الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسبب تلك العجوز بالشتنا «1» بهؤلاء القوم، وهؤلاء لهم واحد وقح ما يرتد، جرت بيننا وبينه حروب حتى رحّلناهم إلى اللعنة!. ولحقنا هذا الجرح في سبيل الله، فحشت جرحه وهو يشخب دما، وأنا أراه بعيني لا يخبرني بذلك مخبر.
ومنهم:
77- إبراهيم الصّبّاح
مشكاة أنوار، وروضة صلاح، لا تخفى لها أنوار.
انقطع بدمشق بالجامع الأموي مربيا لجماعته، وعونا على ما يخلو به المتعبد فيه من طاعته، وكان بالمأذنة الشرقية مشرقا لشموسها، ومحليا لها حلية عروسها، وكان رجلا منجمعا عن الناس، مستوحشا كأنه النمر أو الأسد. وكان كثير الصلاة والذكر، مواصلا لقيام الليل، وصيام النهار، ولا يقبل على أحد، ولا يختلط بأحد، يمشي في الجامع وكأنما يمشي على حذر، وكان لا يقبل لأحد شيئا فيما أعلم إلا صاحبنا بدر الدين بن العزازي، فإنه كان يبعث إليه من الطعام في كل يوم، ومن اللباس في كل سنة، بقدر حاجته، وكان يقبل ذلك منه، وحج معه، وكان عديله في المحمل.
حكى لنا ابن العزازي عنه قال: كنت لا أراه إلا كالسكران الطافح، وكنت لا أجسر على كلامه، وكان لا يسألني عن شيء من أحوال الناس ولا الطريق ولا المنازل، ولا غير ذلك. وكان يكثر من قوله:" يا دائم المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصى عددا، يا الله".
وآخر أمره أنه استدفأ بمجمرة فاحترق رحمه الله تعالى وغفر له، وذلك في يوم. [......]
ورثاه الأديب جمال الدين ابن نباتة بقوله «2» :
على مثلها فلتهم أعيننا العبرا
…
وتطلق في ميدانها الشهب والحمرا
فقدنا بني الدنيا فلما تلفتت
…
وجوه أمانينا فقدنا بني الأخرى
لفقدك إبراهيم أمست قلوبنا
…
مؤججة لا برد في نارها الحرّا
وأنت بجنات النعيم مهنّأ
…
بما كنت تبلي في تطلبه العمرا
عريت وجوّعت الفؤاد فحبّذا
…
مساكن فيها لا تجوع ولا تعرا
بكى الجامع المعمور فقدك بعد ما
…
لبثت على رغم الديار به دهرا
وفارقته بعد التوطن ساريا
…
إلى جنة المأوى فسبحان من أسرى
كأن مصابيح الظلام بأفقه
…
لفقدك نيران الصبابة والذكرى
كأن المحاريب القيام بصدره
…
لفرقة ذاك الصدر قد قوست ظهرا
مضيت وخلّفت الديار وأهلها
…
بمضيعة تشكو الشدائد والوزرا
فمن لسهام الليل بعدك إنها
…
معطلة ليست تراش ولا تبرا
ومن لعفاف عن ثرى وبني الورى
…
عبيد الأماني وانثنيت به حرّا
سيعلم كل من ذوي المال في غد
…
إذا نصبل الميزان من يشتكي الفقرا
عليك سلام الله من متيقظ
…
صبور إذا لم يستطع بشر صبرا
ومن ضامر الكشحين يسبق في غد
…
إلى غاية من أجلها تحمد الضمرا
أيعلم ذو التسليك أن جفوننا
…
على شخصه النائي قد انتثرت درّا
وأن الأسى كالحزن قد جال جولة
…
فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
ألا ربّ ليل قد حمى فيه من وغى
…
حمى الشام والأجفان غافلة تكرى
إذا ضحك السماء حجب ثغره
…
كذلك يحمي العابد الثغر والثغرا
إلى الله قلبا بعده في تغابن
…
إلى أن رأى صف القيامة والحشرا
لقد كنت ألقاه وصدري محرج
…
فيفتح لي يسرا ويشرح لي صدرا
وألثم يمناه وفكري ظاميء
…
كأني منها ألثم الوابل الغمرا
أمولاي إني كنت أرجوك للدعا
…
فلا تنسني بالخلد في الدعوة الكبرى
سقى القطر أرضا قد حللت بتربها
…
وإن كنت أستسقي برؤيتك القطرا
ومن كان يرجى منه في المدح أجرة
…
فإني أرجو في مدائحك الأجرا