الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة قلت: وما في الصحيفة، قال العقل (1) وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر) (2) .
3-
ما روى سعيد بن منصور بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم ويؤدوا عن غارمهم)(3) .
وبهذا يقرر جواز فداء الأسرى من أيدي العدو بالمال من بيت مال المسلمين، فإن تعذر فداؤهم من بيت مال المسلمين، فمن مال أغنياء المسلمين فرضا كفائيا، لما سبق من الأدلة ولضرورة استنقاذ الأسير المسلم من أيدي الكفار. والله أعلم.
الفرع الثاني
فداء الأسرى بأسرى من العدو
اختلف الفقهاء في جواز فداء الأسرى المسلمين بأسرى من العدو إلى قولين:
القول الأول: يجوز فداء الأسرى بالأسرى من العدو، وبهذا قال جمهور الفقهاء (4) .
واستدلوا على ذلك بما يلي:
1-
عن عمران بن الحصين (5) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل مشرك)(6) .
(1) العقل: الدية، انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/252)
(2)
صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير، ح رقم (3047) .
(3)
سنن سعيد بن منصور، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الفداء ح رقم (2821) .
(4)
بدائع الصنائع (6/95) والبحر الرائق (5/140) والمعنة (1/620) وبلغة السالك
…
(1/360) والأم (4/252) والأحكام السلطانية ص (235) والحاوي الكبير (14/174) والمغني (13/135) وكشاف القناع (2/380) والمحلى بالآثار (5/364) .
(5)
هو: عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، يكني أبا نجيد أسلم عام خيبر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة غزوات، وكان معه راية خزاعة يوم الفتح، بعثه عمر إلى البصرة ليفقه الناس، توفي سنة 52 هـ وقيل 53 هـ انظر: أسد الغابة (4/778) ت رقم
…
(4042) والإصابة (4/584) ت رقم (6024) .
(6)
أخرجه الترمذي مع عارضة الأحوذي كتاب السير، باب ما جاء في قتل الأساري والفداء ح رقم (1568) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأصله في صحيح مسلم مع شرح النووي كتاب النذر باب لا وفاء لنذر في معصية ح رقم (1641) .
2-
أن المفاداة بالأسرى إنقاذ للمجاهد المسلم من الأسر، وذلك أولى من إهلاك الكافر (1) .
القول الثاني: لا يجوز فداء الأسرى من المسلمين بأسرى من العدو، وهذا القول هو الرواية المشهورة من مذهب أبي حنيفة (2) رحمه الله.
واستدل على ذلك بعموم الآيات الدالة على قتل الكفار منها.
1-
قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] .
2-
وقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ} [الأنفال: 12] .
وجه الدلالة من الآيتين السابقتين:
أن قتل الكفار فرض وفي المفاداة بالأسرى ترك له، ولا يجوز ترك الفرض مع التمكن من إقامته بأي حال (3) .
ونوقش استدلال أبي حنيفة بعموم الآيات، بأن ذلك ليس على إطلاقه بل ذلك واجب حال القتال وأما بعد أن نقدر عليهم فلا يجب (4) .
الترجيح
الذي يظهر رجحان القول الأول أنه يجوز فداء الأسرى بالأسرى من العدو وذلك لقوة ما استدلوا به، ولما في ذلك من إنقاذ المسلم من الأسر، والله أعلم.
(1) بدائع الصنائع (6/95) والبحر الرائق (5/140) .
(2)
المرجعان السابقان في الهامش السابق وحاشية ابن عابدين (6/228) وشرح السير الكبير (4/296) .
(3)
شرح السير الكبير (4/297) .
(4)
السياسة الشرعية لابن تيمية ص (89) .