الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال:" التصوف: رؤية الكون بعين النقص، بل غضّ الطرف عن كل ناقص، ليشاهد من هو منزّه عن كل نقص."«1»
وقال:" حقيقة الخوف ألا تخاف مع الله أحدا، والخائف الذي يخاف من نفسه أكثر مما يخاف من الشيطان". «2»
وقال:" الرضا ارتفاع الجزع في أي حكم كان."«3»
ومنهم:
34- أبو عليّ الرّوذباريّ
«13»
[ابن شهريار بن مهرذاذاز بن فرغدد بن كسرى] .
وهو من أهل بغداد، أحيا طريقة السلف وأنعشها، وأرعد الفرائص هيبة وأرعشها، وكان يقابل منه ليث عرين، وغيث دنيا ودين، لا يقتحم عليه عاب، ولا يؤمن له رقيب حضر أو غاب، إلى دماثة خلق، وأمانة ذكر له في طرق.
هذا وقد أطرح نفسه لمن يلومها، وتركها على غاية يرومها، فألحف كل طريد فضل
ظله، وآوى كل شريد من محل محله، فكان عالا، وكان فوق حمام الصالح جاها ومالا، ولم يعدم مستجير به احتماءه واحتماله.
وهو من أهل بغداد، سكن مصر، وكان شيخها، وبها مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
صحب الجنيد، والنوري، وأبا حمزة البغدادي، وحسنا المسوحي، ومن في طبقتهم من مشايخ بغداد. وصحب بالشام عبد الله بن الجلّاء.
وكان عالما، فقيها، حافظا للأحاديث، ظريفا، عارفا بالطريقة «1» وكان يفتخر بمشايخه «2» ويقول:" شيخي في التصوف: الجنيد. وفي الفقه: أبو العباس بن سريج «3» وأستاذي في الأدب: ثعلب «4» . وأستاذي في الحديث: إبراهيم الحربي «5» ".
وسئل عن الإشارة؟. فقال:" الإشارة: الإبانة عما يتضمّنه الوجد من المشار إليه، لا
غير. وفي الحقيقة، إن الإشارة تصحبها العلل، والعلل بعيدة من عين الحقائق." «1»
وسئل عن التصوف؟. فقال:" هذا مذهب كله جدّ، فلا تخلطوه بشيء من الهزل."«2»
وقال:" لا رضا لمن لا يصبر؛ ولا كمال لمن لا يشكر؛ وبالله وصل العارفون إلى محبته، وشكروه على نعمته."«3»
وقال:" لو تكلم أهل التوحيد بلسان التجريد، ما بقي محبّ إلا مات"«4» .
وسئل عن التوبة؟.
فقال:" الاعتراف، والندم، والإقلاع."«5»
وأنشد لنفسه:
روحي إليك بكلّها قد أجمعت
…
لو أن فيك هلاكها ما أقلعت
تبكي إليك بكلّها عن كلّها
…
حتى يقال: من البكاء تقطّعت
فانظر إليها نظرة بتعطّف
…
فلطالما متّعتها فتمتّعت «6»
وقال:" من رزق ثلاثة أشياء فقد سلم من الآفات: بطن جائع مع قلب قانع، وفقر دائم مع زهد حاضر، وصبر كامل مع قناعة دائمة".
وقال:" اكتساب الدنيا مذلّة للنفوس، وفي اكتساب الآخرة عزّها، فيا عجبا لمن يختار المذلّة في طلب ما يفنى على العزّ في طلب ما يبقى!."«7»
وقال:" إذا قال الصوفي بعد خمسة أيام: أنا جائع!، فألزموه السوق، ومروه بالكسب"«1» .
وقال:" كان أربعة في زمانهم:
واحد: لا يقبل من الإخوان ولا من السلطان، وهو: يوسف بن أسباط «2» ؛ ورث سبعين ألف درهم فما أخذ منها شيئا، وكان يعمل الخوص بيده.
والثاني: كان يقبل من الإخوان والسلطان جميعا، وهو: أبو إسحاق الفزاري؛ فكان ما يأخذه من الإخوان ينفقه في المستورين الذين لا يتحركون، والذي يأخذه من السلطان يخرجه إلى أهل طرسوس.
والثالث: كان يقبل من الإخوان، ولا يقبل من السلطان، وهو: عبد الله بن المبارك.
والرابع: كان يقبل من السلطان ولا يأخذ من الإخوان، وهو: مخلد بن الحسين، وكان يقول: السلطان لا يمنّ، والإخوان يمنّون! ".
وقالت فاطمة أخت أبي علي الروذباري:" لما قربت وفاة أخي كانت رأسه في حجري، ففتح عينيه، وقال:" هذه أبواب السماء قد فتحت، وهذه الجنان قد زيّنت، وهذا قائل يقول: يا أبا علي! قد بلّغناك الرتبة القصوى وإن لم تسألها، وأعطيناك درجة الأكابر وإن لم تردها"، ثم أنشأ يقول:
وحقّك لا نظرت إلى سواكا
…
بعين مودّة حتى أراكا
أراك معذّبي بفتور لحظ
…
وبالخدّ المورّد من جناكا
ثم قال لي:" يا فاطمة! الأول ظاهر، والثاني إشكال"«3»