الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويمكن مناقشة هذا: بأن النهي ينصب على تعمدهم بالقتل إذا لم يشاركوا في القتال، أما في حالة التترس بهم فإنهم لا يقصدون بالقتل وإن قتلوا فذلك لضرورة القتال.
الترجيح
الذي يظهر رجحان القول الأول في أنه يجوز قتلهم، لقوة الأدلة، ولأن ترك العدو إذا تترسوا بنسائهم وأطفالهم مدعاة إلى قوتهم، وإعادة ترتيب صفوفهم ووصول المدد إليهم فيجوز قتالهم ويتوقى قتل النساء والأطفال ما أمكن، والله أعلم.
المسألة الثانية
قتل العدو إذا تترسوا بأسرى الحرب من المسلمين
لا يخلو أن يكون التترس بأسرى الحرب من المسلمين حال التحام القتال والخوف منهم على المسلمين أو يكون في غير التحام القتال وعدم الخوف منهم على المسلمين.
فأما إذا تترسوا بأسرى الحرب من المسلمين في حال التحام القتال وهم مقبلون على حرب المسلمين والمسلمون يخافونهم.
فلا خلاف بين الفقهاء (1) رحمهم الله تعالى فيما أعلم أنه يجوز قتالهم ورميهم، ويتوقى المسلمون الذين تترسوا بهم قدر الإمكان لما يأتي:
1-
الضرورة إلى قتالهم ورميهم لأن في ترك قتالهم ورميهم ضررا على المسلمين فقتلهم ورميهم استدفاعا لأكثر الضررين بأقلهما (2) .
(1) المبسوط (10/65) وبدائع الصنائع (6/63) وفتح القدير (5/198) وحاشية الخرشي (4/17) وحاشية الدسوقي (2/178) والأم (4/244) وروضة الطالبين (10/245) والحاوي الكبير (14/188) والمغني (13/141) وكشاف القناع (2/378) والحاوي الكبير (14/188) والمغني (13/141) وكشاف القناع (2/378) والإنصاف
…
(4/129) .
(2)
روضة الطالبين (10/244) وكشاف القناع (2/378) والحاوي الكبير (14/188) وحاشية الخرشي (4/17) .
2-
ولأن ترك قتالهم ورميهم تعطيل للجهاد وأدبار عن العدو وهو مقبل على المسلمين وهذا لا يجوز (1) .
أما إذا تترسوا بأسرى الحرب من المسلمين في غير التحام القتال، وعدم الخوف منهم على المسلمين فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في جواز قتالهم ورميهم إلى قولين:
القول الأول: لا يجوز قتالهم ورميهم.
وبهذا قال المالكية (2) والشافعية (3) والحنابلة (4) والحسن بن زياد من الحنفية (5) .
واستدلوا بما يلي:
1-
وجه الدلالة: أن هذه الآية نزلت بعد الحديبية وقد كف الله سبحانه وتعالى المسلمين عن عدوهم في مكة لأجل المؤمنين المختلطين بهم، لأن المسلمين لو وطئوهم وقتلوهم حال القتال لأصابهم من ذلك معرة أي إثم، فدل على أن موجب الإثم هو قتل المؤمنين المختلطين بالعدو فلا يجوز فعله، بدليل أن المشركين لو تميزا على المؤمنين بمكة لسلط الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه على العدو بالقتل والسبي (6) .
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الآية لا دلالة فيها على التحريم، لأن أكثر ما فيها أن الله كف المسلمين عنهم، لأنه كان فيهم قوم مسلمون لم يأمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو
(1) روضة الطالبين (10/245) .
(2)
حاشية الخرشي (4/17) وحاشية الدسوقي (2/178) .
(3)
الحاوي الكبير (14/187) وروضة الطالبين (10/245) .
(4)
المغني (13/141) وكشاف القناع (2/378) .
(5)
المبسوط (10/64) وفتح القدير (5/198) .
(6)
فتح القدير للشوكاني (5/54) وأحكام القرآن لابن (4/138) وزاد المسير (7/440) .
دخلوا مكة بالسيف أن يصيبوهم، وذلك إنما يدل على إباحة ترك رميهم والإقدام عليهم على وجه التخيير (1) .
ويمكن الجواب: بأنه لا دليل على التخيير بين الفعل والترك، بل حمل الآية على الترك أولى لحرمة دم المسلم.
2-
أنه لا ضرورة لقتالهم ورميهم، والإقدام على قتل المسلم حرام، وترك قتل الكافر جائز فمراعاة جانب المسلم مقدم (2) .
القول الثاني: يجوز قتلهم ورميهم، وبهذا قال الحنفية (3) ورواية عند الحنابلة على خلاف المذهب (4) .
واستدلوا بما يلي:
1-
أن في ترك قتال العدو ورميهم إذا تترسوا بأسرى الحرب من المسلمين سدا لباب الجهاد فيتضرر المسلمون بذلك، وفي قتالهم ورميهم دفع الضرر بإلحاق ضرر خاص أولى (5) .
ويمكن مناقشة هذا: بأن ترك رمي العدو لحرمة رمي الترس المسلم عملية مؤقتة حتى يتميز العدو، فلا يؤدي ذلك إلى سد باب الجهاد.
2-
أنه إذا جاز رمي الكفار ومعهم أطفالهم ونسائهم ولو لم يكن هناك ضرورة وهو منهي عن قتلهم فكذلك رميهم ومعهم الأسرى من المسلمين.
(1) أحكام القرآن للجصاص (3/526) وقضايا فقهية في العلاقات الدولية ص (148) د/ حسن أبو غدة.
(2)
روضة الطالبين (10/245) والمبسوط (10/64) وأحكام القرآن للقرطبي (4/139) وتحفة المحتاج (9/242) .
(3)
المبسوط (10/64) وبدائع الصنائع (6/63) وفتح القدير (5/198) .
(4)
الإنصاف (4/129) .
(5)
المبسوط (10/65) وتبيين الحقائق (3/244) والإنصاف (4/129) .