الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل كان من خاصة الأعسر، فلم يقدر على منازعته بالشرع ولا بغيره، ودخلنا عليه بكل أحد فلم ينزل لنا عن البيع، فذهبت أنا وأمي إلى الشيخ نجم الدين، وكنا لا نعرفه، ولكنا نسمع بخبره، ونعرف مكانته عند الناس، فحدّثناه لعلّه يكلّمه، أو يكلّم الأعسر لنا، فقال:
أما الأعسر فإني لا أعرفه، وأما هذا الرجل فأحدثه. ثم قام معنا حتى أتيناه، فقلنا له: هذا هو.
فسلّم عليه، ثم قال: من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه، وهؤلاء أحق بهذه الدار، والله قد قدّمهم للجوار وللخلطة، فدعها لهم. فقال: قد تركتها لهم- وما كان والله يعرفه- فذهبنا، فأتينا بالدراهم، ولم نبرح حتى تكاتبنا، وتسلّمنا المبيع، وأراحنا الله من ضرر جواره.
ثم إن ذاك الرجل كان يقول: والله ما أعرف كيف سحرني ذاك الشيخ؟. ولا يزال نادما على الإجابة للبيع.
توفي رحمه الله تعالى [.........]«1»
ومنهم:
76- علي السّقباويّ
الكردي الأصل، رجل عرف عرفانه، وألف السهر حتى جفت النوم أجفانه، وكان بطل كتائب، ورجل لقاء لا يخطي له صوائب.
كان يسكن بالمدرسة العزيزية «2» شمالي الكلّاسة، جوار جامع دمشق، في بيوت الداير الفوقاني.
وله كرامات ظاهرة، وأمور باهرة:-
منها: ما حدّثني به زين الدين عمر المشرف رحمه الله تعالى قال: كان أيدمر مملوك الصاحب عز الدين بن القلانسي قد أخذ بيتا من بيوت هذه المدرسة التحتانية، فأشرف عليه الشيخ يوما فرآه في ذلك البيت بكلوته «3» ولباس الجندية، فسأل عنه؟ فقيل له: هذا
مملوك الصاحب. فقال: قولوا له: هذه البيوت ما جعلت إلا للفقهاء، والفقراء، ومزاحمتك لهم وأنت من الجند الأغنياء ما يحل، فدع هذا البيت لمستحق.
فقالوا له، فلم تفد. فبعث يقول لسيده ذلك، فما أفاد، فغضب غضبا عظيما، وحنق حنقا مفرطا، واحمرّت عيناه، وقامت أوداج رقبته، وقال: إن كنت تلتقي يا ابن القلانسي التق، فو الله ما أصبر!. ثم بقي يقول: انقضى الشغل.
قال: فاتفق ما كان من إمساك كراي لابن القلانسي، وتضييقه التضييق الشديد عليه، فلما كان بعد مدة، رأيت أيدمر مملوك ابن القلانسي في ذل، مجرورا بين الأعوان، يكاد يسحب على وجهه، فرحمته، وذكرت قول الشيخ، فأتيته، فصادفته منبسطا، فقلت: يا سيدي! أنتم أهل رحمة وخير، وذكرت له حال ابن القلانسي، ولم أزل به حتى رقّ له، ودمعت عيناه، وقال: والله ما هذا النائب عن كراي إلا من الجبابرة، وهو أولى بنزول البلاء، اللهم فرّج عن ابن القلانسي، وأنزل بكراي ما أراد أن ينزل به من البلاء. قال: فو الله لم يمض إلا أسبوع حتى أمسك كراي، وآل أمر ابن القلانسي إلى الصلاح، ثم إلى الفرح.
وحدّثتني الحاجة صفية أخت البطاحي، وكانت ثقة، قالت: لما نزلت التتار على الرحبة، تعني سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، واشتد بالناس الأمر، وكثر الجفال، وتأخر العسكر المصري، عدمت القرار، وكنت أطلب الدعاء للمسلمين من كل من أعتقد فيه الصلاح، فاشتد الخوف بنا يوما، وكثرت الأراجيف، فأتيت أخت الشيخ علي السقباوي، وكانت في بيت إلى جانب بيته، فقلت لها: لو قلت للشيخ ليدعو للناس، فإنهم في خوف عظيم وشدة، وإلى الساعة ما صحوا من نوبة غازان. فقامت وأخذتني معها، وقالت: يا أخي! هذه امرأة مباركة، وقد قالت لي: كذا وكذا، فقال: يدبّر الله، يدبّر الله، وطرأ عليه حال ما استطعنا معه الثبات على المقام عنده، فخرجنا إلى بيت أخته، وجلسنا به هنيهة، نتحدّث في أحوال الناس، وإذا به قد صاح صيحة عظيمة منكرة، فقامت أخته إليه مزعجة، وقمت خلفها، فسمعته يقول: ائتني بخرق ليحشي به هذا الجرح، فهبت فأتيته بخرق، فكشف لها عن جرح دون ترقوته، قدر شبر، فقالت له: يا أخي! من أين هذا؟. فقال: هذا