الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
قسمة الغنيمة قبل أن يكون للجند راتب من الدولة
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: تخميس الغنيمة
.
المسألة الثانية: سهم الفارس.
المسألة الثالثة: سهم الراجل.
المسألة الأولى
تخميس الغنيمة
اتفق الفقهاء (1) رحمهم الله تعالى فيما أعلم أن الغنيمة تخمس عدا الأراضي (2) فخمس الغنيمة لأربابه الذين قال الله تعالى فيهم {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] .
وأربعة أخماسها للغانمين الذين حضروا للجهاد وكانوا مسلمين بالغين أحرارا أصحاء سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا.
(1) بدائع الصنائع (6/92) والمعونة (1/606) وروضة الطالبين (6/376) والمغني (13/100) والمحلى بالآثار (5/392) .
(2)
اختلفوا في قسمة الأراضي (العقار) فمنهم من قال: الخيار في ذلك بيد الإمام حسب المصلحة ومنهم من قال: هي وقف للمسلمين ومنهم من قال: يجب قسمتها ولا خيار في ذلك، والراجح والله أعلم أن الإمام مخير في قسمتها أو تركها حسب المصلحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم فتح بلادا كثيرة ولم يقسمها، وفتح خيبر وقسمها، فمن قسم فحسن، ومن لم يقسم فحسن وله في سنة النبي صلى الله عليه وسلم قدوة. انظر: بدائع الصنائع (6/92) والمدونة (1/13) والأم (4/181) وحاشية الروض المربع (4/284) والمحلى بالآثار (5/408) وزاد المعاد (3/117) .
جاء في البحر الرائق:
يجب على الإمام تقسيم الغنيمة ويخرج خمسها، وأربعة أخماسها للغانمين قال:(وعليه إجماع المسلمين)(1) .
وجاء في بداية المجتهد: اتفق المسلمون أن خمس الغنيمة للإمام وأربعة أخماسها للذين غنموها (2) .
وجاء في مشارع الأشواق:
(اتفقوا على أن من حضر الواقعة بنية الجهاد وهو ذكر حر بالغ مسلم صحيح، استحق السهم سواء قاتل أو لم يقاتل)(3) .
إذا تقرر أن أربعة أخماس الغنيمة للمجاهدين الذين حضروا القتال ممن هم أهل للجهاد فما نصيب كل منهم من الغنيمة؟
والجواب عن هذا يأتي في المسألة الثانية والثالثة إن شاء الله.
المسألة الثانية
سهم الفارس (4) من الغنيمة
اتفق الفقهاء (5) رحمهم الله تعالى - فيما أعلم - أن الفارس يفضل في سهمه على الراجل (6) جاء في الحاوي الكبير: لا اختلاف أن الفارس يفضل في الغنيمة على الراجل (7) .
(1) البحر الرائق (5/148، 149) .
(2)
بداية المجتهد (1/393) .
(3)
مشارع الأشواق (2/1038) .
(4)
راكب الخيل يسمى فارس، والفارس: صاحب الفرس وفرس فلان بالضم يفرس فروسة وفراسة إذا حذق أمر الخيل، انظر: لسان العرب مادة (فرس)(6/159) .
(5)
بدائع الصنائع (6/104) وفتح القدير (5/235) والمدونة (2/32) والمعونة (1/614) وروضة الطالبين (6/383) والمغني (13/85) وكشاف القناع (2/411) والمحلى بالآثار (5/392) .
(6)
الراجل خلاف الفارس، يقال: رجلت بفتح الراء وكسر الجيم أي بقيت راجلا دون مركوب والراجل الماشي. انظر: لسان العرب مادة (رجل)(11/269) والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/188) .
(7)
الحاوي الكبير (14/161) .
واختلفوا في مقدار التفضيل إلى قولين:
القول الأول: أن الفارس يعطي من الغنيمة ثلاثة أسهم؛ سهم له وسهمان لفرسه، وبهذا قال الجمهور (1) .
واستدلوا بما يلي:
1-
عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما)(2) .
قال ابن حجر رحمه الله: فيصير للفارس ثلاثة أسهم (3) .
2-
ولأن الفارس أكثر مؤنة من الراجل فوجب أن يزاد له في السهام (4) .
ونوقش قول الجمهور بما يلي:
1-
أن في ذلك تفضيلا للبهيمة على الآدمي وذلك غير جائز، لأن الاستحقاق بالقتال، والراجل يقاتل والفرس لا تقاتل وحدها، ولهذا كان القياس أن لا يسوي بينهم، وأن لا يستحق بالفرس شيئا لأنه من آلات الحرب، لكن الآثار اتفقت على تفضيله بسهم واحد فيأخذ بما اتفق عليه، ويبقى ما اختلف فيه على أصل القياس (5) .
2-
وأما اعتبار المؤنة في التفضيل فلا معنى له فصاحب الحمار والبغل يلتزم المؤنة ولا يستحق شيئا بذلك، وكذا صاحب الفيل والبعير (6) .
والجواب على هذه المناقشة
(1) المراجع السابقة.
(2)
صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد والسير، باب سهم الفرس، ح رقم (2863) وصحيح مسلم بشرح النووي كتاب الجهاد والسير، باب كيفية قسمة الغنيمة ح رقم (1762) .
(3)
فتح الباري (6/85) .
(4)
المعونة (1/614) .
(5)
المبسوط (10/420) وشرح السير الكبير (3/35) .
(6)
المرجعان السابقان.
أن الحنفية قد فضلوا الدابة على الإنسان في بعض الأحكام فقالوا: لو قتل كلب صيد قيمته أكثر من عشرة آلاف أداها، فإن قتل عبدا مسلما لم يؤد فيه إلا دون العشرة آلاف درهم (1) ثم إذا جازت المساواة بين البهيمة والآدمي في السهام فما الذي يمنع التفضيل (2) ؟
القول الثاني: يعطي الفارس سهما وفرسه سهما، فيكون للفارس سهمان، وهذا قول أبي حنيفة (3) .
واستدل (4) بحديث مجمع بن جارية الأنصاري (5)(أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر على أهل الحديبية (6) ثمانية عشرة سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما) (7) .
ونوقش هذا: بأنه يحتمل أنه أعطى الفارس سهمين لفرسه وأعطى الراجل سهما أي صاحب الفرس فيكون للفارس ثلاثة أسهم (8) .
ثم حديث ابن عمر أصح منه (9) قال ابن حزم: مجمع مجهول وأبوه كذلك (10) .
(1) اللباب في شرح الكتاب (3/168) ومختصر اختلاف العلماء (5/210) وفتح الباري (6/85) .
(2)
المحلى بالآثار (5/393) .
(3)
بدائع الصنائع (6/104) والبحر الرائق (5/149) .
(4)
ورد في ذلك آثار عدة لا تخلو من ضعف. انظر: سنن الدارقطني كتاب السير (4/59) والمحلى بالآثار (5/393) .
(5)
هو: مجمع بن جارية بن عامر بن مجمع، الأنصاري، الأوسي كان أبوه من المنافقين قيل إنه جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه ابنه يعقوب وابن اخته عبد الرحمن، مات في خلافة معاوية انظر: أسد الغابة (4/290) ت رقم (4673) وتهذيب التهذيب
…
(10/43) .
(6)
الذين كانوا في صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم انظر: عون المعبود (7/290) .
(7)
أخرجه أبو داود في سننه مع عون المعبود، كتاب الجهاد، باب فيمن أسهم له سهما، ح رقم (2733) قال في عون المعبود: هذه الرواية ضعيفة (7/290) وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب السير ح رقم (4133) ج (4/59) ورواه ابن حزم في المحلى وقال: مجمع مجهول وأبوه كذلك (5/393) وقال ابن معين، والنسائي، وأبو حاتم: لا بأس به، وقال ابن سعد: كان ثقة. انظر: تهذيب التهذيب (10/44) .
(8)
المغني (13/86) .
(9)
المرجع السابق.
(10)
المحلى بالآثار (5/393) .