الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر جمع القرآن
كان سبب ذلك أنّ حذيفة بن اليمان كان قد توجّه مددا لعبد الرّحمن ابن ربيعة لحصار الباب، وكان مع سعيد بن العاص عامل الكوفة، فخرج معه سعيد بن العاص حتّى بلغ أذربيجان، فأقام حتى عاد حذيفه، فلمّا عادا ورجعا، قال لسعيد بن العاص: لقد رأيت فى سفرتى هذه أمرا لئن نزل بالنّاس ليختلفنّ فى القرآن، ثم لا يقومون عليه أبدا.
قال: وما ذاك؟ قال: رأيت أناسا من أهل حمص يزعمون أنّ قراءتهم خير من قراءة غيرهم، وأنّهم أخذوا القرآن عن المقداد، ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك، وأنّهم قرءوا على ابن مسعود، وأهل البصرة يقولون مثل ذلك، وأنّهم قرءوا على أبى موسى، ويسمّون مصحفه لباب القلوب.
فلمّا وصلوا إلى الكوفة أخبر حذيفة النّاس بذلك، وحذّرهم ما يخاف، فوافقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثير من التّابعين.
فتفاوض حذيفة، وابن مسعود، فغضب سعيد وقام، وتفرّق النّاس وسار حذيفة إلى عثمان، وأخبره بما رأى، وقال:
أنا النّذير العريان، فأدرك الأمّة.
فجمع عثمان الصّحابة وأخبرهم الخبر، فأعظموه، فأرسل إلى
حفصة بنت عمر رضى الله عنهما: أن أرسلى إلينا بالصّحف لننسخها وكانت هذه الصّحف هى التى كتبت فى أيّام أبى بكر رضى الله عنه، وكانت عنده ثم عند عمر، ثم كانت عند حفصة، فأخذها عثمان منها، وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزّبير وابن عبّاس وسعيد بن العاص وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها فى المصاحف.
وقال عثمان: إن اختلفتم فاكتبوا بلغة قريش؛ فإنّما نزل بلسانها.
قال زيد: فجعلنا نكتب؛ فإذا اختلفنا فى شىء جمعنا أمرنا على رأى واحد، فاختلفنا فى التّابوت، فقلت: التّابوه. وقال النّفر القرشيّون التّابوت. فأبيت أن أرجع إليهم، وأبوا أن يرجعوا إلىّ فرفعنا ذلك إلى عثمان، فقال: اكتبوا التّابوت.
قال زيد: وذكرت آية كنت سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أجدها عند أحد حتّى وجدتها عند خزيمة بن ثابت الأنصارىّ وهى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم. فإن تولّوا فقل حسبى الله لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم)[1] .
قال: وكتبت أربع نسخ، فبعث نسخة إلى الكوفة، وأخرى إلى البصرة، وأخرى إلى الشّام، وأمسك واحدة لنفسه، وأعاد الصّحف إلى حفصة، وأمر أن يحرق ما سوى ذلك.
[1] سورة التوبة 128، 129.