الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
24- سهل بن عبد الله التّستريّ
«13»
أحد أئمة القوم، جهد لنفسه حتى خلّصها، وزهد فأبرها بالمعارف وخصّصها، فحلّ البحبوحة، وحصّل العطايا الممنوحة، وكان لله في أمره سرّ فيما يعلن ويسر، فلم تتقاذف به البحار، ولا استخرجته المهاق «1» فحار، بل كان إذا اتسعت له الفجاج سلكها، وإذا امتنعت عليه ملكها، فقاد نفسه بأعنّتها، وقال «2» بها في جنّتها، فنعم بالثناء، وفني بالخلد في دار البقاء.
لم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع. «3»
وكان صاحب كرامات. لقي ذا النون المصري بمكة، سنة خروجه إلى الحج.
وقال سهل:" كنت ابن ثلاث سنين، وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن
سوار «1» ، وكان يقوم بالليل، فربما كان يقول لي: يا سهل! اذهب فنم، فقد شغلت قلبي. «2»
قال سهل:" قال لي خالي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك؟.
فقلت: كيف أذكره؟.
فقال لي: قل بقلبك عند تقلّبك في ثيابك ثلاث مرات، من غير أن تحرّك به لسانك:" الله معي. الله ناظر إليّ. الله شاهد عليّ".
فقلت ذلك ثلاث ليال، ثم أعلمته، فقال لي: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته، فقال لي: قل في كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلت ذلك، فوقع في قلبي له حلاوة.
فلما كان بعد سنة، قال لي خالي: احفظ ما علّمتك، ودم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة. فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سرّي. ثم قال لي خالي يوما: يا سهل!، من كان الله معه، وهو ناظر إليه، وشاهده، أيعصيه؟. إيّاك والمعصية. «3»
فكنت أخلو، فبعثوا بي إلى الكتّاب، فقلت: إني لأخشى أن يتفرّق عليّ همّي، ولكن شارطوا المعلّم: أني أذهب إليه ساعة، فأتعلّم، ثم أرجع. فمضيت إلى الكتّاب، وحفظت القرآن، وأنا ابن ست سنين، أو سبع، وكنت أصوم الدّهر، وقوتي خبز الشعير، إلى أن بلغت اثنتي عشرة سنة، فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أهلي أن يبعثوني إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة، وسألت علماءها، فلم يشف أحد منهم عني شيئا!!.