الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مسير خالد بن الوليد الى الشام وما فعل فى مسيره إلى أن التقى بجنود المسلمين بالشام
لما [1] ورد كتاب أبى بكر الصّديق رضى الله عنه إلى خالد بن الوليد، يأمره بالمسير إلى الشام فى نصف العسكر سار كما أمره، فلما انتهى إلى سوى أغار على أهله، وهم بهراء، وأتاهم وهم يشربون الخمر، ومغنيهم يقول:
ألا علّلانى قبل جيش أبى بكر
…
لعلّ منايانا قريب وما ندرى
ألا علّلانى بالزّجاج وكرّرا
…
علىّ كميت اللّون صافية تجرى
ألا علّلانى من سلافة قهوة
…
تسلّى هموم النفس من جيّد الخمر
أظنّ خيول المسلمين وخالدا
…
ستطرقكم قبل الصّباح مع النّسر
فهل لكم فى السّير قبل قتالهم
…
وقبل خروج المعصرات من الخدر [2]
فقتل المسلمون مغنّيهم، وسال الدّم فى تلك الجفنة، وأخذوا أموالهم، وقتل حرقوص بن النعمان البهرانىّ. ثم سار خالد حتى أتى أرك، فصالحوه، ثم أتى تدمر فتحصن أهلها، ثم صالحوه، ثم أتى القريتين، فقاتل أهلها وظفر بهم وغنم،
[1] ابن الأثير 2: 279 وما بعدها.
[2]
المعصرات: جمع معصر؛ وهى الفتاة التى دخلت فى شبابها.
وأتى حوارين [1] فقاتل أهلها فهزمهم، وسار حتى نزل ثنيّة العقاب، بالقرب من دمشق ناشرا رايته، وهى راية سوداء كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تسمّى العقاب، فسمّيت الثّنيّة بها، ثم سار فأتى مرج راهط [2] ، فأغار على غسّان، فقتل، وسبى، وأرسل سريّة إلى كنيسة بالغوطة، فقتلوا الرّجال، وسبوا النّساء، ثم سار حتى وصل إلى بصرى، وعليها أبو عبيدة ابن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبى سفيان، فجمع له صاحب بصرى، فسار إليه خالد هو وأبو عبيدة، فلقيهم خالد، فظفر بهم وهزمهم، فدخلوا حصنهم وطلبوا الصّلح، فصالحهم على كلّ رأس دينار فى كلّ عام، وجريب حنطة، فكانت بصرى أوّل مدينة فتحت بالشّام على يد خالد بن الوليد، وأهل العراق.
وبعث الأخماس إلى أبى بكر الصّديق رضى الله عنه. ثم سار فطلع على المسلمين فى شهر ربيع الآخر، وطلع باهان على الروم منذرا لهم.
واتفق قدوم خالد وقدوم باهان، ومع باهان القسيسون والشمامسة والرّهبان يحرّضون الرّوم على القتال، وخرج باهان، فولى خالد قتاله، وقاتل الأمراء من بإزائهم، ورجع [3] ماهان والرّوم إلى خندقهم، وقد نال المسلمون منهم، فلزموا خندقهم غاية شهرهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.