الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر فتح المدائن الغربية وهى بهرسير
كان [1] فتحها فى صفر سنة ستّ عشرة. وذلك أنّ سعد بن أبى وقّاص نزل عليها وحاصرها شهرين، ونصب عليها عشرين منجنيقا، وقاتل أهلها قتالا شديدا، وأرسل سعد الخيول، فأغارت على من ليس له عهد، فأصابوا مائة ألف فلّاح، فأرسل سعد إلى عمر يستأذنه، فقال: من جاءكم ممّن يعين عليكم فهو أمانهم، ومن هرب فأدركتموه فشأنكم به، فخلّى سعد عنهم، وأرسل إلى الدّهاقين ودعاهم إلى الإسلام أو الجزية ولهم الذّمّة؛ فتراجعوا.
قال: واشتدّ الحصار على أهل المدائن الغربيّة، حتى أكلوا السّنانير والكلاب، فبينما هم يحاصرونهم إذ أشرف عليهم رسول، فقال: يقول لكم الملك: هل لكم إلى المصالحة على أنّ لنا مايلينا من دجلة إلى جبلنا، ولكم ما يليكم من دجلة إلى جبلكم؟ أما شبعتم! لا أشبع الله بطونكم! فقال له أبو مفزّر الأسود بن قطبة، وقد أنطقه الله عز وجل بما لا يدرى لا هو ولا من معه، فرجع الرّجل، فقطع الفرس دجلة إلى المدائن الشّرقيّة الّتى فيها الإيوان، فقال له من معه: يا أبا مفزّر، ما قلت للرّسول؟ قال: والله ما أدرى [2] ، وأرجو أن أكون قد نطقت بالّذى هو خير [3] ، فنادى سعد فى
[1] أبن الأثير 2: 354، 355.
[2]
ابن الأثير: «والذى بعث محمدا يا لحق ما أدرى» .
[3]
بعدها فى ابن الأثير: «وسأله سعد والناس عما قال فلم يعلم» .
النّاس، فنهدوا إليهم [1] ، فما ظهر على المدينة [أحد][1] ولا خرج إلّا رجل ينادى بالأمان، فأمّنوه؛ فقال لهم: ما بقى فى المدينة أحد يمنعكم؛ فدخلوا فما وجدوا فيها غير الأسارى وذلك الرّجل، فسألوه: لأىّ شىء هربوا؟ فقال: بعث إليكم الملك بالصّلح فأجبتموه: ألّا صلح بيننا وبينكم أبدا حتى نأكل عسل أفريدون بأترجّ كوثى؛ فقال الملك: يا ويلتيه [3] ، إنّ الملائكة تكلّم على ألسنتهم ترّدّ علينا، فساروا إلى المدينة القصوى، ودخل المسلمون المدينة، وأنزلهم سعد المنازل. والله أعلم.
[1] نهدوا: هموا.
[2]
من ابن الأثير.
[3]
فى الأصول: «تأويله» ، وصوابه من ابن الأثير.