتاج (4/48) وروضة الطالبين (6/34) والمغني (9/186) والإنصاف (7/336) والمحلى بالآثار (9/316) .
(3)
المبسوط (30/54) وبدائع الصنائع (5/289) .
(4)
كالأسير فإنه معلوم من حاله أنه غير متمكن من المجيء إلى أهله، والتاجر المسافر لتجارته قد يشتغل بتجارته عن العودة فينتظر به تتمة تسعين سنة منذ ولد، لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذه المدة، وهذا المذهب. انظر: كشاف القناع (3/639) والمغني (9/187) .
وهذا المذهب عند الحنابلة (1) وقول عند المالكية (2) .
والمفقود في المعركة الغالب عليه الهلاك، فينتظر أربع سنوات فإن لم يظهر خبره قسم ماله بين الورثة.
واستدلوا بما يلي:
1-
أن الظاهر هلاكه فأشبه ما لو مضى مدة لا يعيش إلى مثلها (3) .
2-
اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على تزويج امرأته إذا مضت أربع سنوات واعتدت فإذا ثبت ذلك في النكاح مع الاحتياط للأبضاع ففي المال أولى (4) .
القول الثاني:
أنه ينتظر المفقود إلى أن يتيقن موته، أو يمضي مدة يغلب على الظن أنه لا يعيش إلى فوقها، وبهذا قال الحنفية (5) .
والمشهور عند المالكية (6) والصحيح عند الشافعية (7) ورواية عند الحنابلة (8) وقول ابن حزم (9) .
واستدلوا لقولهم: بأن حياة المفقود كانت معلومة، وما علم ثبوته فالأصل بقاؤه على ما كان باعتبار استصحاب الحال (10) .
ولم يفرق أصحاب هذا القول بين حال المفقود الذي يغلب عليه السلامة أو الهلاك (11) .
(1) كشاف القناع (3/639) والمغني (9/187) .
(2)
المقدمات الممهدات (1/534) وبداية المجتهد (2/56) وفي رواية لأشهب عن مالك أنه يحكم على المفقود في القتال مع العدو بحكم المقتول، بعد أن ينتظر سنة من رفع أمره إلى السلطان.
(3)
كشاف القناع (3/639) والمغني (9/187) .
(4)
المرجعان السابقان.
(5)
البحر الرائق (5/277) وحاشية ابن عابدين (5/462) .
(6)
المقدمات (1/533) والذخيرة (13/22) .
(7)
روضة الطالبين (6/34) ومغني المحتاج (4/48) .
(8)
الإنصاف (7/335) .
(9)
المحلى بالآثار (9/316) .
(10)
المبسوط (30/54) وبدائع الصنائع (5/289) .
(11)
روضة الطالبين (6/34) والتحقيقات المرضية في المباحث الفرضية ص (228) .
وأختلف أصحاب هذا القول في تحديد المدة التي يغلب على الظن أن المفقود لا يعيش فوقها، فظاهر مذهب الحنفية (1)، والصحيح عند الشافعية (2) ورواية عند الحنابلة (3) : أنها لا تقدر بمدة معينة والمرجع في ذلك إلى اجتهاد القاضي أو الحاكم، لأنه لا دليل على التقدير بمدة معينة، فينظر القاضي أو الحاكم في الأقران، والزمان والمكان، ويجتهد في بيان المدة (4) وكل حالة لها ظروفها لخاصة بها.
وذهب المالكية (5) وقول عند الحنفية (6) وقول عند الشافعية (7) إلى أنها تقدر بمدة محدودة، لأن الحياة بعد هذه المدة نادرة ولا عبرة للنادر، ثم اختلفوا في تحديد هذه المدة فالمعتمد عند المالكية أنها سبعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: تسعون (8) .
وعند الحنفية تسعون سنة، وقيل: مائة سنة، وقيل: مائة وعشرون سنة، وقيل: غير ذلك (9) وفي وجه عند الشافعية، أنها تسعون سنة (10) .
الترجيح
الراجح القول الأول: أنه ينتظر المفقود في المعركة أربع سنوات، لأنها مدة كافية في معرفة مصيره، إذا تقرر هذا فإن مال المفقود في المعركة بعد تيقن موته، أو الحكم بعد مضي مدة الانتظار يقسم بين ورثته الأحياء الموجودين حين الحكم بموته، لا من مات منهم في مدة الانتظار، وذلك باتفاق الفقهاء -فيما أعلم- لأن الحكم بموت المفقود جاء متأخرا عن وفاتهم ومن شرط الإرث حياة الوارث حين موت المورث، والأصل حياة المفقود في مدة الانتظار، والله أعلم.
(1) المرجعان السابقان قبل المرجع السابق والبحر الرائق (5/277) وحاشية ابن عابدين (6/462) .
(2)
روضة الطالبين (6/34) ومغني المحتاج (4/48) .
(3)
الانصاف (7/335) .
(4)
حاشية ابن عابدين (6/462) والفوائد الجلية لابن باز رحمه الله ص (50) .
(5)
الذخيرة (13/22) وحاشية الخرشي (5/129) وحاشية العدوي بهامش حاشية الخرشي (5/129) .
(6)
البحر الرائق (5/277) والمبسوط (30/54) وبدائع الصنائع (5/289) .
(7)
روضة الطالبين (6/34) ومغني المحتاج (4/48) .
(8)
المقدمات (1/533) والذخيرة (13/22) .
(9)
البحر الرائق (5/277) والمبسوط (30/54) وبدائع الصنائع (5/289) .
(10)
روضة الطالبين (6/34) ومغني المحتاج (4/48) .