الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
10- أبو محمّد الفتح بن سعيد الموصليّ
«13»
وتعرف بلدة فتح ب" الكاري"، وهي قرية بشرقي دجلة.
من أقران بشر الحافي.
رجل نفض من الدنيا يدا، وأعرض عن السّحب وهي تفيض ندا، وكان لأهل الطريقة
منه فتح قريب، ومنح منه غير غريب، وكانت له الأقضية مسخّرة، والأيام المزدهية به مفتخرة، وكان لو أومأ إلى الصخر لا نفلق، أو إلى الليل لأتلق، إلى حكم تتفجّر منابعها، وسفوح تفرح السّحب مرابعها، وجواهر كلمه عند القوم «1» في مخبّآت الصّدور مخزونة، وبحبّات القلوب موزونة.
قال إبراهيم بن عبد الله «2» : صدع فتح الموصلي؛ ففرح بذلك، وقال: يا رب! ابتليتني ببلاء الأنبياء؟!؛ فشكر هذا أن أصلي الليلة أربع مائة ركعة!.
وقال فتح:" أهل المعرفة: الذين إذا نطقوا فبه ينطقون، وإذا عملوا فله يعملون، وإذا طلبوا فمنه يطلبون، وإذا رغبوا فإليه يرغبون، أولئك خواصّ الله، السابقون المقرّبون".
وكان- رضي الله عنه في وقت ليالي الشتاء يجمع عياله، ويمدّ كساءه، ثم يقول:" [اللهم!] أفقرتني وأفقرت عيالي!، وجوّغتني، وجوّعت عيالي!، وأعريتني وأعريت عيالي!، [بأي] وسيلة أتوسّل إليك؟، وإنما تفعل هذا بأوليائك وأحبابك، فترى هل أنا منهم حتى أفرح؟."«3»
وسئل فتح الموصلي عن الصدق ما هو؟.
فأدخل يده في كير حداد، وأخرج الحديدة المحمّاة، ثم وضعها على كفّه، وقال:" هذا هو الصدق".
وقال:" صحبت ثلاثين شيخا كانوا يعدّون جميعهم من الأبدال، وكلّهم أوصوني عند
فراقي لهم، فقالوا:" إياك ومعاشرة الأحداث".
وقال أبو عبد الله بن الجلّاء: كنا في غرفة سريّ السّقطي ببغداد، فلما ذهب بعض الليل، لبس قميصا نظيفا، وسروالا، ورداء، وقام ليخرج، فقلت: إلى أين في هذا الوقت؟.
فقال: أعود فتحا.
فلما مشى في طرقات بغداد، أخذه العسس، وحبسوه، فلما أصبح أمروا بضربه مع المحبوسين، فلما رفع الجلّاد يده، وقفت فلم يقدر أن يحرّكها!، فقيل للجلّاد: اضرب.
فقال: حذائي شيخ واقف يقول: لا تضربه!!. فتقف يدي لا تتحرك!!. فنظروا؛ من الرجل؟. فإذا هو" فتح الموصلي" فأطلقوه، واعتذروا إليه، لأنهم لم يعرفوه.
وقال إبراهيم بن نوح الموصلي: رجع فتح الموصلي إلى أهله بعد العتمة، وكان صائما، فقال: عشّوني!. فقالوا: ما عندنا شيء نعشّيك به. قال: فما لكم جلوس في الظّلمة؟.
قالوا: ما عندنا شيء نسرج به!. فجلس يبكي من الفرح، وقال:" إلهي! مثلي يترك بلا عشاء؟!، ولا سراج!!، فأيّ يد كانت مني؟ ". فما زال يبكي حتى الصباح «1» .
وقال شعيب بن حرب: دخلت على فتح الموصلي أعوده، وهو مريض، فقلت له: يا أبا محمد! أوصني. فقال: أليس الإنسان إذا منع من الطعام والشراب يموت؟ قلت: نعم. قال:
" فكذلك القلب إذا منع من الذكر يموت".
وروي أنه دخل على بشر الحافي فقال له: يا أبا نصر! ابعث إلى السوق واشتر لنا خبزا جيدا، وتمرا جيدا. ففعل بشر ذلك. فأكل الفتح منه، وأكثر، وحمل الباقي «2» فقال بشر لمن كان عنده: أتدرون لم قال: اشتر خبزا جيدا، وتمرا جيّدا؟. فقالوا: لا. قال: لأن الطعام الصافي الجيّد يصفو لصاحبه عليه الشكر. ثم قال لهم: أتدرون لم أكثر الأكل؟. قالوا:
لا. قال: لأنه علم أني أفرح بأكله، فأراد أن يزيدني سرورا وفرحا. قال: أتدرون لم حمل