الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر حصار القصر وما قيل فى كيفية الاستيلاء عليه وانتقال الروم والقبط إلى الجزيرة
قال [1] : ولمّا انهزموا إلى القصر حصرهم عمرو بن العاص ومن معه حينا، وقاتلهم قتالا شديدا صباحا [2] ، ثم كتب إلى عمر يستمدّه، فأمّده بأربعة آلاف رجل، على كلّ ألف منهم رجل [وكتب إليه: قد أمددتك بأربعة آلاف] [3] على كلّ ألف رجل:
الزّبير بن العّوام والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصّامت، وسلمة بن مخلد، ومنهم من جعل بدل سلمة خارجة بن حذافة وقال عمر له فى كتابه: اعلم أنّ معك اثنى عشر ألفا، ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلّة. وقيل: إنّه لمّا أشفق عمر، أرسل الزّبير فى اثنى عشر ألفا، فلمّا قدم تلقّاه عمرو، ثم أقبلا، فركب الزّبير وطاف بالخندق، وفرّق الرّجال حوله، وألحّ عمرو إلى القصر، ونصب عليه المنجنيق. وأبطأ الفتح. فقال الزّبير: إنّى أهب نفسى لله وأرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين، فوضع سلّما إلى جانب الحصّن من ناحية سوق الحمام، ثمّ صعد، وأمرهم أنّهم إذا سمعوا التّكبير أن يجيبوه جميعا، فلم يشعر الرّوم إلّا والزّبير على الحصن يكبّر وبيده السّيف، وتحامل النّاس على السّلّم حتى
[1] ابن عبد الحكم 61.
[2]
ابن عبد الحكم: «يصبحهم ويمسيهم» .
[3]
من ابن لحكم.
خشى عمرو أن ينكسر بهم، فنهاهم، ولمّا صاروا بأعلى الحصن كبّروا جميعا، وأجابهم المسلمون من خارج الحصن، فما شكّ أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعا، فهربوا، فعمد الزّبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه، واقتحمه المسلمون؛ فحينئذ سأل المقوقس الصّلح على نفسه ومن معه؛ على أن يفرض للعرب على القبط دينارين على كلّ رجل منهم، فأجابهم عمرو إلى ذلك.
وكان مكثهم على باب القصر حتّى فتحوه سبعة أشهر، والله تبارك وتعالى أعلم.
قال ابن عبد الحكم: وقد [1] سمعت فى فتح القصر وجها آخر، ورواه بسنده إلى خالد بن يزيد، عن جماعة من التّابعين، يزيد حديث بعضهم على حديث بعض، قالوا: لمّا حصر المسلمون بابليون، وبه جماعة من الرّوم، وأكابر القبط وعليهم المقوقس، فقاتلهم شهرا، فلمّا رأى القوم الجدّ من المسلمين تنحىّ المقوقس وجماعة من أكابر القبط ورؤسائهم، وخرجوا من باب القصر القبلىّ، ودونهم جماعة يقاتلون العرب، فلحقوا بالجزيرة.
قال: وهى موضع الصّناعة اليوم، وأمروا بقطع الجسر، وذلك فى زمن زيادة النّيل، وتخلّف الأعيرج بالقصر بعد المقوقس، ثم تحوّل إلى الجزيرة فى السّفن. والله أعلم.
[1] ابن عبد الحكم 64 وما بعدها.