الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الأولى
المراد بالغلول
أولا: في اللغة.
الغلول: الخيانة، جاء في لسان العرب: غل يغل غلولا، وأغل خان.
قال الشاعر:
جزي الله عنا حمزة ابنة نوفل جزاء مغلٍ بالأمانة كاذب.
والغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة، وكل من خان في شيء خفية فقد غل. وخص بعضهم الغل بأنه في الفيء والغنيمة (1) .
ثانيا: عند الفقهاء:
عرفه الحنفية بأنه السرقة من الغنيمة (2) .
والمالكية بأنه: أخذ ما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة قبل حوزها (3) .
والشافعية بأنه: ما أخذه أمير الجيش، أو أحد الغزاة من المغنم مما يجب قسمته بين العسكر، ولا يأتي به إلى متولي القسم ليقسمه بين مستحقيه (4) .
وعرفه الحنابلة بأنه: كتم الغنيمة، أو بعضها (5) .
والذي يظهر من هذه التعاريف أن الغلول من الغنيمة والفيء يكون على وجه الكتمان والخفاء وأن ذلك مما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة للحاجة، وأنه مما يجب قسمته بين الجنود.
ولذا يمكن تعريف الغلول بأنه: ما أخذ من الغنيمة أو الفيء على وجه الكتمان مما لم يبح الانتفاع به مما يجب قسمته بين العسكر، والله أعلم.
(1) لسان العرب (11/499) مادة (غلل) . والقاموس المحيط ص 1039 مادة (غلل) .
(2)
المبسوط (10/5) واللباب في شرح الكتاب (4/119) .
(3)
الشرح الكبير بهامش الدسوقي (2/179) .
(4)
مشارع الأشواق (2/797) .
(5)
كشاف القناع (2/413) وشرح منتهى الإرادات (1/646) .
المسألة الثانية
حكم الغلول من الغنيمة (1) والفيء (2)
الغلول من الغنيمة والفيء حرام قليله وكثيره، يدل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة فمن الكتاب.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] .
والمراد من يخن من غنائم المسلمين شيئا وفيئهم يأتي به يوم القيامة في المحشر، حاملا له على ظهره ورقبته، معذبا بجملة وثقله، ومرعوبا بصوته، وموبخا بإظهار خيانته على رءوس الأشهاد (3) ومن السنة.
1-
ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، قال:(لا ألفين (4) أحدكم يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة (5) يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك وعلى رقبته بعير له رغاء (6) يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك
(1) هي: المال المأخوذ من أهل الحرب بالقتال على سبيل القهر والغلبة، انظر: بدائع الصنائع (6/90) والوسيط في المذهب (7/32) .
(2)
سيأتي تعريفه إن شاء الله قريبا.
(3)
جامع البيان للطبري (3/501) والجامع لأحكام القرآن (4/249) .
(4)
بضم أوله وبالفاء أي: لا أجد، هكذا الرواية للأكثر بلفظ النفي المؤكد والمراد: النهي. انظر: فتح الباري (6/228) وشرح صحيح مسلم للنووي (12/458) .
(5)
صوت الفرس عند العلف وهو دون الصهيل، انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر
…
(1/419) وفتح الباري (6/229) .
(6)
صوت البعير يسمى رغاء انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/218) وفتح الباري (6/229) وشرح صحيح مسلم للنووي (12/458) .
لك شيئا، قد أبلغتك وعلى رقبته صامت (1) فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك أو علي رقبته رقاع تخفق (2) فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك) (3) .
2-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (افتتحنا (4) خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة، إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى (5) ومعه عبد له يقال له مدعم أهداه له أحد بني الضباب، فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عائر حتى أصاب ذلك العبد، فقال الناس هنيئا له الشهادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلي والذي نفسي بيده، إن الشملة (6) التي أصابها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا، فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك (7) أو بشراكين فقال: هذا شيء كنت أصبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكان في النار) (8) .
(1) أي الذهب والفضة، وقيل: ما لا روح فيه من أصناف المال، انظر: النهاية في غريب الحديث والأمر (3/48) وفتح الباري (6/229) وشرح صحيح مسلم للنووي
…
(12/458) .
(2)
أي تقعقع وتضطرب إذا حركتها الرياح، وقيل معناه: تلمع والمراد بها الثياب.
وقيل المراد بها: ما عليه من الحقوق المكتوبة في الرقاع، واستبعد ذلك ابن الجوزي، لأن الحديث لذكر الغلول الحسي فحمله على الثياب أنسب انظر: فتح الباري (6/229) .
(3)
صحيح البخاري مع الفتح كتاب الجهاد، باب الغلول، ح رقم (3073) وصحيح مسلم بشرح النووي كتاب الإمارة باب غلظ تحريم الغلول ح رقم (1831) .
(4)
افتتحنا أي المسلمون وأبو هريرة رضي الله عنه لم يكن معهم وإنما أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما بعد فتح خيبر ولكنه حضر قسمة الغنائم انظر: فتح الباري (7/621-622) .
(5)
هو: وادي بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى فتحها النبي صلى الله عليه وسلم عنوة ثم صولحوا على الجزية، انظر: معجم البلدان (5/397) ت رقم (12346) .
(6)
هي: البردة بضم الباء وتسمى كذلك النمرة وهي كساء مخطط، وقيل: كساء أسود فيه صور، انظر: شرح صحيح مسلم (2/488) .
(7)
سير النعل على ظهر القدم. وقوله: أو شراكين، شك من الراوي، انظر: فتح الباري
…
(7/623) وعون المعبود (7/271) .
(8)
صحيح البخاري مع الفتح، كتاب المغازي باب غزوة خيبر ح رقم (4234) وكتاب الإيمان والنذور، باب هل يدخل في الإيمان والنذور الأرض والغنم والزرع، ح رقم
…
(6707) وصحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإيمان باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ح رقم (115) .