الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحكى عنه جماعة من أهل القرية: أن السباع كانت تنام طول الليل جواز زاويته، وإذا خرج أحد من القرية في الليل إلى نهر عيسى، لم تتعرض له. وإنّ فقيرا نام في الزاوية في ليلة باردة، فاحتلم، ونزل إلى النهر ليغتسل، فجاء السّبع، فنام على جبّته، فكاد الفقير أن يموت من البرد والخوف، فخرج الشيخ، وجاء إلى السبع وضربه بكمّه وقال: يا مبارك! قد قلنا لك لا تتعرّض لأضيافنا!، فقام السّبع يهرول!.
توفي يوم عاشوراء، سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ودفن برباطه ب" الفارسية."«1»
ومنهم:
52- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن غليس
«13»
رجل كان ملاذا، وملجأ في النوائب ومعاذا، يصرخ صراخ السيوف، ويطل إطلال الضراغنم تحت السجوف، بسهام لا تردّ، وسمام كأنه من أنياب الأساود يستمد، إذا رمى رمية أنفذها، وإذا أرشف بريقه عضة أكيلة وقذها، فكان في انطلاقه لا يفادى، وفي أهل صداقته لا يعادى، يمدّ يدا له ما ردّت خائبة، ولا مدّت إلا إلى إجابة غير غائبة.
كان مقيما بكلّاسة دمشق.
وحكى عنه العلامة أبو الحسن السخاوي قال: سمعت ابن غليس يقول: كنت مسافرا مع قافلة، فرأيت في المنام كأنّ سبعا اعترضهم، فقطع الطريق عليهم، فوقفوا حائرين، فتقدّمت إليه وقلت: يا كلب الله!، أنت كلب الله، وأنا عبد الله، فاخضع، واخنع لمن سكن له ما في السماوات والأرض، وهو السميع العليم. فذهب، وانفتحت الطريق، ثم انتبهت، فسرنا قليلا، وإذا بالقافلة قد وقفت، فسألت: ما الخبر؟ فقيل: السّبع على الطريق.
فتقدّمت إليه، وهو مقع على ذنبه، فقلت ذلك الكلام، وتقدّمت إليه، فأدخلت يدي في فمه، وقلبت أسنانه!، وشممت منه رائحة كريهة.
قال السخاوي: فقلت له: إنه يأكل اللحم ولا يتخلل!. قال: وأدخلت يدي بين أفخاذه، فقلبت خصيتيه وإذا هي مثل خصي القط.
وقال الشيخ ميمون الضرير: أخبرني صاحب لابن غليس قال: أمرني ابن غليس بإيقاد السراج، ولم يكن به زيت، فأوقدت الفتيلة، فوقدت!. ثم أمرني في الليلة الثانية، فأوقدتها، فوقدت!. ثم أمرني في الليلة الثالثة بإيقادها، فقلت له: لا زيت في السراج!.
قال: وأيش فضولك في هذا؟، لو سكتّ لكان يقدها أبدا!.
وقال أبو القاسم الفضل: مات فرس لابن غليس، فحزن عليه كثيرا، فقيل له: كم تحزن عليه؟، غيره يقوم مقامه!.
فقال: إنه فرس صالح، كان معي في سفري بالعراق، فآواني الليل مع جماعة إلى قرية، وكانت ليلة باردة، ذات ريح، ومطر، فلم يقدّر لنا مكان نأوي إليه، إلا موضع صغير. فقلت لأصحابي: إن تركنا الفرس خارج البيت هلك بالبرد، وخفنا عليه، وإن أدخلناه معنا، خفنا من بوله وتلويثه الجماعة لصغر المكان!. فتقدّمت إليه وقلت له: نحن ندخلك معنا بشرط أن لا تفعل ما يتأذى به الجماعة من بول وغيره!. ثم أدخلناه، فبات ليلته لم يتحرك بحركة يتأذّى منها، ولم يبل. فلما أصبحنا، أخرجناه معنا، فلما صار خارج الباب، بال نحو قربة ماء.
وكان ابن غليس يقول عن نفسه:" ابن غليس ما يسوى فليس! ".
وتوفي رضي الله عنه يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ودفن قبلي قبر معاوية- رضي الله عنه بغرب مقبرة الباب الصغير.
رحمه الله تعالى. «1»