الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
55- الشّيخ يونس بن يوسف بن مساعد الشّيبانيّ، المخارقيّ، المشرقيّ، القنيّيّ
«13»
شيخ الفقراء اليونسية. رجل لم يكن في التقوى محرّجا، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
«1» ، توالت عليه العصب، وقام له العدو وانتصب فردّ خائبا، وفرّ دون لقائه آئبا، فتوكل له ربه، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
«2» ، فكشف له الغطاء، ووكف له العطاء، وأنافت له غدر المواهب، وأشرقت به غدائر الغياهب، وكانت لياليه مشكاة لأنوار، ومشكاة لأوار، وعزائمه تسعّر لجج السيوف وتوقدها، وطائفته شاكية السلاح، شافية في أهل الصلاح، طالما حلّوا الدهر همما، وأشبهوا الصحاب دمما، واتّزروا بزيّ غريب من طرّة عجيب نظره، ولم يكن من انتموا إليه وارتموا عليه على طريقتهم التي سلكوها، وحقيقتهم التي ضيّعوها بعد أن ملكوها.
قال ابن خلّكان: [وسألت جماعة] من أصحابه عن شيخه من كان؟. فقالوا: لم يكن له شيخ؛ بل كان مجذوبا، وهم يسمون من لا شيخ له ب" المجذوب"، يريدون بذلك أنه جذب إلى طريق الخير والصلاح، ويذكرون له كرامات.
وقال ابن خلّكان «1» : أخبرني الشيخ محمد بن أحمد بن عبيد، كان قد رآه وهو صغير، وذكر أن أباه أحمد كان صاحبه، فقال: كنا مسافرين والشيخ يونس معنا، فنزلنا في الطريق على عين بوار، وهي التي يجلب منها الملح البواري، وهي بين سنجار وعانة، قال: وكانت الطريق مخوفة، فلم يقدر أحد منا أن ينام منشدة الخوف، ونام الشيخ يونس، فلما انتبه قلت له: كيف قدرت تنام؟. فقال لي: والله ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وتدرّك الفعل «2» . فلما أصبحنا رحلنا سالمين ببركة الشيخ يونس. «3»
قال: وعزمت مرة على دخول نصيبين، وكنت عند الشيخ يونس في قريته، فقال: إذا دخلت البلد فاشتر لأم مساعد كفنا، قال: وكانت في عافية، وهي أم ولده، فقلت له:
وما بها حتى نشتري لها كفنا؟. فقال: ما يضر، فذكر أنه لما عاد وجدها قد ماتت! «4» .
وذكر له غير هذا من الأحوال والكرامات. وأنشدني له مواليا، وهو «5» :
أنا حميت الحمي وانا سكنتو فيه
…
وأنا رميت الخلايق في بحار التيه
من كان يبغي العطا مني أنا اعطيه
…
أنا فتى ما أداني من به تشبيه
قال ابن خلّكان: وذكر لي الشيخ محمد المذكور أن الشيخ يونس توفي سنة تسع