الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
في الإجارة
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: أخذ الأجرة على الجهاد
.
المطلب الثاني: استئجار من ينوب عنه في الجهاد.
المطلب الثالث: استئجار آلات الحرب.
المطلب الرابع: استئجار كافر لمساعدته
المطلب الأول
أخذ الأجرة (1) على الجهاد
لا أعلم خلافًا بين الفقهاء (2) رحمهم الله تعالى أنه لا يجوز أخذ الأجرة على الجهاد في سبيل الله إذا تعين على المجاهد. لأنه إذا تعين عليه الفرض لم يجز أن يفعله عن غيره، كالحج (3) .
(1) الأجرة والأجر: عوض العمل، والأجير من يعمل بأجر انظر: القاموس المحيط ص 342 مادة (أجر) والمعجم الوسيط (1/6) مادة (أجر) .
والإجارة في الشرع: عقد على منفعة مباحة معلومة، مدة معلومة من عين معينة أو موصوفة في الذمة أو عمل معلوم بعوض معلوم. انظر: شرح منتهى الإرادات (2/241) والسلسبيل في معرفة الدليل (2/152) .
(2)
بدائع الصنائع (4/44) وتبيين الحقائق (5/124) وشرح السير الكبير (3/22) والمدونة (2/44) والذخيرة (3/407) وروضة الطالبين (10/240) ومغني المحتاج
…
(3/461) والمغني (13/164) وكشاف القناع (2/412) والفروع (6/231) والمحلى بالآثار (7/15) .
(3)
المغني (13/164) .
واختلفوا فيما إذا كان الجهاد فرض كفاية إلى قولين:
القول الأول: لا يجوز أخذ الأجرة على الجهاد مطلقا، وبهذا قال جمهور الفقهاء (1) .
واستدلوا بما يلي:
1-
أن الجهاد عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة فلا تصح الإجارة عليه (2) .
2-
أنه إذا لم يكن الجهاد متعينا عليه فإنه متى حضر صف القتال تعين عليه، ولا يجوز أخذ الأجرة على فرض العين (3) .
3-
أن المجاهد يستحق السهم من الغنيمة فلا يستحق الأجر مع ذلك (4) .
القول الثاني: يجوز أخذ الأجرة، وهذا قول عند الحنابلة (5) وقول ابن حزم (6) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (للغازي أجره وللجاعل أجره وأجر الغازي)(7) .
وجه الدلالة أن الحديث دل على جواز الجعل على الجهاد، فالإجارة كذلك.
(1) بدائع الصنائع (4/44) وتبيين الحقائق (5/124) وشرح السير الكبير (3/22) والمدونة (2/44) والذخيرة (3/407) وروضة الطالبين (10/240) ومغنى المحتاج
…
(3/461) والمغني (13/164) وكشاف القناع (2/412) والفروع (6/231) .
(2)
شرح منتهى الإرادات (1/646) والإنصاف (6/45) .
(3)
بدائع الصنائع (4/44) والمغني (13/164) وروضة الطالبين (10/240) ومغني المحتاج (3/461) .
(4)
شرح السير الكبير (3/21) .
(5)
المغني (13/164) والإنصاف (6/54) والفروع (6/231) .
(6)
المحلى بالآثار (7/4) وص (15) .
(7)
أخرجه أبو داود في سننه مع عون المعبود، كتاب الجهاد، باب الرخصة في أخذ الجعائل، ح رقم (2523) والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب السير، باب ما جاء في تجهيز الغازي وأجر الجاعل، ح رقم (17845) والإمام أحمد في المسند ج (6/186) ح رقم (6624) قال أحمد شاكر رحمه الله محقق المسند: إسناده صحيح.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن قياس الإجارة على الجعل قياس مع الفارق، لأن الجعالة تعطي للمجاهد تبرعا لا استئجارًا وإعانة له على القتال لطلب الأجر والثواب من الله عز وجل (1) فلا يلزم من جواز الجعالة جواز الإجارة.
2-
أن الجهاد إذا لم يتعين عليه جاز أن يؤجر نفسه عليه، كالعبد (2) .
ونوقش هذا: بأن الجهاد يكون في حقه فرض كفاية إذا لم يحضر، أما إذا حضر الصف فإنه يتعين عليه، ولا يجوز أخذ الأجرة على فرض العين (3) .
والقياس على العبد قياس مع الفارق، لأن العبد لا يجب عليه الجهاد مطلقا والمجاهد إذا حضر يجب عليه عينا.
الترجيح
الذي يظهر أن الراجح قول الجمهور، أنه لا يجوز أخذ الأجرة على الجهاد في سبيل الله ولو لم يتعين عليه الجهاد، لأن المجاهد إذا حضر تعين عليه، ولأن أخذ الأجرة على الجهاد قدح في نيته ومنقص لأجره وثوابه.
أما ما يعطى المجاهد من بيت مال المسلمين إذا كان في ديوان الجند سواء كان العطاء سنويًا أم شهريا، فإن ذلك إعانة له على الجهاد، وترغيب له فيه، وكفاية له ولمن يعوله، لأنه حبس نفسه على الجهاد، وليس ذلك أجرا على الجهاد في سبيل الله، وإنما أجره على الجهاد إذا أخلص النية يناله من الله عز وجل، وهو أعظم من أن يقاس بعطاء دنيوي والله أعلم.
(1) عون المعبود (7/144) .
(2)
المغني (13/164) .
(3)
بدائع الصنائع (4/44) وروضة الطالبين (10/240) والمغني (13/164) .