الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب في الزهد والأصول، وكتاب" الرعاية" له «1» توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين. «2»
ومنهم:
17- أبو تراب عسكر بن حصين النّخشبيّ
«13»
صحب حاتم الأصم، وأبا حاتم العطار البصري. «3»
اعتدّ لمسيره واعتنى، وشده لمصيره البيت وابتنى، فلم تجذبه الدنيا بخطامها، ولم تسلبه بحطامها، فما زال يفرّ من دناياها، ولا يقرّ خوفا من طروق مناياها، وطالما ظنّت أنها تسوّل له لبس ردائها المعار، وتحمل دائها والعار، والعناية قد أحاطت به من كل جانب، وأماطت
ردنه «1» من كلّ جاذب، فشرف مقاما، وشرق «2» عدوه ملاما، ولم يرمق الدنيا بمؤخر عين ولا مقدّم، ولا علق بمال معاهد ولا مسلم.
قال ابن الجلّاء: صحبت ستمائة شيخ، ما لقيت فيهم مثل أربعة: أولهم: أبو تراب النخشبي. «3»
قال أبو تراب:" الفقير قوته: ما وجده، ولباسه: ما ستره، ومسكنه: حيث نزل."«4»
وقال أيضا:" إذا صدق العبد في العمل وجد حلاوته قبل أن يعمله، فإذا أخلص فيه وجد حلاوته ولذّته وقت مباشرة الفعل."«5»
وقال:" ما تمنّت نفسي عليّ شيئا قطّ إلا مرّة واحدة «6» : تمنّت عليّ خبزا وبيضا، وأنا في سفري، فعدلت عن الطريق إلى قرية، فوثب رجل وتعلّق بي، وقال: كان هذا مع اللصوص!. فبطحوني، وضربوني سبعين خشبة، قال: فوقف علينا رجل صوفي، فصرخ، وقال: ويحكم!! هذا أبو تراب النخشبي، فخلّوني، واعتذروا إليّ، وأدخلني الرجل منزله، وقدّم لي خبزا وبيضا، فقلت «7» : كلها بعد سبعين جلدة!!. «8»
وقال يوما لأصحابه:" من لبس منكم مرقّعة فقد سأل، ومن قعد في خانقاه أو مسجد فقد سأل، ومن قرأ القرآن من المصحف، أو كيما يسمع الناس، فقد سأل. «1»
ونظر يوما إلى صوفيّ من تلامذته قد مدّ يده إلى قشر بطّيخ، وقد طوى ثلاثة أيام، فقال له أبو تراب:" تمدّ يدك إلى قشر البطيخ!؟ أنت لا يصلح لك التصوف، الزم السوق. «2»
وكان أبو تراب يقول:" بيني وبين الله عهد أن لا أمدّ يدي إلى حرام إلا قصرت يدي عنه. «3»
وكان- رضي الله عنه إذا رأى من أصحابه ما يكره زاد في اجتهاده، وجدّد توبته، ويقول:" بشؤمي دفعوا إلى ما دفعوا إليه، لأن الله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ
. «4»
وحكى ابن الجلّاء، قال: دخل أبو تراب مكة طيّب النفس، فقلت: أين أكلت أيها الأستاذ؟. فقال: أكلة بالبصرة، وأكلة بالنباج «5» ، وأكلة ههنا.
توفي سنة خمس وأربعين ومائتين. قيل: مات بالبادية، نهشته السباع. «6»