الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
20- أبو يزيد، طيفور بن عيسى بن آدم البسطاميّ
«13»
بطل جاهد نفسه في الله حقّ جهاده، وأحيا ليله ونهاره باجتهاد، وزهد حذرا من دنيا صدّقها كذب، وحقّها بيد الباطل منجذب، فكان لا يسيم إبله في وخيم مرعاها، ولا يطلق أمله في ذميم مسعاها، أبكاه منها الجؤار، وأشجاه «1» فيها سوء الجوار، فلم ينغب «2» من صفوها إلا رفقا، ولم ير من أخلاصها إلا مذقا «3» ، ففرّ منها الفرار من المجذوم، وقطع منها الفروع والجذوم. «4»
كانوا ثلاثة إخوة، آدم، وطيفور، وعلي، وكلّهم كانوا زهّادا، عبّادا، وأبو يزيد كان
أجلّهم [حالا] . «1»
سئل أبو يزيد: بأيّ شيء وجدت هذه المعرفة؟.
فقال: ببطن جائع، وبدن عار «2» .
وقال أبو يزيد:" عملت في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدت شيئا أشدّ عليّ من العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت، واختلاف العلماء رحمة، إلا في تجريد التوحيد."«3»
وقال:" لقد هممت أن أسأل الله تعالى أن يكفيني مؤنة الأكل، ومؤنة النساء، ثم قلت:
كيف يجوز لي أن أسأل هذا ولم يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه؟، فلم اسأله.
ثم إن الله سبحانه وتعالى كفاني مؤنة النساء، حتى لا أبالي استقبلتني امرأة أو حائط" «4» .
وسئل عن ابتداء زهده؟.
فقال: ليس للزهد منزلة.
فقلت: لماذا؟.
فقال: لأني كنت ثلاثة أيام في الزهد. فلما كان اليوم الرابع خرجت منه:
اليوم الأول: زهدت في الدنيا وما فيها.
واليوم الثاني: زهدت في الآخرة وما فيها.
واليوم الثالث: زهدت فيما سوى الله.
فلما كان اليوم الرابع لم يبق لي سوى الله تعالى، فهمت، فسمعت هاتفا يقول: يا أبا يزيد! لا تقوى معنا. فقلت: هذا الذي أريده.
فسمعت قائلا يقول: وجدت، وجدت. «1»
وقيل لأبي يزيد: ما أشدّ ما لقيت في سبيل الله؟.
فقال: لا يمكن وصفه.
فقيل له: ما أهون ما لقيت نفسك منك؟.
فقال: أما هذا فنعم؛ دعوتها إلى شيء من الطاعات، فلم تجبني، فمنعتها الماء سنة. «2»
وقال أبو يزيد:" منذ ثلاثين سنة أصلّي، واعتقادي في نفسي عند كل صلاة أصلّيها كأني مجوسي أريد أن أقطع زنّاري! «3» .
وقال أيضا:" لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتقي في الهواء، فلا تغترّوا به، حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود وأداء الشريعة". «4»
وذهب أبو يزيد ليلة إلى الرباط، ليذكر الله- سبحانه وتعالى على سور الرباط، فبقي إلى الصباح لم يذكر!، فقيل له في ذلك؟. فقال: تذكّرت كلمة جرت على لساني في حال
صباي «1» ، فاحتشمت أن أذكره سبحانه وتعالى. وقيل: لم يخرج أبو يزيد من الدنيا حتى استظهر القرآن.
توفي سنة إحدى وستين ومائتين، وقيل: سنة أربع وثلاثين. «2»