الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس أقاموا بلا قاض ثلاثة أشهر في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، ثم اختير في ذي القعدة أبو العباس ابن الحطيئة، فاشترط أن لا يقضي بمذهب الدولة، فلم يمكّن من ذلك، وتولى غيره. «1»
ومنهم:
88- ابن بلج
وأصله من مدينة قرطبة، وكان علم عرفان، إلى تعبّد عمر ما بين عرفات وعسفان، وتهجّد بكرى النجوم ولا يغمض له أجفان.
ذكره ابن عربي وقال: كان يطوف ويهدي لغيره، فخطر له يوما أن يطوف لنفسه أسبوعا واحدا، قال: فلما عقدت نية الطواف، وقعت ورمت النهوض فلم أستطع، فقلت:
" اللهم إني تائب إليك، وراجع إلى ما أقمتني فيه".
قال: فعند ذلك أطلقني الله للقيام، فقمت بوقتي، ورجعت إلى عادتي التي هداني الله لها. رحمه الله تعالى.
ومنهم:
89- أحمد بن عطاء الله أبو العبّاس
هبّ للمعارف رخّا، ووهب الدنيا لأهلها سخّا، وتألق نجما للمريد، ورخما للمزيد، وكان عالما معلّما، وعارفا يؤخذ عنه العرفان مسلما، إلى وقوف على الأسرار، ووقوف على قدم في الأسحار، وحضور قلب وشعور، ولب من الكلم كأنه شذور، وموارد حقيقية ورد مناهلها، وشعب طريقة توقى مجاهلها، فلم تزل به قدم، ولم يزل له في الإملاء قلم.
قال ابن عربي: سمعته يقول: ما ينبغي للذاكر أن يشتغل بمعاني الذكر، بل بالذكر، ويجعله تعبدا لا يعقل معناه، ويقول: هذه عبادة أمرت بها، وأنا ممتثل الأمر، فإذا اعتقد
الذاكر ذلك، كان الذكر يعمل بخاصيته، وما تقتضيه حقيقته".
وأنشد:
أهوى هواه وبعدي عنه يغيبه
…
فالبعد قد صار لي في حبه أربا
فمن رأى دنفا صبّا أخا شجن
…
ينأى إذا حبة من أرضه اقتربا
وقال: الذكر حجاب عن المذكور، ولكونه بمنزلة الدليل، والدليل متى أعطاك المدلول سقط عنك لتحققك بالمدلول، فمتى كنت مع المذكور فلا ذكر، ومتى رددت الباب وجب الذكر عليك، والذكر للقلب بمنزلة الصقال للمرآة، ليتحقق بالحق صفاؤه وجلاؤه.
وقال:" مثل الذاكر اللاهي كمثل من ينادي شخصا فإذا أجابه اشتغل عن سماعه، وكذلك الذاكر يأتيه المذكور فلا يجده حاضرا، وإنما الأصل المراقبة للمذكور، فمتى أجابك كنت معه، وهذا هو الأصل، والله أعلم".
وقال في معنى الحديث: (ما اتخذ الله وليا جاهلا)«1» : إن معناه أن الله سبحانه وتعالى إذا اختصّ له وليا نوّر قلبه، فكان على بصيرة من ربه".
وقال في معنى قوله: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
«2» قال: قيل لي في المنام: تدري ما الواحدة؟. إنما أعظك بنفسك والباء ها هنا باء السبب.