الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فارس، وعليهم الهربذ، فحالت الفرس بين المسلمين وبين سفنهم، فاقتتلوا قتالا شديدا بمكان يدعى طاوس، فقتل ابن السّوّار والجارود، وكان خليد أمر أصحابه أن يقاتلوا رجّالة، فقتلوا من الفرس مقتلة عظيمة، ثم خرجوا يريدون البصرة، ولم يجدوا فى الرجوع إلى البحر سبيلا، وأخذت الفرس عليهم طريقهم، فعسكروا وامتنعوا.
فلمّا بلغ عمر ما صنع العلاء، أرسل إلى عتبة بن غزوان يأمره بإنفاذ جيش كثيف إلى المسلمين بفارس قبل أن يهلكوا، وقال:
إنّى قد ألقى فى روعى كذا وكذا، نحو الّذى وقع، وأمر العلاء بأثقل الأشياء عليه، وهو تأمير سعد عليه.
فشخص العلاء إلى سعد بمن معه، وأرسل عتبة اثنى عشر ألف مقاتل، فيهم: عاصم بن عمرو، وعرفجة بن هرثمة والأحنف ابن قيس وغيرهم، فخرجوا على البغال يجنبون الخيل، وعليهم أبو سبرة بن أبى رهم حتى التقى بخليد، وتوالت الأمداد، ففتح الله على المسلمين، وأصابوا من المشركين ما شاءوا. والله تعالى أعلم.
ذكر وقعة نهاوند وفتحها
كانت [1] هذه الوقعة فى سنة إحدى وعشرين. وقيل: فى سنة ثمانى عشرة. وقيل: فى سنة تسع عشرة.
وكان الذى هيّج أمر نهاوند أنّ المسلمين لمّا خلّصوا جند العلاء، وفتحوا الأهواز، كاتب الفرس ملكهم، وهو بمرو، وحرّكوه،
[1] ابن الأثير 3: 2 وما بعدها، وتاريخ الطبرى 4: 114 وما بعدها.
فكاتب الملوك ما بين الباب والسّند وخراسان وحلوان، فاجتمعوا بنهاوند، ولمّا وصلها أوائلهم بلغ سعدا الخبر، فكتب به إلى عمر؛ وثار بسعد أقوام ووشوا به، وألّبوا عليه، وسعوا إلى عمر ولم يشغلهم ما نزل بالنّاس عنه.
فقال عمر: والله لا يمنعنى ما نزل بكم من النّظر فيما لديكم، وكان من عزل سعد ما نذكره إن شاء الله تعالى فى حوادث السّنين.
وقدم سعد على عمر، وقد استخلف على الكوفة عبد الله بن عبد الله عتبان، فأقرّه عمر.
قال: ونفرت ملوك الأعاجم لكتاب يزدجرد، واجتمعوا بنهاوند على الفيرزان فى خمسين ومائة ألف مقاتل. وكان سعد قد كاتب عمر بالخبر كما ذكرنا، ثم شافهه به لمّا قدم عليه، وقال له:
إنّ أهل الكوفة يستأذنونك فى الانسياح، وأن يبدءوهم ليكون أهيب لهم على عدوّهم.
فجمع عمر النّاس واستشارهم، وقال: هذا يوم له ما بعده، وقد هممت أن أسير فيمن قبلى ومن قدرت عليه، فأنزل منزلا وسطا بين هذين المصرين، ثم أستنفرهم فأكون لهم ردءا؛ حتى يفتح الله عليهم ويقضى ما أحبّ؛ فإنّ فتح الله تعالى عليهم صببتهم فى بلدانهم.
فقال له طلحة بن عبيد الله: يا أمير المؤمنين، قد أعلمتك الأمور، وعجمتك البلايا [1] ، واحتنكتك التّجارب، وأنت وشأنك، وأنت ورأيك، لا ننبو فى يديك، ولا نكلّ عليك، إليك هذا الأمر،
[1] ابن الأثير: «البلابل» .
فمرنا نطع، وادعنا نجب، واحملنا نركب، وقدنا ننقذ؛ فإنّك ولىّ هذا الأمر؛ وقد بلوت وجرّبت واختبرت، فلم ينكشف شىء من عواقب قضاء الله لك إلا عن خيار. ثم عاد فجلس.
فعاد عمر لمقالته، فقام عثمان بن عفّان رضى الله عنه، فقال:
أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشّام فيسيروا من شامهم، وإلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، ثم تسير أنت بأهل الحرمين إلى الكوفة والبصرة، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين؛ فإنّك إذا سرت [1] قلّ عندك ما قد تكاثر من عدد القوم. وقد كنت أعزّ عزا، وأكثر. يا أمير المؤمنين إنّك لا تستبقى بعد نفسك من العرب باقية، ولا تمتنع من الدنيا بعزيز، ولا تلوذ منها بحريز. إنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، فاشهده برأيك وأعوانك، ولا تغب عنه.
وجلس.
فعاد عمر بن الخطّاب رضى الله عنه لمقالته، فقام إليه علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، فقال: أمّا بعد، يا أمير المؤمنين، فإنّك إن أشخصت أهل الشّام من شامهم، سارت الرّوم إلى ذراريّهم، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم، سارت الحبشة إلى ذراريّهم، وإن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها، وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك أهمّ إليك ممّا بين يديك من العورات، والعيالات. [أقرر هؤلاء][2] فى أمصارهم، واكتب لأهل
البصرة أن يتفرّقوا ثلاث فرق، فرقة فى حرمهم وذراريّهم، وفرقة فى أهل عهدهم؛ حتى لا ينتقضوا، ولتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مددا لهم. إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك قالوا: هذا أمير العرب فى أصلها، فكان ذلك أشدّ لكلبهم [1] عليك. وأمّا ما ذكرت من مسير القوم فالله هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما تكره.
وأمّا عددهم، فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة؛ ولكن بالنصر.
فقال عمر: هذا هو الرأى، وكنت أحبّ أن أتابع عليه.
وقيل: إنّ طلحة وعثمان أشارا عليه بالمقام، والله تعالى أعلم.
ثم قال عمر: أشيروا علىّ برجل أولّيه ذلك الثّغر، وليكن عراقيّا. فقالوا: أنت أعلم بجندك، وقد وفدوا عليك. فقال:
والله لأولّينّ أمرهم رجلا ليكونّن أوّل الأسنّة إذا لقيها غدا. فقيل:
من هو؟ قال: النّعمان بن مقرّن المزنىّ. فقالوا: هو لها.
وكان النّعمان يومئذ معه جمع من أهل الكوفة قد افتتحوا جنديسابور والسّوس كما قدّمنا، فكتب إليه عمر رضى الله عنه يأمره بالمسير إلى ماه، فيجمع [2] الجيوش عليه، فإذا اجتمعوا سار بهم إلى الفيرزان ومن معه.
وقيل: بل كان النّعمان بكسكر، فسأله أن يعزله ويبعثه إلى جيش من المسلمين، فكتب إليه عمر يأمره بنهاوند، فسار، وكتب عمر
[1] ك: «لكلمتهم» .
[2]
ابن الأثير: «لتجتمع» .
إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان أن يستنفر [1] الناس مع النّعمان.
فندب النّاس، فخرجوا وعليهم حذيفة بن اليمان، ومعه نعيم ابن مقرّن، فقدموا على النّعمان، وتقدّم عمر إلى الجند الّذين كانوا بالأهواز أن يشغلوا الفرس عن المسلمين، وعليهم المقترب، وحرملة، وورقاء، فأقاموا بتخوم أصفهان، وقطعوا أمداد فارس عن أهل نهاوند، واجتمع النّاس على النّعمان، وفيهم حذيفة بن اليمان، وابن عمر، وجرير بن عبد الله البجلىّ والمغيرة بن شعبة، وغيرهم.
فرحل [النّعمان][2] وعبّى أصحابه وهم ثلاثون ألفا، فجعل على مقدّمته نعيم بن مقرّن، وعلى مجنّبته حذيفة وسويد بن مقرّن، وعلى المجرّدة القعقاع بن عمرو، وعلى الساقة مجاشع بن مسعود.
وقد توافت إليه أمداد المدينة، فيهم المغيرة بن شعبة، فانتهوا إلى الأسبيذهان، والفرس وقوف على تعبيتهم، وأميرهم الفيرزان، وعلى مجنّبته الزردق ويهمن جاذويه، وقد توافى إليه بنهاوند كلّ من غاب عن القادسيّة. فلمّا رآهم النعمان كبّر وكبّر معه النّاس، فتزلزلت الأعاجم، وحطّت العرب الأثقال، وضرب فسطاط النّعمان، فابتدره أصحاب الكوفة، من كان من أشرافها، فضربوه، منهم: حذيفة ابن اليمان، وعقبة بن عمرو، والمغيرة بن شعبة، وبشير بن الخصاصيّة، وحنظلة الكاتب، وجرير بن عبد الله البجلىّ، والأشعث بن قيس الكندى وسعيد بن قيس الهمدانىّ، ووائل
[1] ابن الأثير: «ليستنفر» .
[2]
من ص.
ابن حجر وغيرهم، فلم ير بناة فسطاط بالعراق كهؤلاء، وأنشب النّعمان القتال بعد حطّ الأثقال فاقتتلوا يومى الأربعاء والخميس، والحرب بينهم سجال، ثم انجحروا فى خنادقهم يوم الجمعة، وحصرهم المسلمون، وأقاموا عليهم ما شاء الله، والفرس بالخيار إن شاءوا خرجوا، وإن شاءوا أقاموا، فخاف المسلمون أن يطول أمرهم؛ حتى إذا كان يوم الجمعة تجمّع أهل الرأى من المسلمين، وقالوا:
نراهم علينا بالخيار، وأتوا النعمان فى ذلك، وهو يروّى فى الّذى رأوا فيه، فأخبروه، فبعث إلى من بقى من أهل النّجدات والرأى، فأحضرهم، وقال: قد ترون المشركين واعتصامهم بخنادقهم ومدنهم، وأنّهم لا يخرجون إلينا إلّا إذا شاءوا، ولا يقدر المسلمون على إخراجهم، وقد ترون الّذى فيه المسلمون من التّضايق، فما الرأى الذى به نستخرجهم إلى المناجزة، وترك التطويل؟
فتكلّم عمرو بن ثبىّ، وكان أكبر النّاس [يومئذ سنّا][1] ، وكانوا يتكلّمون على الأسنان، فقال: التّحصّن عليهم أشدّ من المطاولة عليكم، فدعهم وقاتل من أتاك منهم، فردّوا عليه رأيه [جميعا][2] .
وتكلّم عمرو بن معدى كرب فقال: ناهدهم وكاثرهم ولا تخفهم، فردّوا جميعا عليه رأيه، وقالوا: إنّما تناطح بنا الجدران، وهى أعوان علينا.
[1] من ابن الأثير.
[2]
من ابن الأثير.
فقال طليحة بن خويلد الأسدىّ: أرى أن تبعث خيلا مؤدية لينشبوا القتال، فإذا اختلطوا بهم رجعوا إلينا استطرادا، فإنّا لم نستطرد لهم فى طول ما قاتلناهم، فإذا رأوا ذلك طمعوا وخرجوا إلينا.
فقاتلناهم حتّى يقضى الله فيهم وفينا ما أحبّ، فأمر [النعمان] القعقاع بن عمرو، وكان على المجرّدة، فأنشب القتال، وأخرجهم من خنادقهم كأنّهم جبال من حديد، وقد تواثقوا [1] ألّا يفرّوا وقرن بعضهم ببعض، كلّ سبعة فى قران، وألقوا حسبك الحديد بينهم؛ لئلّا ينهزموا، فلمّا خرجوا نكص القعقاع، فاغتنمتها الأعاجم ففعلوا كما ظنّ طليحة. وقالوا: هى هى.
ولحق القعقاع بالنّاس، وانقطع الفرس عن حصنهم، وأمر النّعمان أصحابه أن يلزموا الأرض ولا يقاتلوا حتى يأذن لهم، ففعلوا، واستتروا بالحجف [2] من الرّمى، وأقبل المشركون يرمونهم حتى أفشوا فيهم الجراح، والنّعّمان ينتظر بالقتال أحبّ السّاعات كانت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك عند الزّوال، فلمّا كان قريبا من تلك الساعة ركب النّعمان فرسه، وسار فى النّاس يحرّضهم على القتال، ويذكّرهم ويمنّيهم الظّفر، وقال: إنّى مكبّر ثلاثا، فإذا كبّرت الثالثة فإنّى حامل، فاحملوا، فإن قتلت فالأمير بعدى حذيفة، فإن قتل ففلان، حتى عدّ سبعة آخرهم المغيرة، ثم قال: اللهمّ أعزز دينك بنصر عبادك. وقيل: بل قال: اللهمّ إنّى أسألك أن تقرّ عينى اليوم بفتح يكون فيه عزّ الإسلام، واقبضنى شهيدا.
[1] ابن الأثير: «توافقوا» .
[2]
الحجف: التروس من جلود بلا خشب.
فبكى النّاس ثم رجع إلى موقفه، فكبّر ثلاثا، والنّاس سامعون مطيعون مستعدّون للقتال، وحمل وحمل النّاس، وانقضّت رايته نحوهم انقضاض العقاب، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بوقعة كانت أشدّ منها، وصبر المسلمون صبرا عظيما، وانهزم الأعاجم، وقتل منهم ما بين الزّوال والإعتام ما طبّق أرض المعركة حتى زلق النّاس والدّوابّ فى الدماء، فلمّا أقرّ الله عين النّعمان بالفتح استشهد، زلق به فرسه فصرع. وقيل: بل رمى بسهم فى خاصرته فمات، فسجّاه أخوه نعيم بن مقرّن بثوب، وأخذ الرّاية وناولها حذيفة، وتقدّم إلى موضع النّعمان.
وقال المغيرة: اكتموا مصاب أميركم، لئلا يهن الناس، ودام القتال فى الفرس حتى أظلم اللّيل، فانهزموا، ولزمهم المسلمون وعمى عليهم قصدهم، فأخذوا نحو اللهب [1] الّذى كانوا دونه، فوقعوا فيه، فكان الواحد منهم يقع فيقع عليه ستّة، بعضهم على بعض فى قياد واحد فيقتلون جميعا، وعقرهم حسك الحديد، فمات منهم فى اللهب مائة ألف أو يزيدون سوى من قتل منهم فى المعركة.
وقيل: قتل فى اللهب ثمانون ألفا، وفى المعركة ثلاثون ألفا سوى من قتل فى الطّلب، ولم يفلت [2] إلّا الشّريد، ونجا الفيرزان من الصّرعى، فهرب نحو همذان، واتّبعه [3] نعيم بن مقرّن، وقدم
[1] اللهب: شق فى الجبل.
[2]
كذا فى ابن الأثير، وفى الأصول:«لم يقتل» .
[3]
ابن الأثير: «فاتبعه» .
القعقاع أمامه، فأدركه بثنيّة همذن، وهى إذ ذاك مشحونة من بغال وحمر موقرة عسلا.
فحبسه الدّوابّ [1] فلمّا لم يجد طريقا نزل عن دابّته، وصعد فى الجبل، فأدركه القعقاع، فقتله المسلمون على الثّنيّة، وقالوا:
إنّ لله جنودا منها العسل، واستاقوا تلك الدّوابّ بأحمالها، وسمّيت الثّنيّة ثنيّة العسل، ودخل المنهزمون همذان، والمسلمون فى آثارهم، فنزلوا عليها، وأخذوا ما جولها، فلمّا رأى ذلك خسر شنوم استأمتهم.
ولمّا تمّ الظّفر للمسلمين جعلوا يسألون عن أميرهم النّعمان، فقال لهم أخوه معقل: قد أقرّ الله عينه [بالفتح][2] وختم له بالشّهادة، فاتّبعوا حذيفة، ودخل المسلمون نهاوند يوم الوقعة [بعد الهزيمة][2] واحتووا على ما فيها من الأمتعة وغيرها وما حولها من الأسلاب والأثاث وجمعوه إلى صاحب الأقباض، وهو السائب بن الأقرع.
وانتظروا إخوانهم الّذين على همذان مع نعيم والقعقاع، فأتاهم الهربذ صاحب بيت النّار، وقال لحذيفة، أتؤمّننى ومن شئت، على أن أخرج لك ذخيرة لكسرى تركت عندى لنوائب الزّمان؟ قال نعم، فأحضر جوهرا نفيسا فى سفطين، فأرسلوهما [3] مع الأخماس إلى عمر رضى الله عنه بعد أن نفّل حذيفة منها، وأرسل ما بقى [4] مع السائب بن الأقرع الثّقفىّ.
[1] بعدها فى ابن الأثير: على أجله» .
[2]
من ابن الأثير.
[3]
ابن الأثير: «فأرسلهما» .
[4]
ابن الأثير: «البافى» .
قال السائب: فلمّا فرغت القسمة احتملت السّفطين، وجئت بهما إلى عمر، فإذا هو قد خرج يتوقّع الأخبار، وكان قد رأى الواقعة فبات يتململ، فقال ما وراءك؟ فقلت: فتح الله على المسلمين، واستشهد النّعمان بن مقّرن، فأعظم الفتح، واسترجع على النّعمان وبكى حتى نشج [1]، ثمّ أخبرته بالسّفطين فقال لى:
أدخلهما بيت المال حتّى ننظر فى شأنهما، والحق بجندك.
قال: ففعلت، وخرجت مسرعا إلى الكوفة، وبات عمر، فلمّا أصبح بعث فى أثرى رسولا، فما أدركنى حتى دخلت الكوفة، فأنخت بعيرى، وأناخ بعيره على عرقوب بعيرى، وقال، الحق بأمير المؤمنين.
قال: فركبت معه، وقدمت على عمر، فلمّا رآنى قال: مالى وللسائب! قلت: وماذا؟ قال: ويحك، والله ما هو إلّا أن نمت اللّيلة التى خرجت فيها، فأتت الملائكة تستحثّنى إلى السّفطين يشتعلان نارا، يقولون، لنكوينّك بهما، فأقول: إنى سأقسمهما بين المسلمين، فخذهما عنّى فبعهما فى أعطية المسلمين وأرزاقهم.
قال: فخرجت بهما فوضعتهما فى مسجد الكوفة، فابتاعهما منّى عمرو بن حريث المخزومىّ بألفى ألف درهم، ثم خرج بهما إلى أرض الأعاجم فباعهما بأربعة آلاف ألف، فما زال أكثر أهل الكوفة مالا.
قال: وكان سهم الفارس بنهاوند ستّة آلاف، والرّاجل ألفين.
[1] نشج الباكى: غص بالبكاء من غير انتحاب.