الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شخصا خارجا من باب حديقة، وهو يسوق بقرة، فهالني ذلك.
فلما جلس بي الشيخ، قال له الشيخ طيّ أو غيره: أيش كانت وظيفة ولد الشيخ عليك في هذه القومة؟. فلم ينطق.
فقال والدي: الشيخ عبد الله فرّج ولدي في إقليم الهند وجاء!. فسكت الشيخ غانم.
هذه الحكاية يرويها قاضي القضاة أبو العباس بن صصرى، والشيخ علاء الدين علي ابن شيخنا شمس الدين محمد سبط الشيخ غانم. «1»
وتوفي الشيخ غانم في غرة شعبان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ودفن في الحضرة التي فيها صاحبه ورفيقه الشيخ عبد الله الأرموي، بسفح قاسيون.
رحمه الله تعالى.
ومنهم:
60- عبد الله بن عبد العزيز اليونينيّ
«13»
من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني الكبير.
قمر طلع منيرا تماما، واقتلع ثبيرا وشماما، من قوم رفعوا عقوق الأعذار، ورقعوا خروق الأعمار، وطبعوا الكلام زبرا، وطمعوا بقول ربهم: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً
«2» ، فقدّموا لأيديهم، وتقدّموا والله يهديهم، وسعوا للآخرة سعيها، وسقوا رياض الأماني الفاخرة، فأحسنوا سقيها ورعيها، فأزلفت لهم الغرف ورضوان بوّابها، حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها.
كان صاحب كرامات ومجاهدات.
قال أبو العباس أحمد ابنه: عنّفني والدي مرة، وقال لما انزعج: والك أنا قضيت إلى يومي هذا صلاة أربعين سنة!.
قال ابنه: وحدّثني فقير قال: اقتات أبوك سنة بثلاثة دراهم، اشترى بدرهم دقيق، وبدرهم سمن، وبدرهم عسل «1» ، ولتّه وجعله ثلاثمائة وستين كبّة، كان يفطر كل ليلة على كبّة.
وقيل: إنه عمل مرة مجاهدة تسعين يوما، يفطر كل ليلة على حمّصة، حتى لا يواصل.
قال [الشيخ] إسرائيل بن إبراهيم: كان إذا دخل شهر رجب يتمارض الشيخ عبد الله ابن عبد العزيز، ويأكل في كل عشرة أيام أكلة!.
وقال الشيخ إبراهيم البطائحي «2» : كان في المزّة شابّ، وكان يشرب الخمر، وكان يحسن إلى جماعة المزة، فسألوا الشيخ عبد الله لعلّه يتوب، فقال الشيخ عبد الله:
أحضروه [لعلّه يتوب، وكان يحسن إلى جماعة المزّة] . «3»
فدعا بعض الجماعة الشيخ وأصحابه، وحضر الشاب وأنشد بعضهم أبياتا، وطاب الشيخ، وكان ثمة شمعة، فجعل الشيخ لحيته عليها، وبقيت النار تخرج من خلالها، وكان الشيخ كثّ اللحية، فلما رأى الشاب ذلك الحال، وقع على رجل الشيخ وتاب، وجاء منه رجل صالح، وكان كثير العبادة والخير.
قال: وأخبرني جماعة من أهل المزة: أنهم شاهدوا الشيخ والنار تخرج من خلال لحيته، وأن الشاب تاب. «4»
وقال مري بن أبي الفضل: أخبرني علي الشبلي، قال: احتاجت زوجتي إلى مقنّعة،
وطالبتني، فقلت: عليّ دين خمسة دراهم، فمن أين أشتري لك؟. فلما كان الليل نمت، فرأيت كأنّ قائلا يقول: إن أردت أن تنظر إلى إبراهيم الخليل فانظر إلى الشيخ عبد الله ابن عبد العزيز.
فلما أصبحت أتيته بقاسيون، فقال لي: والك يا علي! اجلس.
وقام إلى منزله، وعاد ومعه مقنّعة، وفي طرفها خمسة دراهم. فرجعت، وكان عندنا ورد، فجمعته المرأة وأتت به إلى بيت الشيخ عبد الله، فوجدت زوجته وما على رأسها سوى مئزر معقود تحت حنكها، رضي الله عنها. «1»
وحكى خادمه عباس، فقال: سافرت صحبة الشيخ إلى العراق، ومعنا جماعة، فلما أتينا ميافارقين، دخل الشيخ عبد الله مسجدا وكان ثمّ دكان فيها خياط سامري، فلما رأى السامريّ الشيخ دخل وقعد في رواق المسجد، فأنكر عليه بعض الجماعة، وأراد أن يخرجه، فقال له الشيخ: دعه، وإذا برجل قد دخل على الشيخ ودعاه إلى منزله، فقام الشيخ وأصحابه، والسامريّ، فلما صاروا في بيت الرجل أنشد بعض الجماعة أبياتا، قال: فضرب السامريّ بيده على رأسه، وقام إلى الشيخ، وأسلم، وصحبه.
وقال الشيخ يوما لزوجته: ما فرغ هذا الدقيق المشؤوم؟. قالت: ليس هو مشؤوم!، وقد رأينا فيه البركة. فقال: ويلك، وإلا دقيق ما يأكل منه فقير ما هو مشؤوم؟.
وكان إذا رأى فقيرا يقول: ما تجيء تعمل عندي في جبّ. فإذا أجاب قال: على شرط أي شيء جاءنا فتوح تأخذه. فكان إذا عمل الفقير عمق شبرين فإن أتي الشيخ بشيء دفعه إليه. فإذا راح عمد الشيخ فطمّ ما حفره الفقير.
توفي: في ثامن رجب سنة ثلاث وأربعين وستمائة. ودفن بقاسيون بالقرب من التربة المعظّمة. رحمه الله تعالى.